بعد الاعتراف بدونيتسك ولوغانسك.. ما خيارات بوتين الأخرى؟

مع دخول القوات الروسية دونباس، لا يزال لدى الكرملين طرق عدة لممارسة الضغط على كييف والغرب

بعد الاعتراف بدونيتسك ولوغانسك.. ما خيارات بوتين الأخرى؟
فلاديمير بوتين

ترجمات - السياق

في الوقت الذي أعلن فيه فلاديمير بوتين قراره، الاعتراف بمنطقتين انفصاليتين تدعمهما موسكو شرقي أوكرانيا، وجه الرئيس الروسي تهديدًا واضحًا للغرب بأن خياراته لم تنته.

"عندما يرتفع مستوى التهديد لبلدنا بشكل كبير، فإن لروسيا الحق في اتخاذ إجراءات مضادة لضمان أمنها"، هذا ما قاله بوتين، في خطاب غاضب وغير مترابط، استمر ساعة.

ورأت "فايننشال تايمز" في تقرير، أن إرسال القوات الروسية في عملية "حفظ سلام" إلى جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، يدفن اتفاقيات مينسك لمحاولة إنهاء الصراع، الذي أودى بحياة أكثر من 14000 شخص منذ عام 2014.

لكن بوتين، الذي حشد ما يصل إلى 190 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، ألمح إلى أنه يفكر في "جميع الخيارات الإضافية" التي تحذر الدول الغربية، من أنها قد تنتهي بهجوم واسع النطاق على كييف.

 

 ضغط دبلوماسي

خلال جلسة تلفزيونية استثنائية، استجوب بوتين كبار مسؤوليه عن موقفهم من الاعتراف بالانفصاليين.

ومع احتمال نشوب حرب مع أوكرانيا، ظهر بعض مستشاريه الأكثر تشددًا غير مرتاحين بشكل واضح، إذ اقترح نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن، على بوتين تأجيل الاعتراف "يومين أو ثلاثة أيام" واستخدم التهديد كوسيلة ضغط لإجبار أوكرانيا على "وقف إراقة الدماء".

 ورغم أن بوتين مضى قدمًا في الاعتراف بالانفصاليين، فإنه يمكن ملاحظة أنه يعوِّل على المخاوف من نشوب حرب في المستقبل، لتأمين تنازلات من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

وبالعودة الى التاريخ، نجد أن التسوية القائمة على الوضع الحالي، تشبه تداعيات الحرب الروسية في جورجيا عام 2008، عندما أرسلت قوات لحماية الجيوب الانفصالية في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وقتها أنهت النتيجة تطلعات جورجيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي و"الناتو"، لكنها حالت -بفضل تدخل فرنسا- دون هجوم روسي على العاصمة تبليسي.

وقال مسؤول كبير سابق في الكرملين، إن الاعتراف بالانفصاليين وتمزيق اتفاقيات مينسك، قد يرضيان أهداف بوتين في الوقت الحالي.

 

سيطرة روسية

يسيطر الانفصاليون، الذين تعترف بهم روسيا، على لوغانسك ودونيتسك، المقاطعتين الأوكرانيتين في منطقة دونباس الشرقية، لكن المسؤولين الانفصاليين في لوغانسك طالبوا بأن تسحب أوكرانيا قواتها من الأجزاء التي تسيطر عليها كييف في المقاطعة، وهددوا بأنهم "سيتخذون إجراءات لاستعادة وحدة أراضي الجمهورية" إذا تم تجاهلها، بحسب "فايننشال تايمز".

كان فلاديمير كولوكولتسيف، وزير الداخلية الروسي، ألمح إلى احتمال الاعتراف بـ "الحدود التاريخية" للانفصاليين عام 2014 التي شملت دونباس قبل "احتلالها من القوات المسلحة الأوكرانية".

وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن المراسيم والمعاهدات الروسية بشأن الاعتراف -نُسخت أجزاء منها تقريبًا حرفياً من اعتراف بوتين بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية عام 2008- مثل عدم تحديد أي حدود للانفصاليين.

وظهر ذلك في أن المسؤولين الروس قدَّموا إجابات متضاربة عما يعنيه مرسوم بوتين.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين للصحفيين، إن موسكو اعترفت "بالحدود التي أعلِن الاستقلال فيها، وامتنع عن الخوض في التفاصيل.

 لكن أندري رودنكو، نائب وزير الخارجية، قال للصحفيين، إن روسيا تعترف بالانفصاليين "داخل الحدود التي يؤدون واجباتهم وصلاحياتهم فيها".

 

إخفاء الخسائر

ورغم أن القوات الروسية كانت هناك طوال فترة الصراع، فإن الكرملين نفى أنه كان طرفًا فيه، رغم الأدلة الدامغة على عكس ذلك.  وحتى عندما أصبحت هذه الادعاءات أقل مصداقية، سمح التعتيم لروسيا بتصوير الحرب على أنها "حدث بين الأوكرانيين" وإخفاء الخسائر في قواتها.

وقالت "فايننشال تايمز" إن المعاهدات بين موسكو والانفصاليين، التي جرى توقيعها في حفل شارك فيه بوتين، ستسمح لروسيا بإقامة قواعد عسكرية في الأراضي الانفصالية وحراسة حدودها.

وذكرت أن وجود القوات الروسية، يثير المخاوف من احتمال أن تعلن موسكو أن قواتها تعرضت لإطلاق نار أو هجوم أوكراني، فقد سبق أن دعمت أجهزة الأمن والتلفزيون الحكومي في موسكو، مزاعم الانفصاليين الخالية من الأدلة، بأن أوكرانيا كثفت نيران المدفعية و"الهجمات الإرهابية".

وزعمت روسيا أنها تبادلت إطلاق النار مع القوات الأوكرانية، للمرة الأولى في الصراع المستمر منذ ثماني سنوات، وقتلت خمسة "مخربين" أوكرانيين رُصدوا على الجانب الروسي من الحدود.

 كذلك زعم ألكسندر بورتنيكوف، مدير جهاز الأمن الفيدرالي، الذي خدم إلى جانب بوتين، منذ أيامهم في لينينغراد كي جي بي في السبعينيات، أنهم أسروا جنديًا أوكرانيًا.

 وأشارت "فايننشال تايمز" إلى أن الادعاء بأن القوات الروسية اشتبكت مع مسلحين أوكرانيين، سبق أن حذرت منه الولايات المتحدة باعتباره "مزاعم زائفة"، ومن المحتمل أن يستخدمها بوتين ذريعة لاستعادة دونباس، أو شن عملية أكبر ضد أوكرانيا.

وبينما كان المشرعون يستعدون للتصويت في مجلس الدوما، كانوا يشاهدون مقطع فيديو لخطاب ألقاه في ديسمبر فلاديمير جيرينوفسكي، الذي توقع تحركات بوتين حتى بالساعة تقريبًا، وألمح إلى أي مدى يمكن أن يكون مستعدًا لفعل المزيد.

وقال جيرينوفسكي:" سيكون عامًا تصبح فيه روسيا عظيمة أخيرًا مرة أخرى، وعلى الجميع أن يصمتوا ويحترموا بلدنا".