مسلسلات الـ 15 حلقة... العودة إلى أصل الدراما
المنتج جمال العدل في تصريحات لـ السياق: من الصعب تقليص دراما رمضان عن 15 حلقة بسبب الإعلانات

تقرير: حسن حمدي سليم
على مدى سنوات، تربع قالب الـ 30 الحلقة، على عرش المسلسلات الرمضانية، لكن شيئًا فشيئًا اهتز العرش، لحساب نمط الـ 15 حلقة، الذي يُزيد صناع الدراما رقعته بوتيرة متسارعة خلال الفترات السابقة، حتى احتل نحو ثلث الخريطة الرمضانية لعام 2023.
وتزايد نمط المسلسلات القصيرة 15 حلقة فأقل، مع تنامي دور منصات البث الرقمية عربيًا، لاسيما أوقات الحجر الصحي لكورونا، وبات حاضرًا معظم أوقات السنة، ثم تسرب للموسم الرمضاني، الذي احتكرته مسلسلات الشهر الكامل سنوات، حتى أنه عام 2010 عندما كُسرت قدم أحمد مكي، خلال تصوير الجزء الأول من مسلسل "الكبير قوي" واضطر الصناع إلى عرض 15 حلقة فقط، لم تجد القنوات حينذاك ما تعرضه، خلال النصف الثاني من رمضان، فأعادت عرض المسلسل.
أما عام 2023 فتضم قائمة أعمال الـ 15 حلقة مسلسلات "تحت الوصاية، ورسالة الإمام، وكشف مستعجل، وعلاقة مشروعة، وجت سليمة، وعودة البارون، ورمضان كريم2، والصفارة، ومذكرات زوج، وحضرة العمدة، ورشيد، وكامل العدد، وتلت التلاتة، والهرشة السابعة وبطن الحوت"، إضافة إلى مسلسلي الكتيبة 101 المكون من 20 حلقة، و"حرب" ذي الـ 10 حلقات.
أساس الدراما
التنوع في عدد الحلقات، وتزايد المسلسلات القصيرة، فسرهما أهل الفن في مصر وفي مقدمتهم الفنان والمخرج المسرحي محمد أبوداود، بالعودة إلى أصل الدراما، عندما كانت المسلسلات القصيرة البطل الرئيس للشاشة الصغيرة، وقالب الـ 30 حلقة ضيف الشرف.
ويوضح أبو داود، في تصريحات خاصة لـ " السياق"، أن تقديم المسلسلات القصيرة، سواء الـ 15 حلقة أم السُباعيات أم الخٌماسيات، كان أساس الدراما في مصر مع عرض مسلسل أو اثنين من 30 حلقة في رمضان، وغالبًا ما تتنوع موضوعاتها بين التاريخية والدينية و"الفوازير".
في السياق ذاته يؤكد المنتج جمال العدل، أن أهم ما قُدم في تاريخ الدراما المصرية، أعمال عُرضت على قدر استيعاب نصها من دون إطالة، ولم تصل إلى 30 حلقة، إلا إذا كان الموضوع يتحمل عرضه في 30 حلقة.
مسلسل ليالي الحلمية، الذي يعد الأبرز في تاريخ الدراما المصرية، لم يتعد جزأه الأول 18 حلقة، وعُرض الجزء الثاني على 25 حلقة، كذلك الحال مع "رأفت الهجان" الذي لم يُقدم أيًا من أجزائه الثلاثة في 30 حلقة، والحال نفسه مع "الشهد والدموع" والجزء الأول من "المال والبنون"، وغيرها من علامات الدراما المصرية.
صراع الورقة البيضاء
وأشار العدل، في تصريحات خاصة لـ " السياق"، إلى أن الكاتب الراحل أسامة أنورعكاشة، أول من قدَّم قوالب الثلاثين حلقة وما يزيد عليها، بسيناريوهات متماسكة وخطوط درامية متزنة بلا تطويل، وعُرضت في رمضان، فصارت شركات الإعلانات تجبر الصناع على تقديم مسلسلات 30 حلقة لا أقل ولا أكثر.
السيناريوهات المتماسكة، التي شق بها الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة الطريق نحو القوالب الثلاثينية، ذابت أمام ضرورة تقديمها أيًا كان المضمون، تحت ضغط شركات الإعلانات.
ويوضح الناقد الفني طارق الشناوي، أنه مع بداية الألفية الجديدة ظهر مفهوم المط والتطويل، بعد عروج الكتاب إلى ملء المسلسلات بأحداث ثانوية، لكسب مزيد من الوقت على الشاشة الصغيرة، تصل بهم إلى عتبة الحلقة 30، وهو ما أطلق عليه الشناوي "صراع الورقة البيضاء" أي أن يضطر الكاتب لملء الورقة البيضاء "بأي كلام" -على حد وصفه- فيضر بعملية الإبداع.
ويضيف، في تصريحات خاصة لـ " السياق"، أنه مع تنامي دور منصات البث الرقمية في السنوات الأخيرة، ظهرت أعمال درامية من حلقات أقل، كسرت النمط العام لـ"الثلاثينيات"، وأصبحت دراما على قدر استيعاب النص أيًا كان عدد الحلقات 7 أو 8 أو 12 أو غيرها، وهو ما عده الشناوي أكبر مكسب من المنصات.
تسويق المحتوى
ويوضح أن المتلقي أصبح أكثر إدراكًا ووعيًا، ويحصل على ما يريد، من خلال مسلسلات لا تتقيد بعدد من الحلقات، وأنه من الضروري ألا تخضع الدراما للتسويق بالزمن وبعدد الحلقات، لكن بالفحوى التي تقدمها، مشيرًا إلى أن ذلك يفرز حالة ثراء فني، ويجعل الجمهور يذهب إلى الأجمل.
رؤية الشناوي تتوافق مع الفنان محمد أبو داود، الذي عد تقليص الحلقات على قدر استيعاب النص وعدم الإطالة يصنع العمل الجيد، وأن كثرة هذه المسلسلات خارج السباق الرمضاني، ساعدت في ظهور وجوه فنية، وجعلت المشاهد يعتادها ويتقبلها خلال رمضان، ويدرك أنها تمنحه قدرًا أكبر من التنوع الفني.
ويعتقد المنتج جمال العدل أن مسلسلات الـ 15 حلقة أفضل كثيرًا في عصر الإيقاع السريع، خاصة أن هناك مسلسلات في عدد حلقات أقل تصل أحيانًا إلى 5 حلقات، نجحت في جذب جمهور واسع، لكنه في الوقت نفسه شكك في إمكانية تقليص الحلقات عن 15 خلال شهر رمضان، نظرًا للإعلانات التي تقسم إلى 66% طوال العام و33% خلال رمضان.
ويختم العدل أن جميع الأنماط الدرامية ستكون موجودة ولها جمهورها، سواء الأقل من 15 حلقة، أم حتى الـ 60 أو يزيد.
ويشير الناقد الفني طارق الشناوي، إلى أن المشاهد لن يذهب للعمل المكثف، لمجرد أنه يتكون من عدد حلقات أقل، إنما للعمل الجيد المنطقي المتماسك، حتى إذا كان 60 حلقة.