تاكر كارلسون.. لماذا طرد روبرت مردوخ مذيعه الأكثر نجاحًا؟
ما الأسباب التي دفعت الملياردير الأمريكي من أصل أسترالي روبرت مردوخ مالك محطة فوكس نيوز، إلى الاستغناء عن تاكر كارلسون، رغم كل هذه الخسائر؟

ترجمات - السياق
خسائر بلغت مئات الملايين من الدولارات، وتراجع في نسب المشاهدات غير مسبوق، ودفع تسويات بلغت 787 مليون دولار ضد دعوى تشهير، كل ذلك وأكثر تعرضت له شبكة فوكس نيوز، جراء استغنائها عن أشهر مذيعيها وأنجحهم تاكر كارلسون، فلِمَ كان هذا القرار؟
مجلة ذا سبيكتاتور البريطانية، تساءلت في تحليل للكاتب فريدي غراي، عن الأسباب التي دفعت الملياردير الأمريكي من أصل أسترالي روبرت مردوخ مالك محطة فوكس نيوز، إلى الاستغناء عن كارلسون، رغم كل هذه الخسائر، مع ضبابية المشهد، مشيرة إلى أنه منذ انطلاقه عام 2016، أصبح برنامجه "تاكر كارلسون تونايت" أكثر البرامج الإخبارية إثارة للاهتمام في التلفزيون الأمريكي.
كان سهم فوكس نيوز قد تراجع بشكل حاد، فور إعلان الاستغناء عن كارلسون، ما أدى إلى محو نحو 700 مليون دولار من القيمة السوقية للشركة التي يقودها روبرت مردوخ.
بينما أوضحت "فوكس نيوز" -في بيان- أن مغادرة المذيع الشهير المحطة الأبرز في الولايات المتحدة، تأتي بعد أيام من موافقة الشبكة على دفع 787 مليون دولار لتسوية دعوى تشهير رفعتها شركة دومينيون فيوتينغ سيستمز إنك.
ووفقًا لأحدث تقييمات "نيلسن" -وهي أنظمة لقياس نسبة جمهور المشاهدين والمستمعين- يعد البرنامج الذي يقدمه كارلسون الأعلى تقييمًا في قنوات الكابل الأمريكية، مع جمهور ليلي يتجاوز 3.7 مليون مشاهد في بعض الأحيان.
دعاية ترامبية
ورأت "ذا سبيكتاتور" أن كارلسون لم يكن -كما يزعم عديد من منتقديه- "دعاية ترامبية"، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، موضحة أنه على العكس من ذلك، كان "نقطة مضيئة نادرة للأصالة في مشهد إعلامي حزبي ممل".
وأضافت: "وها هو قد رحل، بقرار مباشر من مردوخ -كما تردد- بلا إبداء أي سبب، بعد أيام من دفع فوكس نيوز 787 مليون دولار لتسوية مع دومينيون فيوتينغ سيستمز".
ونقلت المجلة البريطانية عن أحد مصادرها، تأكيده أن "فوكس نيوز" -جزء من امبراطورية الملياردير روبرت مردوخ الإعلامية- توصلت إلى التسوية مع "دومينيون" بعد فترة وجيزة من اختيار هيئة محلفين للمحاكمة في ويلمنغتون بولاية ديلاوير، إذ لم يرغب الملياردير الأسترالي الأصل، الذهاب إلى ويلمنغتون والتعرض للمحاكمة.
ونوهت إلى أن قرار مردوخ جاء بعد أيام من فسخه خطبته على آن ليزلي سميث، وهي مرشدة دينية سابقة لدى شرطة لوس أنغلوس وتبلغ من العمر 66 عامًا.
وأشارت المجلة إلى أن من المفارقة أن كارلسون -على عكس الأصوات الأخرى في قناة فوكس- لم يدخل مطلقًا في نظريات المؤامرة الأكثر جنونًا بتزوير الانتخابات عام 2020، لكن عمالقة الإعلام لا يهتمون كثيرًا بمن كان على صواب ومن كان مخطئًا عندما تعاني امبراطورياتهم، حسب وصفها.
وشبهّت "ذا سبيكتاتور" قرار مردوخ المفاجئ، بإقالة أنجح مذيع في شبكته، بقراره السابق بإغلاق صحيفة نيوز أوف ذا وورلد، في أعقاب فضيحة اختراق الهاتف، واصفة الأمر بأنه "خطوة صادمة تهدف إلى رسم خط في حلقة مؤلمة".
كانت الصحيفة تضررت بشكل متسارع، بسبب تطورات فضيحة التلصص على هواتف محمولة لضحايا عمليات قتل وضحايا إرهاب وذوي قتلى حروب.
دماء جديدة
لكن هذه المرة، أزال مردوخ أعظم أصول "فوكس نيوز"، حسب وصف "ذا سبيكتاتور".
وبينت المجلة أنه على مدى سبع سنوات -كل ليلة أسبوعيًا تقريبًا من دون فشل- كان كارلسون يتابعه أكثر من 3.3 مليون مشاهد، بسبب أفكاره المثيرة والمتجددة وطريقته المختلفة في التقديم وفي نظرته للعالم.
فمن المعروف أن الأخبار التلفزيونية دائمًا ما تكون متكررة، لكن عروض كارلسون كانت تتسم بتغطية مختلفة لكل الأحداث العالمية، إذ بدا كأنه "يضخ آراء وأفكارًا جديدة ومختلفة في دماء وسائل الإعلام"، حسب وصف المجلة البريطانية.
لهذا السبب -حسب المجلة البريطانية- يتمتع كارلسون بشعبية كبيرة، فهو راديكالي يتمتع بروح الدعابة، وكان أحيانًا ما يُلقي مونولوجات قوية ضد "جهل وسذاجة دورة الأخبار وإخفاقات رأسمالية السوق الحرة "، وهو أمر لم يجرؤ أي مقدم آخر في "فوكس نيوز" على فعله.
كان كارلسون أيضًا مناهضًا شرسًا للتدخل الأمريكي في الشئون الخارجية، وقد عارض تورط الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وليبيا وسوريا، والأكثر إثارة للجدل في أوكرانيا.
لذلك وصفه صحفيون آخرون -في كثير من الأحيان- بأنه الناطق بلسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن ذلك كان "افتراءً مقززًا"، حسب وصف ذا سبيكتاتور.
وأرجعت المجلة البريطانية، احتقار عديد من وسائل الإعلام لكارلسون، إلى أنه أخذ على محمل الجد شعاره بكونه "العدو اللدود للكذب والغرور والعجرفة والتفكير الجماعي"، ولم يبتعد عنه طوال حلقاته.
فقد كره كارلسون عقل الخلية الإعلامية المخادع والمغرور، لذلك يميل الأمريكيون الأغنياء إلى كرهه، كخائن لطبقته، خصوصًا بعد أن انحاز إلى جانب العمال الأمريكيين المناضلين ضد النزعة التقدمية الزائفة لنخبة الشركات، وهو ما عده الأثرياء الأمريكيون "أمرًا لا يغتفر".
ورأت "ذا سبيكتاتور" أنه رغم أن كثيرين قد يفرحون لرحيل كارلسون عن "فوكس نيوز"، فإنه مع ذلك لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة بالنسبة لقسم كبير من الجمهور الأمريكي الذي يشاهد الأخبار.