تداعيات تمديد حظر توريد الأسلحة إلى الصومال... هل يتكرر سيناريو 92؟

قال مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث محمود عبدي، في تصريحات لـ السياق، إن قرار مجلس الأمن الدولي تسبب في حالة من عدم الارتياح، عبَّـرت عنها جهات رسمية وشعبية، خاصة أن الجيش الصومالي بحاجة إلى المزيد من التفوق في التسليح ضد حركة الشباب الإرهابية

تداعيات تمديد حظر توريد الأسلحة إلى الصومال... هل يتكرر سيناريو 92؟

السياق "خاص"

«الصومال لها عدو واحد هو الإرهاب»، شعار رفعه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، فور توليه مهام رئاسة البلد الإفريقي، قبل ستة أشهر، آملًا أن يتمكن من القضاء على التنظيمات الإرهابية، التي عاثت في بلاده فسادًا.

وما إن بدأ الرئيس الصومالي مهامه، حتى شن حربًا لا هوادة فيها عبر محاور عدة على التنظيمات الإرهابية، التي كانت من أبرزها حركة «الشباب» الإرهابية، أولها تنفيذ عمليات عسكرية بالتعاون مع شركاء الصومال الدوليين، وثانيها، عقد اتفاقيات أمنية مع جار البلد الإفريقي، لمكافحة الإرهاب.

جهود أثمرت -حتى اللحظة- القضاء على آلاف الإرهابيين من حركة الشباب، التي حاولت الرد بهجمات فردية، سببت بعض الخسائر في صفوف الجيش الصومالي، إلا أنها زادت إصراره على استئصال تلك الآفة «الخبيثة» من البلد الإفريقي.

وبينما يحاول الصومال اتخاذ خطوات حثيثة لتحييد التنظيمات الإرهابية التي تمركزت على أرضيه، آملًا بمساعدة الشركاء الدوليين، إلا أنه فوجئ -قبل أيام- بقرار مجلس الأمن الدولي بتمديد حظر الأسلحة المفروض عليه عامًا آخر، في قرار أثار مخاوف من تكرار سيناريو 1992.

كان مجلس الأمن الدولي مدد في 12 نوفمبر الجاري، قرار فرض حظر الأسلحة على الصومال، بموافقة 13 دولة، وامتناع الصين وروسيا عن التصويت، بينما منح المجلس الضوء الأخضر للاعتراض البحري، لفرض الحظر على واردات الأسلحة غير المشروعة وصادرات الفحم إلى الصومال.

قرار جاء مغايرًا للآمال الصومالية، ولمناشدة الرئيس حسن شيخ محمود، التي أطلقها قبل أيام من القرار، مطالبًا فيها مجلس الأمن برفع حظر الأسلحة المفروض على البلد الإفريقي، للمساعدة في مكافحة الإرهاب في البلاد وفي المنطقة وعلى الصعيد الدولي.

 

أسلحة استراتيجية

إلى ذلك، قال مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث محمود عبدي، في تصريحات لـ«السياق»، إن قرار مجلس الأمن الدولي تسبب في حالة من عدم الارتياح، عبَّـرت عنها جهات رسمية وشعبية، خاصة أن الجيش الصومالي بحاجة إلى المزيد من التفوق في التسليح ضد حركة الشباب الإرهابية.

وأوضح الباحث الصومالي، أن الأسلحة الاستراتيجية والنوعية المفتقدة، كالدبابات والمدفعية الثقيلة وسلاح الجو، كان بإمكانها قلب موازين الصراع، وتقصير أمده، بما يتيح للدولة الصومالية، ليس فقط بسط سلطتها على ترابها، بل تقليل التكلفة البشرية والاقتصادية والسياسية لتلك الحرب، بحيث تتمكن الدولة من إيصال خدماتها إلى مواطنيها الأكثر احتياجًا للدعم والمساعدة.

مدير مركز هرجيسا للدراسات والبحوث، قال إن استمرار حظر التسليح، يمنح الجماعات الإرهابية فرصة في الاستمرار، وامتصاص صدمة الحملات العسكرية التي تنفذها القوات الحكومية والمجموعات الشعبية المتطوعة معها، ما يجعل مهمة الأخيرة أصعب وخسائرها أفدح، ويضر بالمجتمعات الريفية التي تعاني أزمة غذائية.

وأشار إلى أن تمديد حظر التسليح، يعني مئات القتلى والجرحى المدنيين والعسكريين، بسبب العمليات الإرهابية في المدن الصومالية.

 

حرب أهلية

من جانبه، قال الباحث الصومالي في القضايا الأمنية آدم هيبة، في تصريحات لـ«السياق»، إن الحرب على الإرهاب بالصومال في أصعب مراحلها، مشيرًا إلى أن قرار تمديد حظر التسليح سيكون عبئًا على الحكومة الصومالية وجهودها في الحرب على الإرهاب.

وأشار إلى أن القبائل الصومالية، التي تخوض هذه الحرب بمساعدة الحكومة الصومالية، يمكن أن تحصل على الأسلحة الثقيلة، ما يساعد في بداية حرب أهلية أخرى، مثلما حصل في الصومال عام1992.

وأكد الباحث الصومالي، أن الحركات الإرهابية في البلد الإفريقي فقدت مواقع استراتيجية واقتصادية مهمة، بعد أن دخلت على خط الحرب على الإرهاب، ما أدى إلى ضعف قوة تلك الحركات، وأفقدها مناطق لم تدخلها الحكومة منذ عشر سنوات.

وعن فرص تمدد حركة الشباب مرة أخرى، يرى الباحث الصومالي في شؤون القضايا الأمنية، صعوبة ذلك، لأسباب عدة، أبرزها دخولهم في صراع مع القبائل، وتأكيدات الرئيس الصومالي بمواصلة الحرب على الإرهاب.

 

تخوفات دولية

بدوره، قال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد سلطان، في تصريحات لـ«السياق»، إن قرار مجلس الأمن ناجم عن الوضع الأمني والسياسي المضطرب في البلد الإفريقي، ما جعل القوى الدولية تتخوف من إمكانية وصول السلاح إلى أيدي المليشيات، سواء كانت حركة الشباب أم «داعش» أم غيرهما.

إلا أنه قال إن حركة الشباب قادرة على البقاء والتكيف والتعاون مع الظروف المتغيرة، وقد نجحت في إعادة بناء شبكاتها، حتى بعد أن قوّضت خلال الحملة الأمريكية التي كانت قبل عام 2020، ونجحت في إعادة بناء شبكاتها.

وأشار إلى أن القرار لن يؤثر في حركة الشباب، التي تعزز ترسانة أسلحتها من السوق السوداء، خاصة عبر التهريب من اليمن.

إلا أنه قال إن القرار بمنزلة سلاح ذي حدين، لأنه سيؤثر في القوات الصومالية، التي تدخل الآن في حملة مكافحة إرهاب واسعة الانتشار ضد حركة الشباب، مشيرًا إلى أن الصومال في خضم معركة محتدمة بين القوات الحكومية المدعومة من الولايات المتحدة وبعثة القوات الإفريقية وحركة الشباب.

 

تدفق السلاح

الأمر نفسه، أشار إليه الكاتب اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية عاصم الصبري، الذي قال إن هناك الكثير من شبكات التهريب والمصالح بين أبناء المجتمعات المحلية والتنظيمات الإرهابية، ما يساعد بشكل كبير في تدفق السلاح إلى إفريقيا.

وأشار إلى أن استمرار سيطرة مليشيات الحوثي على سواحل البحر الأحمر، سيكون عاملًا مساعدًا في استمرار تدفق السلاح إلى حركة الشباب الصومالية، أو إرسال السلاح إلى اليمن.