كيف أصبح بايدن أحد أقل الرؤساء الأمريكيين شعبية؟

شعبية بايدن بدأت التراجع مع انتشار متحور دلتا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، واستمرت في الانحدار بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، حيث قُتل 13 جنديًا أمريكيًا في تفجير انتحاري بمطار كابل.

كيف أصبح بايدن أحد أقل الرؤساء الأمريكيين شعبية؟

ترجمات - السياق

بعد 12 شهراً فقط من وصوله إلى البيت الأبيض، أصبح الرئيس الأمريكي جو بايدن، من أكثر رؤساء الولايات المتحدة افتقارًا للشعبية.

وقالت صحيفة غارديان البريطانية، إن العديد من بنود أجندته المحلية مازالت معطلة في الكونغرس، بل ويعرقلها أعضاء من حزبه، فضلًا عن أن فيروس كورونا بدأ الخروج مجددًا عن نطاق السيطرة، وارتفعت الإصابات اليومية إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى دخول عدد أكبر من الأمريكيين المستشفيات، أكثر من أي مرحلة منذ بدء انتشار الوباء.

إضافة إلى ذلك، بلغ تضخم أسعار السلع أعلى مستوياته منذ 40 عاماً، كما فشلت المحادثات الدبلوماسية حتى الآن بانتشال روسيا من حافة الحرب مع أوكرانيا.

 

حالة يُرثى لها

وعن أسباب تراجع شعبية بايدن، قالت سارة لونجويل، الخبيرة الاستراتيجية الجمهورية المناهضة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: هناك عنصر لا علاقة لجو بايدن به، أنه مجرد وقت عصيب يمر على البلاد.

وعلى مدى أشهر، تراجعت الآراء الموافقة على سلوك بايدن إلى 42%، بينما أظهر استطلاع للرأي لشركة كوينيبياك الأسبوع الماضي، أن شعبية بايدن وصلت إلى حالة يُرثى لها، على حد تعبير "غارديان" إذ وصلت إلى 33%..

وأشارت الصحيفة، إلى أن بايدن جاء إلى المنصب بطموحات كبيرة، إذ وعد بالتخلص من تهديد الفيروس المميت، ودخول حقبة جديدة من الحكم سريع الاستجابة والحزبي في واشنطن.

إلا أنه -حسب "غارديان"- بعد عام واحد فقط، مازال بايدن يواجه جائحة مستمرة، وأمة منقسمة، وحزبًا جمهوريًا يحتضن "الكذبة الكبيرة" القائلة إن "دونالد ترامب فاز في انتخابات 2020".

 

تراجع كبير

وتعليقًا على ذلك، نقلت "غارديان" عن بيل جالستون، الزميل في معهد بروكينجز، الذي عمل أيضًا مستشارًا لسياسة البيت الأبيض للرئيس السابق كلينتون، قوله: "عندما يُخيّب الرئيس الآمال، فهذه مشكلة كبيرة".

وأوضح جالستون، أن الإدارة الأمريكية "لم تتعامل جيدًا مع التوقعات المرجوة منها" في ما يتعلق بفيروس كورونا، ففي يوليو الماضي، أعلن بايدن باستحياء "التخلص" من وباء كورونا، لكن سرعان ما ثبت عدم صحة إعلانه بوصول متحور دلتا سريع الانتشار.

وأضاف: "الآن مع وصول متحور أوميكرون، تغيرت لهجة الرئيس ومعاونيه بمن فيهم أنتوني فاوتشي مستشار البيت الأبيض، الذي حذر من أن المتحور الجديد سيصيب الجميع، كما أكد بايدن في أن القضاء على الفيروس مستبعد، لكن يمكن السيطرة عليه".

وتابع أن هذا هو الحال بالنسبة للناخبين المتأرجحين، الذين اعتقدوا أن بايدن سيمثل حلقة الوصل في عصر الانقسام العميق، وبالنسبة للديمقراطيين الذين وعدهم بايدن بأجندة تشريعية طموحة، رغم امتلاكهم هوامش ضئيلة في الكونغرس.

أما سارة لونجويل، الخبيرة الاستراتيجية الجمهورية المعتدلة، التي أصبحت مؤيدة صريحة لبايدن العام الماضي، فلاحظت تراجع التأييد للرئيس بين الناخبين، في مجموعات التركيز التي عقدتها العام الماضي.

وأوضحت أنه عندما طلبت من العديد من الناخبين الذين تحدثت إليهم، بمن فيهم الديمقراطيون، تصنيف السنة الأولى لبايدن، أعطى المستطلعون تقييمات تتراوح بين الجيد والمقبول والضعيف.

وعلقت لونجويل على هذه النتيجة بالقول: الدرجات لم تكن انعكاسًا لشعبية بايدن، لكن للاستياء المشترك مع دخول الجائحة عامها الثالث واستمرار تزايد التضخم.

 

تبرير البيت الأبيض

وعن تبرير البيت الأبيض لتراجع شعبية بايدن، قدمت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين بساكي، تفسيرًا مماثلًا قائلة: "الناس مرهقون في جميع أنحاء البلاد، فالفيروس يؤثر في طريقة عيشهم وعملهم".

وأضافت: "هناك مخاوف بشأن أطفالهم، وقدرتهم على تجربة أشياء مبهجة في الحياة، مثل الحفلات الموسيقية والذهاب إلى المطاعم ورؤية الأصدقاء".

وأشارت "غارديان" إلى أن شعبية بايدن بدأت التراجع مع انتشار متحور دلتا في جميع أنحاء الولايات المتحدة، واستمرت في الانحدار بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، حيث قُتل 13 جنديًا أمريكيًا في تفجير انتحاري بمطار كابل.

وبينت، أنه رغم أن أغلبية الأمريكيين فضلوا انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، فإن المشاهد الحزينة من كابل، عندما سيطرت طالبان على السلطة، قوَّضت التصورات عن بايدن كخبير محنك في السياسة الخارجية، وأنه سيعيد مكانة أمريكا على المسرح العالمي.

وتعليقًا على ذلك، قال جالستون: "إن الطريقة التي غادرنا بها أفغانستان وجهت ضربة إلى الصورة العامة للرئيس من حيث الخبرة والكفاءة، الأمر الذي كان له تأثير مازال باقيًا".

 

التجديد النصفي

وتشير الصحيفة، إلى أنه فى 8 نوفمبر المقبل، ستجرى انتخابات التجديد النصفي، وسط توقعات بتغيير السيطرة على أحد مجلسى الكونغرس أو كليهما، موضحة أنه بشكل عام تسير الانتخابات النصفية بشكل سيئ بالنسبة لحزب الرئيس.

فتاريخياً -حسب الصحيفة- يميل الناخبون إلى معاقبة حزب الرئيس في أول انتخابات تجريبية بعد تولي إدارة جديدة السلطة، لكن الهزائم تميل إلى أن تكون أكثر حدة عندما لا يحظى الرئيس بشعبية، فوفقاً لاستطلاع رأي مؤسسة غالوب، شهد الرؤساء الذين تقل نسبة تأييدهم عن 50% خسارة أحزابهم في المتوسط 37 مقعداً في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي.

وأشارت النتائج إلى أن العاطفة التي تحركها المقاومة، والتي دفعت انتصارات الديمقراطيين خلال عهد ترامب تلاشت، وربما كان أكثر ما يزعج الديمقراطيين هو شعور الناخبين العميق بالضيق، ورغم حملة التطعيم الضخمة وتريليونات الدولارات من أموال الإغاثة، يشعر الناخبون الآن بسوء حالة الجائحة والاقتصاد أكثر مما كانا عليه في رئاسة ترامب.

وأوضحت "غارديان" أن قلة من الناخبين يمنحون بايدن الفضل في استثمار تريليون دولار في البنية التحتية للبلاد، أو تمرير خطة الإنقاذ الأمريكية، التي منحت معظم الأمريكيين شيكاتٍ من الأموال وخفضت معدلات الفقر.

وتعليقًا على ذلك، نقلت الصحيفة عن سيليندا ليك، وهي مستطلعة رأي ديمقراطية مخضرمة، قولها: "إنه وضع مثير للسخرية، حيث السياسات أكثر شعبية من السياسيين، وهو أمر نادر للغاية، فعادةً ما يكون العكس".

 

إحباط ديمقراطي

ورأت "غارديان" أنه وسط جمود أجندته، أصبح الديمقراطيون مُحبَطين من بايدن، مشيرة إلى أنه منذ أشهر، دق المشرعون والناشطون الديمقراطيون ناقوس الخطر من أن الرئيس يفقد الدعم بين القطاعات الرئيسية في ائتلاف الحزب، مشددين على أنه "ينزف" الدعم بين الناخبين الشباب، الغاضبين من عدم اتخاذ أي إجراء بشأن تغيُّر المناخ والرعاية الصحية وإعفاء الطلاب من ديونهم.

وتقول الصحيفة، إن الناخبين من أصل إسباني لم يعودوا يثقون في تعامل بايدن مع الجائحة والاقتصاد، وهو إنذار للديمقراطيين أنفسهم، بينما يتراجع الدعم بين الناخبين السود، الذين كانوا حاسمين في فوز بايدن، لكنهم أُصيبوا بخيبة أمل، بسبب عدم إحراز تقدم في حقوق التصويت وإصلاح جهاز الشرطة.

ورغم خروج بعض المتغيرات في الساحة عن نطاق سيطرة بايدن، قالت سيليندا ليك إنه لا يزال هناك متسع من الوقت والفرص، لتحسين وضعه قبل انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، وقالت إن نبرة الرئيس الجديدة الجريئة كانت بداية جيدة، من شأنها أن تساعد في "تنشيط" الديمقراطيين، وتابعت: "إنه في وضع القيادة الآن".

من جانبها، قالت لوريلا برايلي، الرئيسة المشاركة للمجموعة التقدُّمية Community Change Action لـ "غارديان": إن الناخبين بحاجة إلى أن يروا بايدن يكافح نيابةً عنهم.

وحسب الصحيفة، فقد حثت برايلي، الرئيس على استخدام كل أداة تنفيذية تحت تصرفه، لتخفيف الضغوط المالية التي تواجه ملايين الأمريكيين، مثل إلغاء ديون الطلاب، بينما يواصل الضغط من أجل المضي قدمًا في خطة "إعادة البناء الأفضل" التشريعية وإصلاح حقوق التصويت ونظام الهجرة.

وقالت برايلي إن جزءاً من التحدي الذي يواجه بايدن، هو إقناع الجمهور المحبط بأن "المستقبل لا يزال أمامه"، وأضافت: "كافحوا من أجل الناس، قدِّموا لهم ما يريدون، ثم تأكدوا أنهم يعرفون ما حدث، فالأمر بهذه البساطة حقاً".