برموز مشفرة ... داعش يقتحم عالم الأصول الرقمية بحثًا عن التمويل والتجنيد
يحاول تنظيم داعش، اقتحام عالم الأصول الرقمية، للبحث عن فضاء جديد لنشر دعايته، وإيجاد مصدر للتمويل

ترجمات - السياق
كشفت صحيفة وول ستريت جورنال، أن تنظيم داعش، يحاول اقتحام عالم الأصول الرقمية، للبحث عن فضاء جديد لنشر دعايته، وإيجاد مصدر للتمويل.
وسلَّطت الصحيفة الضوء على بطاقة رقمية ظهرت مؤخرًا، تشيد بمقاتلي التنظيم لشنهم هجومًا على موقع لحركة طالبان في أفغانستان الشهر الماضي، ونقلت عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية قولهم إن هذه البطاقة تمثل "المرة الأولى" التي يستخدم فيها التنظيم الرموز غير القابلة للاستبدال، أو ما يعرف بتقنية "NFTs".
والـ NFT اختصار لـ non-fungible tokens أو رموز غير قابلة للاستبدال، وغير مرئية (مشفرة)، لكن جملة "غير قابلة للاستبدال" مبهمة بعض الشيء، فهي تعني باختصار أنها فريدة ولا يمكن استبدالها بشيء آخر، على سبيل المثال، فإن العملات الرقمية مثل بيتكوين قابلة للاستبدال، حيث يمكن استبدال عملة واحدة بأخرى مثلها لها القيمة نفسها، لكن بالنسبة لـ NFT فإنها أصول رقمية كل منها له قيمة مختلفة لا يمكن استبدالها بأصول أخرى.
كما أن الـ NFTs عناصر رقمية تخص الشخص الذي يشتريها، مع الاحتفاظ بسجل الشراء في دفتر الأستاذ العام غير القابل للتغيير، المسمى "بلوكشين"، وهي قاعدة بيانات للمعاملات المالية، من دون الحاجة إلى سلطة مركزية موثوقة تنظمها أو تراقبها.
ورغم إمكانية تتبع المعاملات، فإنها تتميز بأنها لا رجعة فيها، وغالبًا ما يستخدم الذين يتاجرون بها أسماءً مستعارة.
وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن هذه البطاقة الرقمية أول علامة على أن "داعش" والجماعات الأخرى تستعد لاستخدام التكنولوجيا المالية الناشئة، لتفادي الجهود الغربية للقضاء على عمليات جمع الأموال والمراسلة عبر الإنترنت.
استراتيجية جديدة
وبينت "وول ستريت جورنال" أنه تم نشر البطاقة على موقع واحد على الأقل لتداول الـ"NFTs"، وكانت تحمل شعار "داعش"، ويقول المسؤولون الأمريكيون السابقون إنه تم إنشاؤها من قِبل أحد مؤيدي التنظيم، وذلك على الأرجح كتجربة لاختبار شكل جديد من التواصل واستراتيجية جديدة للتمويل.
في هذا السياق، أعرب المنظمون ومسؤولو الأمن القومي في الولايات المتحدة عن قلقهم بشأن إمكانية قيام هذه التنظيمات بـ "استغلال هذه التقنيات والأسواق المالية الجديدة، بما في ذلك NFTs".
ووفقًا لمحللي الاستخبارات، قد يكون NFT مؤشرًا على أن داعش والمنظمات الإرهابية الأخرى تتبنى أيضًا تقنية NFTs لتجنُّب العقوبات وتوليد الأموال لمساعيها.
وأوضح المسؤولون الأمريكيون أن الرمز الذي يحمل عنوان "IS-NEWS # 01"، ويحمل كذلك شعار داعش، أنشأه أحد مؤيدي التنظيم كتجربة -على الأرجح - لاختبار تواصل جديد واستراتيجية تمويل لداعش.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن يايا فانوسي، محلل اقتصادي سابق في وكالة المخابرات المركزية، قوله: "منذ أن لاحظت عام 2016 أن هناك جهودًا في مجال التشفير لتمكين الوسائط من النشر على بلوكشين، شعرت بأن الجماعات الإرهابية ستستخدم في النهاية هذه القدرة لنشر الرسائل والوسائط"، مضيفًا: "كانت فقط مسألة وقت".
تجدر الإشارة إلى أن تكنولوجيا (NFTs) ظهرت لأول مرة كوسيلة لتداول الأصول الرقمية، لكن المطورين يقولون إن لديها تطبيقات أوسع بكثير، مثل: (شراء تذاكر الحفلات الموسيقية الرقمية أو المقتنيات الأخرى، مثل بطاقات التداول الرقمية).
وبينت أنه تم رصد NFT، التي تحمل عنوان "IS-NEWS # 01" لأول مرة من قِبل رافائيل غلوك، المؤسس المشارك لشركة (جهاد سكوب) الأمريكية -وهي شركة تراقب النشاط الجهادي عبر الويب ووسائل التواصل الاجتماعي- الذي أسس NFT من خلال حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة لداعش.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن الخبراء أن بطاقة دعم داعش توزع عبر منصات لا حصر لها متصلة بالإنترنت، ما يجعل من المستحيل تقريبًا على وزارة العدل ووكالات إنفاذ القانون الأمريكية الأخرى إزالتها من الإنترنت، على عكس أي منشور على موقع ويب تقليدي يخدمه مضيف.
وبيّن الخبراء، أنه تم إنشاء "IS-NEWS # 01" من قِبل أحد مؤيدي الجماعة ويحتوي على رسالة تشيد بالمقاتلين المتمركزين في أفغانستان لمهاجمتهم موقعًا لطالبان في كابل.
وقد ابتكر الداعم نسختين من NFT، أحدهما يظهر تقنيًا يرتدي بدلة مختبر وقناع غاز، يعتقد الخبراء أنه يمكن أن يكون مقاتلًا لداعش يعلِّم الطلاب صُنع المتفجرات.
انتشار رقمي
ولفتت "وول ستريت جورنال" الانتباه إلى أن "داعش" تقريبًا خسر جميع الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا، نهاية عام 2017، الأمر الذي أدى إلى قطع مصدر تمويل التنظيم الأساسي، كما شلت السلطات الغربية قنواته المالية الأخرى، بما في ذلك إغلاق مواقع جمع التبرعات والدعاية، وأصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي أكثر استجابة لدعوات المشرعين لفرض رقابة على المشاركات، التي يُعتقد أنها تنتهك قواعد السلوك الخاصة بهم.
ويشعر المسؤولون الغربيون بالقلق من عودة فلول التنظيم، سواء أكانوا عبر الإنترنت أم على الأرض، إذ أتاح خروج الولايات المتحدة من أفغانستان -العام الماضي- فرصة للتنظيم للعودة من خلال السيطرة على المناطق التي تسيطر عليها "طالبان".
ونقلت الصحيفة عن ماريو كوزبي، المحلل الاستخباراتي الفيدرالي السابق والمتخصص في العملات المتداولة بتقنية "سلسلة الكتل" قوله إن هذا المستخدم أنشأ بطاقتين رقميتين في اليوم نفسه الموافق 26 أغسطس الماضي، عرض فيهما بعض سمات التنظيم.
وأضاف: "بطاقة دعم داعش لا تُعرض للبيع على هذه المنصات أو غيرها"، لكن المحللين يقولون إن الجماعات الإرهابية يمكن أن تمول بوضوح عملياتها من خلال مبيعاتها في ما بعد.
وتابعت الصحيفة أن بطاقات الـ "NFTs" يمكن أن تقدم للتنظيم وتجار الأسلحة والحكومات الفاسدة وعصابات المخدرات وغيرها، وسيلة لجمع الأموال وبيع البضائع المهربة، كما يمكن للمعاملات في أسواق "NFT" أن تكون سرية ومجهولة الهوية، ما يزيد الصعوبة التي تواجهها السلطات في تعطيلها.
ويقول المحللون الذين تعاملوا مع البطاقة، إن التجربة يمكن أن تكون محاولة من أحد مؤيدي "داعش" لاختبار ما إذا كان يمكن التهرب من السلطات، وما إذا كانت أسواق "NFT" ستحذف المحتوى أو ستحد من عرضها.
وأضاف المحللون أنه رغم أن البطاقات غير معروضة للبيع في سوق الـ "NFT" الذي يُسمى "Rarible" أو أي منصات أخرى، فإنه يمكن للجماعات تمويل عملياتها بوضوح، من خلال بيع هذه البطاقات بعملات رقمية.
وحسب الصحيفة، نشرت وزارة الخزانة الأمريكية دراسة في فبراير الماضي، جاء فيها أن القدرة على نقل بعض البطاقات الرقمية عبر الإنترنت من دون القلق بشأن المسافة الجغرافية وعبر الحدود، تجعل الفن الرقمي عُرضة للاستغلال من أولئك الذين يسعون إلى غسل عائدات الجريمة غير المشروعة.
ونقلت عن رافائيل غلوك، المؤسس المشارك لشركة جهاد سكوب، التي اكتشف البطاقة الرقمية، من خلال حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة لداعش: "إنها تجربة لإيجاد طرق تجعل المحتوى غير قابل للتدمير".