عبر الأردن وسوريا.. هل تزود إسرائيل لبنان بالغاز؟
يشهد لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه ستة ملايين نسمة، أسوأ أزمة مالية على الإطلاق، حيث فقدت العملة نحو 90% من قيمتها، ومدخرات الناس المحاصرة في البنوك، والعمالة المؤهلة التي تهاجر بأعداد كبيرة، وأدى النقص الحاد في الوقود إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل معوق والانتظار ساعات طويلة في محطات الوقود.

السياق
في محاولة لإبعاد لبنان عن المحور الإيراني، كشفت تقارير عن اتفاق لتزويد لبنان بالغاز الإسرائيلي، ليكون بديلًا لنفط طهران، في خطوة تتطلب سنوات، لإصلاح وتمديد خط الغاز الذي يتدفق إلى بيروت.
وقالت أخبار القناة 12 الإسرائيلية، إن الصفقة التي وقعت سرًا في النصف الأول من يناير الجاري، كانت بوساطة عاموس هوشستين، المبعوث الخاص لواشنطن، منسق شؤون الطاقة الدولية، مشيرًا إلى أن تل أبيب ستنقل الغاز من حقل ليفياثان البحري إلى الأردن، ومن هناك إلى سوريا فلبنان، إلا أنها أشارت إلى أنها قد تستغرق سنوات، لإصلاح ومد خط غاز يتدفق من سوريا إلى لبنان.
وبحسب التقرير الإسرائيلي، فإن الولايات المتحدة وافقت على هذه الاتفاقية، بعد التنسيق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشيرًا إلى أن الاتفاق يهدف إلى تزويد لبنان ببديل للنفط الإيراني، في الوقت الذي يحاول فيه التعافي من واحدة من أشد الأزمات التي شهدها العالم، منذ خمسينيات القرن التاسع عشر.
صفقة طاقة
التقرير الإسرائيلي، الذي أثار الكثير من الجدل، نفته وزارة الخارجية الأمريكية، مشيرة إلى أنها لم تتوسط في اتفاق لتزويد لبنان بالغاز الطبيعي الإسرائيلي بشكل غير مباشر، مؤكدة عبر مكتب شؤون الشرق الأدنى التابع للوزارة، أن التقارير الإعلامية التي تفيد بأن الولايات المتحدة توسطت في صفقة طاقة بين إسرائيل ولبنان خاطئة.
إلا أن نفي التقرير الإسرائيلي، لم يكن من الحكومة الأمريكية وحدها، بل إن الحكومة اللبنانية نفته -كذلك- مؤكدة أنه غير صحيح.
وقالت وزارة الطاقة اللبنانية، إن الغاز الطبيعي سيأتي حصريًا من مصر عبر الأردن وسوريا، مشيرة إلى أن اتفاقية إمداد الغاز التي يجرى العمل عليها، بين الحكومتين اللبنانية والمصرية، تنص بوضوح وصراحة على أن يأتي الغاز من مصر التي تمتلك كميات كبيرة منه، ويستهلك داخل الدولة.
احتياطي كبير
وأشارت إلى أن مصر لديها احتياطي من الغاز الطبيعي، يزيد مئة ضعف عما ستقدمه للبنان، مؤكدة أن ما يتداول عن أن الغاز سيكون إسرائيليًا، غير صحيح.
وفي هذا الإطار، قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، إن بلاده تتطلع إلى إنجاز الخطوات اللازمة لاستيراد الغاز من مصر في أقرب وقت، للمساهمة بحل أزمة الطاقة في لبنان.
وأكد المسؤول اللبناني، خلال لقائه وزيري الطاقة في الأردن صالح الخرابشة وسوريا غسان الزامل، في حضور وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض، بمناسبة توقيع لبنان اتفاقًا لاستيراد الطاقة من الأردن عبر سوريا، أن مشروع استيراد الطاقة من الأردن عبر سوريا سيساعد بحل أزمة الكهرباء في لبنان، موجهًا الشكر للأردن وسوريا لتعاونهما في إنجاز هذا المشروع.
وشدد رئيس الحكومة اللبنانية، على أن الخطوة التي تأتي في أوقات صعبة يمر بها لبنان، تأتي مساهمة عملية مشكورة لحل الأزمات المتراكمة.
قانون قيصر
كان وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، قال إن عقد استجرار الطاقة مع الجانب الأردني، لن يخضع لأي تداعيات سلبية جراء قانون قيصر، مشيرًا إلى أن لبنان سيتمكن من استقبال الكهرباء الأردنية والغاز المصري.
وأكد أن لبنان يبحث مع البنك الدولي موضوع التمويل، مشيرًا إلى أنه «يجب أن يؤمن الأردنيون والمصريون أن العقد لن يخضع لأي تداعيات سلبية، جراء قانون قيصر(الأمريكي) ويمكننا استقبال الكهرباء الأردنية والغاز المصري، والمفروض أن يكون ذلك في الشهرين المقبلين قبل بداية الربيع».
وصرح وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، خلال توقيع اتفاقيتي تزويد ونقل الكهرباء من الأردن وسوريا إلى لبنان: "سنؤمن 250 ميغاواط من الكهرباء بالتعاون مع الأردن ومؤازرة الأشقاء في سوريا، ونعوِّل على هذا العمل العربي المشترك، لكي نوسع التعاون بين الدول العربية".
وسيزود الاتفاق لبنان بنحو 150 ميغاواط من منتصف الليل حتى السادسة صباحًا بالتوقيت المحلي و250 ميغاواط خلال اليوم، الأمر الذي سيساعد في رفع التغذية الكهربائية في لبنان إلى نحو ساعتين يوميًا.
من جهته أشار وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني صالح الخرابشة، إلى أهمية اتفاق استجرار الطاقة، وقال إن الاتفاق يأتي في ظرف لبناني حساس. وأكد الوزير الأردني، أن المملكة ملتزمة بالتعاون ومساعدة لبنان وكل الدول العربية.
بدوره قال وزير الكهرباء السوري غسان الزامل، خلال مراسم التوقيع: "الخطوة ستكون فاتحة خير وبداية تعاون في كل الملفات، ونحن جاهزون لتوقيع الاتفاقية".
وأضاف أن سوريا أنجزت الترتيبات للربط الكهربائي من الأردن إلى لبنان عبر سوريا، وستقدم كل التسهيلات اللازمة للاتفاق.
الأزمة الأسوأ
يشهد لبنان، الذي يبلغ عدد سكانه ستة ملايين نسمة، أسوأ أزمة مالية على الإطلاق، حيث فقدت العملة نحو 90% من قيمتها، ومدخرات الناس المحاصرة في البنوك، والعمالة المؤهلة التي تهاجر بأعداد كبيرة، وأدى النقص الحاد في الوقود إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل معوق والانتظار ساعات طويلة في محطات الوقود.
وأعلن زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، في أغسطس الماضي، أن إيران سترسل الوقود إلى لبنان للمساعدة في تخفيف الأزمة، بينما وصلت أول ناقلة نفط إيرانية بتكليف من حزب الله إلى ميناء بانياس السوري في سبتمبر الماضي، وتم تفريغ الديزل في مخازن سورية، قبل نقله برًا إلى لبنان بشاحنات صهريجية.
وفي إطار مبادرة أخرى لجلب الطاقة إلى البلاد، اتفق وزراء طاقة مصر والأردن وسوريا ولبنان في سبتمبر على خطة لجلب الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا.
ودعمت الولايات المتحدة الاتفاق، لمواجهة ما تسميه النفوذ الإيراني في لبنان، حيث أعلنت السفيرة الأمريكية في بيروت دوروثي شيا، أن بعض ما يعرف بقانون قيصر، عقوبات ضد سوريا، يمكن تعديله للتعامل مع نقل الوقود.