سباق مع الزمن.. الرئيس التونسي يصعِّد والنهضة تناور واتحاد الشغل على خط الأزمة

أحداث متلاحقة، تشهدها الساحة التونسية، مع تسارع قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال الفترة الاستثنائية، التي تهدف إلى ضبط أداء العمل الحكومي، ووضع أسس للإصلاح الاقتصادي، ومحاكمة الفاسدين، استجابة للحراك الشعبي.

سباق مع الزمن.. الرئيس التونسي يصعِّد والنهضة تناور واتحاد الشغل على خط الأزمة

السياق

أحداث متلاحقة، تشهدها الساحة التونسية، مع تسارع قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال الفترة الاستثنائية، التي تهدف إلى ضبط أداء العمل الحكومي، ووضع أسس للإصلاح الاقتصادي، ومحاكمة الفاسدين، استجابة للحراك الشعبي.

آخر تلك القرارات، إصدار الرئيس التونسي، قرارًا بتشكيل غرفة عمليات، لإدارة التعامل مع جائحة كورونا، تحت قيادة المدير العام للصحة العسكرية في الجيش التونسي.

كما أصدر قرارًا آخر، بإعفاء مدير عام التلفزيون الوطني من منصبه، وتكليف عواطف الدالي بتسيير المؤسسة مؤقتًا.

تأتي تلك القرارات، بعد ساعات من دعوة راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية، إلى عقد حوار وطني شامل بشأن الأزمة السياسية الراهنة، وهي الدعوة التي جاءت بعد إصدار اتحاد علماء المسلمين –الموالي للإخوان- فتوى تحريم قرارات الرئيس التونسي، في خُطوة أثارت غضبًا شعبيًا، واعتبار ذلك تدخلًا خارجيًا في الشؤون الداخلية للبلاد.

 

قرارات متأخرة

"قرارات الرئيس جاءت متأخرة"... هكذا يقول المحلِّل السياسي التونسي محمد ذويب لـ"السياق": إن قرارات "سعيد" التي بدأت منذ 25 يوليو جاءت متأخرة، لافتًا إلى ما تعانيه البلاد من أوضاع، كانت تنبئ بكارثة، وتهدِّد أمنها، حيث ارتفعت الوفيات بأعداد مخيفة، ولم يكن تعامُل الحكومة مع الأزمة الصحية، في مستوى تطلعات الشعب التونسي.

ويلفت ذويب، إلى أزمة خانقة تدفع البلد إلى المجهول، إذ رفعت الحكومة أسعار السلع الأساسية، مقابل تراجع القدرة الشرائية، وتدهور الدينار أمام العملات الأجنبية ومخزون البلاد من العملة الصعبة، وارتفاع التضخم والمديونية.

 

انفجار

ومن الناحية الاجتماعية، كان الوضع ينبئ بانفجار، فالتحرُّكات شملت كل الجهات والقطاعات، بسبب ارتفاع البطالة والفقر والجريمة، وغياب أي أفق لحلحلة الأوضاع، ما دفع الشعب إلى الخروج للشارع 25 يوليو.

هذا الوضع الاجتماعي، الذي وصفه "ذويب" بـ" المتردي" كان بسبب تأزُّم الوضع السياسي وصراع السُّلطات الثلاث، خاصة ما كان يجري في البرلمان، من صراعات بين بعض النواب والكتل، ما أفقد البرلمان وتونس بصفة عامة هيبتها، وأضاف: "لذا كان لزامًا حدوث تغيير، وهو ما أقدم عليه الرئيس عشية عيد الجمهورية، الذي رغم أنه جاء متأخرًا نسبيًا، فإنه يعبِّـر عن تطلعات التونسيين وآمالهم".

ويرجع المحلِّل السياسي التونسي، عدم إعلان الكيانات السياسية والمنظمات الوطنية، دعمها لقرارات الرئيس الاستثنائية لحراك "25 يوليو" إلى ما يعانيه العقل السياسي في تونس، لاسيما الهوة الواسعة التي تفصله عن الشعب والشارع التونسي، خاصة الشباب، الذيين يبحثون عن نظام بديل، يعبِّـر عنهم وعن تطلعاتهم، ويهتم بمشكلاتهم.

 

المحاسبة قبل الحوار

"المحاسبة ومعاقبة كل من أجرم في حق التونسيين مهما كان اسمه"... الشرط الذي وضعه محمد ذويب، المحلِّل السياسي التونسي، لقبول الشارع بالحوار الوطني وإجراء انتخابات جديدة، ويمكن في ذلك الاستناد إلي تقرير دائرة المحاسبات، الصادر منذ سنة، الذي رفضت الحكومة الخوض فيه، إلي جانب تحييد وسائل الإعلام ودور العبادة، وفتح ملفات الجمعيات المشبوهة والموالية لأحزاب، وضرورة مراجعة القانون الانتخابي وتركيبه الهيئة الوطنية لمراقبة الانتخابات، إضافة إلى فتح ملفات الفساد المعطَّلة.

ويري "ذويب" أن مَنْ اصطف مع قيس سعيد، بعد تفعيله الفصل 80 من الدستور، سيتمتع بحظوظ كبيرة في ربح الانتخابات، لأنه استجاب لتطلعات التونسيين في التغيير.

ويرى المحلِّل السياسي التونسي، أن إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل، دعمه للرئيس، كان متوقَّعًا، نظرًا لأنه كان ولا يزال صمام الأمان تاريخيًا، وأضاف: "سبق للاتحاد أن حذَّر من تردي الأوضاع في تونس، ودعا الجميع إلى تحمُّل مسؤوليتهم، وطالب بالتغيير، لذلك من الطبيعي أن يساند الاتحاد رئيس الجمهورية في قراراته، ويقف إلى جانب تونس وشعبها".

 

مجبر على الدعم

لكن محمد الأسعد الحاج صالح، الناشط السياسي التونسي، يختلف مع "ذويب"، موضحاً لـ"السياق" أن اتحاد الشغل لم يجد خيارًا آخر غير مساندة الرئيس، بحسب قوله.

وحمَّل الاتحاد مسؤولية كبيرة، في ما جرى منذ ما يسمى "الربيع العربي" حتى الآن، من قرارات وصفها بـ"العشوائية" أضرت بالاقتصاد الوطني.

ويري صالح، أن حركة النهضة أجرمت بحق الثورة التونسية، خلال السنوات العشر الماضية، وبحق الشعب التونسي، الذي اعتبرها أصل المشكلات السياسية والاجتماعية، لافتًا إلى أن الشارع التونسي، يرفض الحوار الذي دعا إليه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، ويرى ضرورة إزاحتها من المشهد السياسي، عبر انتخابات تعقب محاسبة الفاسدين، بالقانون والمحاكمات العادلة.

المحلِّل السياسي محمد ذويب، يرى أن الحوار مع حركة النهضة، لابد أن يكون على أرضية تخدم التونسيين ورغبتهم في التغيير، وبعد محاسبة كل مَنْ أجرم في حق تونس وشعبها، سواء كانوا أشخاصًا أو أحزابًا أو منظمات، ثم بعدها ينطلق الحوار بشكل جديد، مشيراً إلى أن الحوارات القديمة كرَّرت المشكلات نفسها، ولم تقدِّم الحلول، بل ضيَّعت سنوات من عمر التونسيين، مستشهدًا بما أكده الرئيس التونسي -أكثر من مرة في مناسبات مختلفة- أنه لا حوار مع الفاسدين.