هل تعيد الولايات المتحدة تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية؟
يتحرك الكونغرس لإعادة تطبيق العقوبات على المليشيات الحوثية في اليمن، في أعقاب الضربة التي شنتها الجماعة الإرهابية -المدعومة من إيران- على أبوظبي، والتي قوبلت بإدانة واسعة النطاق من إدارة بايدن والمشرِّعين الأمريكيين

السياق
«اختاروا طريق العنف ورفضوا التفاوض»، كلمات كانت جزءًا من رسالة وجَّهها عشرة نواب بالكونغرس الأمريكي، إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، لإعادة تصنيف مليشيا الحوثي جماعة إرهابية.
وأشار النواب العشرة، في رسالتهم، إلى سجل مليشيات الحوثي الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان، وبالاعتداء على المصالح الأمريكية في المنطقة، بل على سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، قائلين: إن الحوثيين لديهم سجل حافل باحتجاز أمريكيين ظلماً، إضافة إلى أنهم اقتحموا أواخر عام 2021، مجمع السفارة الأمريكية في صنعاء، وسجنوا العديد من الموظفين المعينين محليًا.
تلك الأعمال الإرهابية، لم يكن ليقدم عليها الحوثيون، إلا بعد أن «تلقوا التدريب والدعم المالي من الحرس الثوري الإيراني، الذي هو في حد ذاته مصنف منظمة إرهابية»، بحسب الرسالة التي أكدت أن المليشيات تواصل رفض جهود حُسن النية، للتفاوض على حل دبلوماسي، واختارت طريق العنف.
نشاط إرهابي
وأكد النواب العشرة، أن الحوثيين يستوفون المعايير القانونية لتصنيفهم جماعة إرهابية، فهم منظمة أجنبية تمارس نشاطًا إرهابيًا يهدد مصالح أمريكا ومواطنيها، إضافة إلى أنهم أطلقوا صواريخ على مطارات مدنية في مناسبات عدة، واستهدفوا البنية التحتية للطاقة المدنية، وهددوا الشحن الدولي، كما حدث في نوفمبر 2021، عندما أطلقت تلك الجماعة الإرهابية طائرات من دون طيار على مصافي النفط، في عدد من المدن السعودية منها جدة.
وكشفوا الآثار السلبية لقرار شطب المليشيات الحوثية من القوائم الإرهابية، مؤكدين أنه لم يجعل المنطقة أكثر أمانًا، ولم تتقدم عملية السلام المتوقفة، مشيرين إلى ضرورة تحمُّل المسؤولين عن عرقلة السلام مسؤولية أفعالهم، حال الرغبة بإحراز تقدم في معالجة عدم الاستقرار باليمن.
فإلغاء تصنيف الحوثيين، من دون أي تغيير جوهري في السلوك، يقوِّض مصداقية السياسة الخارجية المهمة، بحسب رسالة النواب العشرة، الذين طالبوا باستخدام كل أداة متاحة، لزيادة الضغط على المليشيات الحوثية.
وأشاروا إلى أن وضع الإدارة الأمريكية السابقة المليشيات الحوثية في قائمة الإرهاب، كان من شأنه زيادة عزلة الحوثيين، وكبح جماح تمويلهم وردع الدعم الأجنبي المباشر، وزيادة الوعي العام بأنشطتهم.
وأشارت الرسالة إلى موقف الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعرب خلاله عن استعداده للتراجع عن قراراه، قائلين: «مسؤولو الإدارة الأمريكية أعربوا عن استعدادهم لإعادة النظر في قرارك بشطب الحوثيين من قائمة الإرهاب، نؤيد التراجع عن هذا القرار وإعادة إدراج الحوثيين في القائمة».
وأكدوا أن الحوثيين يستوفون المعايير القانونية لتصنيفهم جماعة إرهابية، فهم منظمة أجنبية تمارس نشاطًا إرهابيًا يهدد المصالح أمريكا ومواطنيها.
الكونغرس يتحرك
وفي سياق متصل، يتحرك الكونغرس لإعادة تطبيق العقوبات على المليشيات الحوثية في اليمن، في أعقاب الضربة التي شنتها الجماعة الإرهابية -المدعومة من إيران- على أبوظبي، والتي قوبلت بإدانة واسعة النطاق من إدارة بايدن والمشرِّعين الأمريكيين.
وبحسب صحيفة ذا واشنطن فري بيكون، من المقرر أن يقدِّم السناتور تيد كروز وائتلاف من قادة السياسة الخارجية الجمهوريين، تشريعات جديدة لإعادة تصنيف المليشيات الحوثية منظمة إرهابية، وفقًا لنسخة من إجراءات العقوبات الجديدة.
من جانبه، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي جريجوري ميكس، إنه سينظر في إعادة تصنيف مليشيات الحوثيين على قوائم الإرهاب، بعد هجوم بطائرة من دون طيار على أبوظبي، الأسبوع الماضي.
وبينما عبَّـر المسؤول الأمريكي عن قلقه وإدانته استخدام الحوثيين الطائرات المسيَّـرة في هجوم أبوظبي، تعهد السياسي الأمريكي بالنظر إلى ذلك بعناية شديدة والتحدث إلى الإدارة.
كان الرئيس السابق دونالد ترامب، أدرج الحوثيين في قائمة الإرهاب الأمريكية أوائل العام الماضي، لكن هذا التصنيف تراجعت عنه الإدارة الأمريكية الحالية، في قرار عدَّه منتقدوه محاولة من الإدارة الجديدة، لإبداء حُسن النية مع إيران، قبل استئناف المحادثات النووية.
موجة جديدة
بعد الضربة الصاروخية على مطار أبوظبي الدولي، تواجه المليشيات الحوثية وداعموها الإيرانيون موجة جديدة من المعارضة في مبنى الكابيتول هيل.
وسيوجه الرئيس جو بايدن لتصنيف الحوثيين وجميع الشركات التابعة لهم منظمة إرهابية، في غضون 30 يومًا من إقرار القانون، إلا أنه مع انقسام مجلس الشيوخ بالتساوي على أسس حزبية، ومع ما أثاره هجوم الحوثيين الأخير من القلق، يمكن أن يجذب التشريع الديمقراطيين.
مشروع قانون كروز مدعوم من بعض كبار صقور السياسة الخارجية في مجلس الشيوخ، بمن في ذلك السيناتور توم كوتون (آر، آر)، ماركو روبيو وآخرون، ومن المتوقع أن يحظى بمزيد من المؤيدين في الأيام المقبلة.
وقال متحدث باسم كروز في تصريحات لصحيفة Free Beacon إن الرئيس بايدن جعل من أولوياته، في الأسبوع الأول من توليه الرئاسة، تخفيف الضغط عن إيران ووكلائها، بما في ذلك رفع العقوبات الإرهابية عن الحوثيين، إلا أن هذا الاسترضاء تسبب في تصعيد إيران عدوانها في جميع أنحاء المنطقة.
هجوم واسع
ففي اليمن شن الحوثيون هجومًا واسعًا، في غضون ساعات من إعلان إدارة بايدن أنهم سيرفعون تلك العقوبات، بحسب المتحدث باسم كروز، الذي قال إن السناتور الأمريكي انتقد القرار في ذلك الوقت، وسعى إلى إعادة فرض تلك العقوبات.
ووصف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، هجوم هذا الأسبوع بأنه إرهابي، ووعد بمحاسبة الحوثيين، رغم أن برايس لم يحدد تداعيات معينة.
وقال بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكين، إنهما يفكران في إعادة تصنيف الحوثيين بقائمة الإرهاب في ضوء الهجوم، وهو قرار من المؤكد أنه سيثير غضب إيران، بينما يعمل المسؤولون الأمريكيون على إصدار نسخة معدلة من الاتفاق النووي لعام 2015.
كان النائب الجمهوري بالكونغرس الأمريكي مايك جالاغر، قال في تصريحات صحفية، إن قرار إلغاء تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية كان خطأ منذ البداية، مشيرًا إلى أن الأدلة قاطعة على إرهاب الحوثيين، فالرئيس يحتاج إلى عكس المسار، والاعتراف بالواقع، وإعادة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.
بايدن يفكر
وفي 19 يناير أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن حكومته تفكر في إعادة تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية دولية.
وقال بايدن، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، إن الخطوة ستكون ردًا على الهجوم، الذي نفذته مليشيات الحوثي، على أهداف عدة في عاصمة الإمارات العربية المتحدة.
جاء هذا الإعلان بعد ساعات من مطالبة يوسف العتيبة، سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، إدارة بايدن بإعادة تسمية الرئيس في عهد ترامب.
كان الحوثيون قد احتجزوا سفينة ترفع علم الإمارات كرهينة، وأواخر العام الماضي، اقتحموا مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة اليمنية وسرقوا كميات كبيرة من المعدات والمواد.
كما اختطف الحوثيون موظفين يمنيين، كانوا يعملون في أرض السفارة، في أعقاب اختطاف العديد من اليمنيين الذين عملوا في البلاد لصالح الحكومة الأمريكية.
وأفادت التقارير بأن الصواريخ والطائرات من دون طيار، المستخدمة في هجوم الإمارات، أكثر تقدمًا من تلك المستخدمة في الهجمات السابقة، ما يشير إلى أن إيران لا تواصل تسليح المجموعة فحسب، بل تأمر بضربات أكثر فتكًا.