لماذا يشكل فوز ماكرون ضربة كبيرة لبوتين؟
تعرض بوتين لضربة عميقة عندما هزم ماكرون منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان، حليفة الرئيس الروسي، ليصبح أول رئيس فرنسي يفوز بإعادة انتخابه خلال جيل.

ترجمات - السياق
رأى الكاتب الأمريكي المخضرم ديفيد أنديلمان، أن فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية، يمثل ضربة كبيرة لنظيره الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً إن فرنسا وأوروبا والعالم الحر نجوا من تحدٍ وجودي كبير بهذا الفوز.
وأضاف أنديلمان، في مقال لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، أنه على بُعد نحو 1200 ميل، تعرض بوتين لضربة عميقة عندما هزم ماكرون منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان، حليفة الرئيس الروسي، ليصبح أول رئيس فرنسي يفوز بإعادة انتخابه خلال جيل.
حامية الوطيس
لم تكن نتيجة المنافسة بين ماكرون، وهو أصغر زعيم فرنسي منذ نابليون بونابارت، ولوبان التي طمحت ثلاث مرات لتصبح أول رئيسة للبلاد، محسومة لأي من المرشحين، إذ إنه بعد جولة أولى حامية الوطيس بين 12 مرشحاً، قبل أسبوعين، واجه المرشحان الأولان بعضهما في جولة الإعادة الأحد، حسب الكاتب.
وتابع: "يبدو أن الناخبين الفرنسيين قرروا، في هذا الوقت الصعب، اختيار حل وسط آمن بدلاً من اختيار مرشحة اليمين المتطرف المثيرة للقلق، التي كانت ستعمل على تمزيق الاقتصاد والمجتمع وتقريب فرنسا أكثر من روسيا".
ورأى الكاتب أنه رغم ارتفاع معدل الامتناع عن التصويت، فإن هامش الفوز الخاص بماكرون، وهو الأعلى في عقدين على الأقل، يمنحه دفعة كبيرة نحو الحصول على الأغلبية، عند إجراء انتخابات الجمعية الوطنية، الغرفة الثانية في البرلمان الفرنسي إلى جانب مجلس الشيوخ، المقررة في يونيو المقبل.
التسوية مع روسيا
لقد حسمت انتخابات الأحد بشكل فعال، على الأقل في الوقت الحالي، السؤال الأكبر الذي أثير خلال الحملة: هل يرغب معظم الفرنسيين في تغيير الكثير من الأمور في بلدهم، خاصة الحكومة التي خدمتهم جيداً خلال عهد الجمهورية الخامسة، التي استمرت ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن، بعد أن أصبح ماكرون في موقع القيادة الفعلية لأوروبا، وملء الفراغ الذي خلفه رحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل العام الماضي؟
ووفقاً للكاتب، فإن فرنسا في عهد لوبان، كانت ستسعى إلى إيجاد طريق نحو التسوية مع روسيا المنبوذة من معظم دول العالم الحر، وكانت ستنظر إلى الداخل فقط، وستنسحب من أوروبا، وفي الوقت نفسه، كانت ستفرض حظراً على ارتداء النساء للحجاب، كما كانت ستجري استفتاءات لنزع السلطة عن الهيئات التشريعية والقضائية، التي لم تنجح في السيطرة عليها.
وأشار الكاتب إلى أنه بعد انتهاء احتفالات النصر، سيكون للرئيس المُعاد انتخابه الكثير من المهام، وسيتطلع الكثير من الدول إليه لوضع جدول أعمال، لكن لا يزال لدى ماكرون شهران إضافيان باعتباره زعيماً فخرياً لأوروبا، في نظام التناوب الذي يسمح لكل دولة من دول الاتحاد الأوروبي بولاية مدتها ستة أشهر، معرباً عن أمله بأن يستخدم الرئيس الفرنسي هذا المنصب بحكمة، ويستمر في حشد القارة للوقوف في وجه بوتين.
تحديات وفرص
في الوقت نفسه ستكون هناك تحديات وفرص، إذ باتت فنلندا وربما السويد على وشك السعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما تسعى أوكرانيا إلى اتباع مسار سريع للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وأوضح الكاتب أن ماكرون سيلعب أيضاً دوراً مركزياً خارج أوروبا، في استخدام نفوذ فرنسا على المسرح العالمي، ففي إفريقيا، تضاعف حجم الانقلابات مؤخراً من مالي إلى تشاد وبوركينا فاسو، وهو ما كان مصحوباً بتوسع الأنشطة الإرهابية في المستعمرات الفرنسية السابقة، ما اضطر ماكرون إلى سحب القوات العسكرية من هناك هذا العام، بعد عشرات القتلى غربي القارة، وستواصل فرنسا البحث عن طريقها للمضي قدماً، والعمل مع القادة الأفارقة ذوي التفكير المماثل، لمنع المرتزقة الروس من ملء الفراغ.
نصر ماكرون
في الشرق الأوسط، سعى ماكرون إلى إعادة ضبط العلاقات مع مجموعة من الدول، التي لدى فرنسا مصالح تجارية متنامية فيها، لاسيما دول الخليج التي أصبحت من المشترين الرئيسين للمعدات العسكرية الفرنسية، وكذلك في لبنان، الذي يعاني أزمة سياسية واقتصادية طاحنة، ويسعى الرئيس الفرنسي إلى وضع باريس باعتبارها شريكاً قوياً وموثوقاً في الشرق الأوسط، وعلى نطاق أوسع في جميع أنحاء العالم.
أما في آسيا، فإن ماكرون يسعى إلى لعب دور قيادي في استقرار العلاقة المشحونة بشكل متزايد بين الاتحاد الأوروبي والصين، إذ اصطدم حرص الجانبين لتوسيع التجارة بانتهاكات حقوق الإنسان ودعم الصين المستمر لروسيا، خلال حربها مع أوكرانيا.
وقال أنديلمان إنه لا تزال لدى الغرب، في الوقت الحالي، تطلعات ومبادئ ديمقراطية للعب دور أساسي في مستقبل أوروبا، الدور الذي سيجده البيت الأبيض جذاباً بلا شك، إذ كانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قلقة من دخول لوبان قصر الإليزيه، ولذا فإن الولايات المتحدة سعيدة بفوز ماكرون.