بعد شهرين من اندلاعها... أين وصلت الأزمة الأوكرانية الروسية؟
عرضت وزارة الدفاع الروسية، وقف الأعمال العدائية حول مصنع الصلب آزوفستال في ماريوبول المحاصرة، للسماح للمدنيين بالمغادرة في أي اتجاه يختارونه.

السياق
في صراع أودى بحياة الآلاف، وأدى إلى أسوأ أزمة لاجئين تشهدها أوروبا، منذ الحرب العالمية الثانية، دخلت الأزمة الروسية الأوكرانية، شهرها الثالث، من دون أن تضع الحرب أوزارها.
فبينما تقول أوكرانيا، إن الحرب لن تنتهي إلا إذا انسحبت القوات الروسية من البلاد، كشفت بريطانيا أن موسكو تستعد لإجراء استفتاء على مراحل، في المناطق التي سيطرت عليها، لتبرير سيطرتها.
وبين وجهة النظر الأوكرانية وما تخطط له روسيا، تبقى الأزمة في البلد الأوراسي عصية على الحل، وسط تعثر عقد جولات جديدة من المفاوضات بين البلدين، بينما القوات الروسية عاجزة عن تحقيق سوى «تقدم طفيف» شرقي أوكرانيا.
وبينما تضغط أوكرانيا على الغرب، للحصول على أسلحة أكثر قوة، لمواجهة الحملة الروسية للاستيلاء على مساحات شاسعة من المناطق الجنوبية والشرقية في البلاد، اقترح بعض أعضاء الكونغرس استخدام الأصول الروسية المصادرة لدفع تعويضات في أوكرانيا.
ماذا عن الوضع الميداني؟
عرضت وزارة الدفاع الروسية، وقف الأعمال العدائية حول مصنع الصلب آزوفستال في ماريوبول المحاصرة، للسماح للمدنيين بالمغادرة «في أي اتجاه يختارونه».
وقال رئيس مقر التنسيق المشترك للاتحاد الروسي للاستجابة الإنسانية، العقيد ميخائيل ميزينتسيف، إن القوات المسلحة للاتحاد الروسي وتشكيلات جمهورية دونيتسك الشعبية ستوقف من الساعة 14:00 (بتوقيت موسكو) من جانب واحد أي أعمال عدائية، وستسحب الوحدات إلى مسافة آمنة، لضمان انسحاب المواطنين في أي اتجاه يختارونه.
وادعى البيان أن ممرًا إنسانيًا يعمل بشكل دائم على مدار الساعة، سيكون مفتوحًا لإجلاء عمال المصنع المدنيين، النساء والأطفال.
بينما قال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا تخلت مرارًا عن تعهداتها بالسماح للمدنيين بالمرور الآمن من آزوفستال، كما زعم مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون أن القوات الروسية أجبرت المدنيين، الذين يتطلعون إلى الهروب من ماريوبول، إلى الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون وإلى روسيا نفسها.
كانت القوات الأوكرانية المتحصنة في المصنع الواسع، قد رفضت عروض روسيا بالاستسلام، ونشرت مقاطع فيديو لنساء وأطفال يحتمون في قبو المنشأة.
وقال ميزينتسيف إن القوات الأوكرانية يجب أن تشير إلى استعدادها لقبول وقف إطلاق النار برفع الأعلام البيضاء حول محيط مصنع آزوفستال.
وذكر البيان أن عرض وقف إطلاق النار سيبث أيضًا للقوات الأوكرانية عبر قنوات الإذاعة المحلية كل 30 دقيقة.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه ليست هناك حاجة لقواته لاقتحام مصنع آزوفستال، لكنه أمرهم بحصاره حتى لا تتمكن الذبابة من العبور، مضيفًا أن روسيا ستعرض على المدافعين الأوكرانيين الباقين، فرصة إلقاء السلاح.
طرق إنسانية
وردت إيرينا فيريشوك، نائبة رئيس الوزراء الأوكراني على التصريحات الروسية، قائلة إنه لم تفتح طرق إنسانية خارج مدينة ماريوبول الساحلية المحاصرة جنوبي شرق أوكرانيا، وألقت باللوم على القوات الروسية في عدم وقف إطلاق النار.
وأشارت إلى أن الجانب الأوكراني سيحاول مرة أخرى إنشاء ممر آمن خارج ماريوبول، ودعت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، المقرر أن يسافر إلى موسكو قبل زيارة كييف هذا الأسبوع، للمطالبة بوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية من ماريوبول.
هجوم روسي جديد
ورغم العرض الروسي، فإن القوات الروسية قصفت خمس محطات للسكك الحديدية وسط وغرب أوكرانيا صباح الاثنين، كجزء من حملة لتدمير البنية التحتية للسكك الحديدية بشكل منهجي، وفقًا لرئيس شركة السكك الحديدية الأوكرانية الحكومية أوكرزاليزنيتسيا.
وأكد المسؤول الأوكراني، أن نظام السكك الحديدية أصبح ترسًا حيويًا في المجهود الحربي للبلاد، حيث ينقل الإمدادات الأساسية إلى المدنيين لإبعادهم عن الأذى.
وقال رئيس بلدية خاركيف، إن 25% من المباني في هذه المدينة تعرضت للقصف أثناء الضربات، مشيرًا إلى أن 67 مدرسة و 54 روضة أطفال و 16 مستشفى أصيبت.
قال مجلس زابوريزهزيا الإقليمي إنه يستعد للدفاع بعد تقارير عن حشد القوات الروسية جنوبي وسط أوكرانيا. كانت مدينة زابوريجيه محطة رئيسة لمن جرى إجلاؤهم لمغادرة مدينة ماريوبول المحاصرة والمناطق التي تسيطر عليها روسيا جنوبي أوكرانيا.
من جانبه، قال القائد العسكري لمدينة كريفي ريه بجنوب وسط البلاد، إن أوكرانيا لاحظت الاستعدادات لهجوم محتمل للقوات الروسية من منطقة خيرسون، مضيفًا أنه جرى تعزيز الدفاعات في المنطقة.
وقال أولكسندر فيلكول في تصريحات متلفزة إن القوات الروسية "تعد تشكيلًا هجوميًا في اتجاهنا بمنطقة خيرسون".
وقال فيلكول إن حامية كريفي ريه كانت في حالة استعداد ولديها دفاعات جاهزة.
بدوره، قال مستشار بإدارة زيلينسكي، إن روسيا تحاول إخلاء شرقي أوكرانيا من السكان، وسط قتال عنيف هناك.
وكشفت روسيا أن الهدف من غزوها لأوكرانيا، السيطرة على جنوبي أوكرانيا وكذلك منطقة دونباس الشرقية، التي كانت خط المواجهة في الصراع بين البلاد وروسيا منذ عام 2014.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، إن القوات الروسية حققت تقدمًا طفيفًا فقط، منذ أن حولت تركيزها إلى السيطرة على منطقة دونباس الشرقية في أوكرانيا، مشيرة إلى أنه من دون وجود دعم لوجستي ومعركة كافية، لم تحقق روسيا تقدمًا كبيرًا.
استفتاء على مراحل
قالت وزارة الدفاع البريطانية -في تحديث استخباراتي- إن روسيا تخطط لإجراء استفتاء على مراحل في خيرسون بأوكرانيا لتبرير احتلالها.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، إن المدينة الجنوبية مهمة لهدف موسكو المتمثل في إقامة جسر بري إلى شبه جزيرة القرم والسيطرة على جنوبي أوكرانيا.
وتقع شبه جزيرة القرم، التي سيطرت عليها روسيا بشكل غير قانوني عام 2014، جنوبي أوكرانيا بين البحر الأسود وبحر آزوف، ويفصلها عن روسيا من الشرق مضيق كيرتش الضيق.
وأشارت الوزارة إلى أن روسيا أجرت «استفتاءً غير قانوني» في شبه جزيرة القرم عام 2014 لإضفاء الشرعية بأثر رجعي على انضمام شبه الجزيرة إلى البلاد.
وأضافت الوزارة أن «الانتخابات المحلية في روسيا سادها تزوير الأصوات، وشهدت منع معارضة رفيعة المستوى من الترشح».
واشنطن تتدخل
التقى وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيان -مساء الأحد- الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في أعلى مستوى زيارة لوفد أمريكي إلى عاصمة الدولة التي مزقتها الحرب منذ بدء الهجوم الروسي.
وأكد المستشار الرئاسي أوليكسي أريستوفيتش الاجتماع مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين ووزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في مقابلة مع التلفزيون الأوكراني.
جاء ذلك في الوقت الذي ضغطت فيه أوكرانيا على الغرب، للحصول على أسلحة أكثر قوة ضد الحملة الروسية في منطقة دونباس بشرقي أوكرانيا، حيث سعت القوات الروسية لطرد آخر القوات الأوكرانية في ميناء ماريوبول المدمر.
وقال أريستوفيتش، في مقابلة عبر التلفزيون الأوكراني: «نعم، إنهم يلتقون الرئيس... دعونا نأمل اتخاذ قرار بشأن المزيد من المساعدة».
وقبل الجلسة، قال زيلينسكي إنه يبحث عن الأمريكيين لتحقيق نتائج، سواء في مجال الأسلحة أم الضمانات الأمنية، مضيفًا: «لا يمكنك القدوم إلينا خالي الوفاض اليوم، ونحن لا نتوقع فقط الهدايا أو نوعًا من الكعك، بل نتوقع أشياء معينة وأسلحة محددة».
جولة مفاوضات
وقال مستشار الرئيس الأوكراني إن أوكرانيا اقترحت عقد جولة خاصة من المفاوضات مع روسيا، لمناقشة مصير المدنيين والقوات الأوكرانية، التي لا تزال محاصرة في ماريوبول.
وقال المستشار الرئاسي أوليكسي أريستوفيتش في فيديو إن أوكرانيا تريد وقف إطلاق النار الفوري في ماريوبول، وممرات إنسانية متعددة الأيام، وتحرير أو تبادل المقاتلين الأوكرانيين المحاصرين بمصنع الصلب في آزوفستال.