مقترح أممي لحل أزمة ليبيا... هل يقود إلى انتخابات في 2023؟
يقول المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، في تصريحات لـ-السياق-، إن المبادرات والمقترحات لحل الأزمة في ليبيا تعددت، إلا أنها تصطدم بالواقع الليبي المرير.

السياق "خاص"
تعهدات ووعود من الأطراف المحلية والدولية، بأن يكون 2023 عام الحل والانتخابات في ليبيا، إلا أن عراقيل عدة على الطريق، تفرض واقعًا مغايرًا لتلك التعهدات.
فالأزمة الليبية التي دخلت عامها الثاني عشر، من دون حل يلوح في الأفق، قد تقود أهم مرحلة في تاريخها، إلى مزيد من التأزيم، أو انفراجة مشروط بأمور يجب تحققها على أرض الواقع.
إلا أن تلك الانفراجة المتوقعة أمميًا ودوليًا، يبدو أن الطريق إليها طويل وصعب، خاصة بعد أن كشف المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باثيلي خطة أممية لليبيا، نفضت يدها من الأجسام السياسية الحالية باستثناء المجلس الرئاسي.
تلك المبادرة، التي تلاها المبعوث الأممي أمام مجلس الأمن مساء الاثنين، ترتكز على جمع الأطراف الليبية المعنية، بينهم ممثلو المؤسسات السياسية والشخصيات السياسية الرئيسة، وزعماء القبائل ومنظمات المجتمع المدني والجهات الأمنية، وممثلون للمرأة والشباب.
تتضمن المبادرة الأممية -كذلك- تسهيل اعتماد إطار قانوني وخريطة طريق بتوقيتات محددة لإجراء الانتخابات في 2023، إضافة إلى منصة لتعزيز التوافق على المسائل ذات الصلة، مثل أمن الانتخابات، واعتماد مدونة سلوك للمرشحين.
وعن سر توقيت طرح المبادرة، قال باثيلي لمجلس الأمن، إن العملية السياسية في ليبيا لا تزال تراوح مكانها، ولا تلبي تطلعات الليبيين الذين يسعون إلى تجديد مؤسساتهم وانتخاب ممثليهم، مشيرا إلى أن صبر الليبيين نفد، ويشككون في رغبة الأطراف السياسية الحالية في إجراء الانتخابات خلال هذا العام.
باثيلي أكد أنه أجرى مشاورات مع ممثلي المجتمع المدني والمكونات الثقافية والقادة القبليين، وأهم المسؤولين في الحكومة وأعضاء مجلسي النواب والدولة، مشيرًا إلى أنه تلقى وراجع عددًا من المقترحات المكتوبة والشفهية، التي قدمها الليبيون لمعالجة الأزمة.
ردود الفعل
تنوعت ردود الفعل على تلك المبادرة، فمندوب روسيا بمجلس الأمن فاسيلى نيبينزيا، قال إن موسكو تابعت المقترح الأممي، مشيرًا إلى أن بلاده ستدرسه بجدية.
وأوضح الدبلوماسي الروسي، أن بلاده تؤيد جهود المبعوث الأممي من حيث المبدأ، لإطلاق عملية انتخابية شاملة وشفافة، محذرًا من أن أي تسرع في تنظيم الانتخابات، لن يحل مشكلات ليبيا.
وأشار إلى أنه «ينبغي عدم غض الطرف عن إنجازات مجلسي النواب والدولة التي تحققت بشق الأنفس، ونحيي جهود مصر في هذا الصدد»، مؤكدًا أنه «لا يمكن العمل بصورة أحادية إذ سيؤدي ذلك إلى زيادة الانقسام»، في إشارة إلى المقترح الأممي.
شروط فرنسية
بدوره، قال مندوب فرنسا في مجلس الأمن، نيكولاس دي ريفيير، إن الاتفاق على أساس دستوري وخريطة طريق للانتخابات، أمر ضروري، مؤكدًا أن الحكومة الليبية يجب أن تكون موحَّدة لإجراء الانتخابات، والسيطرة على الحدود، وأن تكون رشيدة وتعمل لصالح الجميع.
وشدد على ضرورة مواصلة دعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة لإنشاء جيش موحد وتفكيك المليشيات، مشيرًا إلى أن بلاده خصصت 100 ألف دولار لتمويل جهود باثيلي لدعم اللجنة.
التزام أمريكي
الأمر نفسه أشار إليه مندوب الولايات المتحدة في مجلس الأمن، الذي أكد أن بلاده تؤيد وضع آليات لإجراء الانتخابات، كما ورد في كلمة المبعوث الأممي عبدالله باثيلي، مؤكدًا أن واشنطن ملتزمة بمساعدته.
وبينما أكد الدبلوماسي الأمريكي، أن المبعوث الأممي وضع خطة لعملية تشمل المؤسسات والقيادات السياسية على طاولة واحدة، ولا مكان لأي مخرب يحاول المساس بإرادة الشعب الليبي، أكد أن بلاده تؤيد جهود باثيلي للتعامل مع العملية الانتخابية، ووضع آليات أممية تدعم الانتخابات، لتسوية المسائل العالقة التي تحول دون عقدها.
هل يمكن أن تقود الخطة الأممية لحل؟
يقول المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن المبادرات والمقترحات لحل الأزمة في ليبيا تعددت، إلا أنها تصطدم بالواقع الليبي المرير.
وعن الواقع الليبي المر، أوضح المحلل الليبي، أن هناك مليشيات وتدهورًا أمنيًا في الغرب الليبي، إضافة إلى الدول المتدخلة في الأزمة، والأطراف التي تتصدر المشهد، التي تعارض إجراء أي انتخابات خوفًا من نجاح شخصيات وطنية.
وأشار المحلل الليبي إلى أن هناك حكومة الدبيبة المدعومة من الأتراك، مؤكدًا أنها تكرس وجودها واستمرارها، لأن إجراء الانتخابات سوف ينهيها.
وعن المقترح الأممي، قال المحلل السياسي الليبي، إنه رغم تلقيه الدعم من بعض الدول، فإن مقترحه هذا سيلقى مصير المقترحات السابقة نفسه، لأن الأزمة الليبية عميقة ومزمنة، ما يعني أنه لا حل يلوح في الأفق.
توقيتات محددة
وعن تضمن الخريطة توقيتات محددة لإجراء الانتخابات في 2023، قال إنه سيكون هناك خلاف كبير على تشكيل لجنة لتنفيذ الخريطة، ما يستغرق كثيرًا من الوقت، قد يحول دون إجراء الانتخابات، قبل قرابة ثلاث سنوات (إن أجريت).
واستبعد المحلل الليبي أن تكون هناك ثورة شعبية في ليبيا، لأن المليشيات المسلحة مسيطرة داخل العاصمة طرابلس، مشيرًا إلى أنه لن تتشكل حكومة مصغرة تقود ليبيا لإجراء الانتخابات، في ظل وجود حكومة الدبيبة.
بدوره، قال عضو المؤتمر الوطني العام السابق عبدالمنعم اليسير، في تصريحات لـ«السياق»، إن المقترح الأممي لن يستطيع جمع الأطراف الليبية على طاولة واحدة، إلا بعد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي ينص على خروج القوات الأجنبية والمرتزقة، وفك المليشيات وجمع السلاح، وتوحيد المؤسسة العسكرية.
وعن سر توقيت المبادرة، قال اليسير، إنها مجرد برنامج لا يختلف عن المبادرات والإحاطات السابقة، مشيرًا إلى أن توقيتات البعثة الأممية لم تعد لها مصداقية لدى الليبيين.
فرض عقوبات
أما عن إمكانية فرض عقوبات على المعرقلين، خاصة أن المقترح يتضمن تسهيل اعتماد إطار قانوني، قال عضو المؤتمر الوطني السابق، إن التهديد بالعقوبات لم تعد له جدوى، نتيجة عدم تطبيقها.
وأشار إلى أن الأزمة الليبية ستستمر إلى أن تقوم الانتفاضة الشعبية أو تدخل المنطقة في حرب واسعة النطاق، تغير خريطة المنطقة وربما العالم، كما حدث في الحربين العالميتين الأولى والثانية، مؤكدًا أنه ليس بالضرورة أن تكون هناك ثورة في ليبيا، على المدى القريب.
وعن إمكانية تشكيل حكومة مصغرة، قال اليسير، إن ذلك ممكن، بشرط موافقة الحكومة التركية ومن تحالف معها من الإخوان عليها.
في السياق نفسه، قال المحلل الليبي كامل المرعاش، في تصريحات لـ«السياق»، إن المبعوث الأممي «دخل في لعبة التسويف وإضاعة الوقت، للمحافظة على حالة الفوضى وعدم الاستقرار، استجابة لرغبة الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا».
غياب الإرادة الدولية
وحذر المحلل الليبي، من أن أي خطة جديدة تتعامل مع الشخصيات القديمة ستنتهي بالفشل، مشيرًا إلى أنه في غياب إرادة دولية، ومن دون وقفة القوى الوطنية الليبية، ستستمر هذه الحالة العشوائية، التي تجعل ليبيا دولة مسلوبة السيادة، وساحة تلعب فيها القوى الإقليمية والدولية.
وعن إمكانية جلوس الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة، قال المحلل الليبي إن الفرقاء في ليبيا كثر، مشيرًا إلى أن الذي يقف حجر عثرة أمام توافقهم هو ارتهانهم لقوى خارجية.
وأكد المحلل الليبي أنه مادامت هذه القوى الخارجية تنظر إلى عودة الاستقرار على أنه تهديد لمصالحها، لن تسمح لآلياتها الداخلية بأن تتنازل للتوافق الليبي.
الحل
وقال المرعاش، إن وصفة الحل في ليبيا، تتضمن معالجة القوة القاهرة، التي عطلت الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 24 ديسمبر 2019، مشيرًا إلى أن الإخفاق في ذلك يؤدي إلى تعثر إجراء الانتخابات، خاصة في ما يتعلق بثلاثة ملفات في غاية الأهمية...
أولًا: الوجود العسكري التركي على الأراضي الليبية.
ثانيًا: ترحيل المرتزقة الأجانب.
ثالثًا: تفكيك وإدماج الميليشيات المسلحة المسيطرة على طرابلس.
رابعًا: تشكيل حكومة وحدة وطنية مصغرة مهمتها الأساسية الإشراف على الانتخابات.
مفاجأة أممية
من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي فوزي الحداد، في تصريحات لـ«السياق»، إن المبعوث الأممي عبدالله باثيلي فاجأنا بما عرضه، وما يتضمنه مقترحه بالتخلي عن الأجسام الحالية، من مجلسي النواب والأعلى للدولة، والتعديل الثالث عشر.
وأوضح المحلل الليبي، أن المبعوث الأممي يريد أن يفرض حلًا من الأمم المتحدة، لكن البون شاسع بين القول والفعل، مشيرًا إلى أنه لا يعتقد أن يثمر مقترحه انتخابات في ليبيا، العام الجاري.
وعن قبول الأطراف الليبية لمقترحه، قال المحلل الليبي: «لا أتوقع أن تقبل الأطراف الليبية بالمبادرة، خاصة مجلسي النواب، والأعلى للدولة، اللذين همشهما المقترح الأممي»، مؤكدًا أن المبادرة تواجه صعوبات كبيرة جدًا.