أفغانستان.. كيف تجند حركة طالبان الأطفال في صفوفها؟
عصمت الله عمر، وُلد بعد عام من هجمات 11 سبتمبر 2001، ونشأ على بُغض أمريكا، وفي الثانية عشرة، دربته طالبان على زرع قنابل على جانب الطريق، وفي السادسة عشرة من عمره، كان يهاجم قوافل عسكرية بالقرب من مطار باغرام، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أفغانستان وبؤرة أطول حرب أمريكية

ترجمات – السياق
يقف عمر حارسًا عند أحد مداخل باغرام في أفغانستان، بعد أن رحل الأمريكيون ، لكن الشاب البالغ من العمر 19 عامًا، لا يفهم سبب مجيئه إلى هذا المكان، وقال إنه رأى ذات مرة شريط فيديو لطائرات تضرب برجين شاهقين بتاريخ لا يتذكره، وأضاف: "لم يخبرني أحد بقصة ما حدث"، بحسب واشنطن بوست..
وقالت الصحيفة، في تقرير، إن عصمت الله عمر، وُلد بعد عام من هجمات 11 سبتمبر 2001، ونشأ على بُغض أمريكا، وفي الثانية عشرة، دربته طالبان على زرع قنابل على جانب الطريق، وفي السادسة عشرة من عمره، كان يهاجم قوافل عسكرية بالقرب من مطار باغرام، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أفغانستان وبؤرة أطول حرب أمريكية.
أجيال جديدة
وذكرت "واشنطن بوست"، أن آلاف الأمريكيين الذين كانوا صغارًا أو رضعًا أو وُلدوا بعد 11 سبتمبر انضموا إلى الجيش الأمريكي لخدمة بلدهم ومكافحة الإرهاب وتعزيز الديمقراطية في أفغانستان، وكان بينهم 11 من أصل 13 جنديًا أمريكيًا قُتلوا في تفجير نفَّذته جماعة تابعة لتنظيم داعش خراسان في مطار كابل، أغسطس الماضي، خلال الأيام الأخيرة من الصراع الأمريكي الذي استمر عقدين.
وتقول الصحيفة: في أفغانستان، حارب جيل موازٍ من مقاتلي طالبان الأمريكيين، كما تأثرت حياتهم بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، مشيرة إلى أن كثيرين منهم كانوا أطفالًا عندما تذوقوا طعم الحرب لأول مرة، واستبدلوا طفولتهم بما قيل لهم إنه واجبهم المقدس كمسلمين.
هؤلاء -الأطفال الأفغان- نشأوا في عالم أخفيت فيه هجمات الحادي عشر من سبتمبر أو حُرِّفت في حياتهم، لكنه كان عالمًا بديلاً، حيث كانت لدى جيل ضائع من الشباب الأفغان الريفيين فرص قليلة، ولم يستفد من مليارات الدولارات كمساعدات غربية، رفعت مستوى حياة عدد لا يحصى من الأفغان.
وأوضحت، أن الحركة اعتمدت على المدارس الإسلامية -المعروفة بالمدارس الدينية- في تشكيل عقول مقاتليها الشباب، بينما عمدت إلى وقف تعليمهم أمام إغراء الجهاد أو الحرب المقدسة.
مقابلات صحفية
أجرت "واشنطن بوست" مقابلات مع 14 شابًا من مقاتلي طالبان من سبعة أجزاء من البلاد -جميعهم ولدوا بين عامي 2000 و2003- لمعرفة ما الذي دفع جيلًا إلى حمل السلاح ضد القوات الأمريكية، بينما لم تكن لديه ذاكرة لحركة طالبان في التسعينيات، أو إطاحتها عام 2001 بعد هجمات 11 سبتمبر، وكيف سيكون مستقبلهم في أفغانستان الجديدة؟
وأوضحت الصحيفة، أن الكثيرين انضموا إلى طالبان، بعد أن هاجمت القوات الأمريكية قراهم أو قتلت أقاربهم، مشيرة إلى أن البعض احتقر فساد الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة، بينما تدرب آخرون على القتال من قِبل أقاربهم داخل طالبان، مبينة أن الدعاة في مدارسهم الديني،ة صوّروا الأمريكيين على أنهم غزاة يسعون إلى قتل المسلمين، وشجعوا الطلاب على الجهاد ضد الأجانب.
وتابعت: "كما تمت تغذية المقاتلين الشباب بسيل مستمر من التاريخ التحريري عن 11 سبتمبر وصور إيجابية لتنظيم القاعدة، خاصة مؤسسها أسامة بن لادن، مهندس الهجمات الأمريكية، الذي منحته طالبان الملاذ الآمن في أفغانستان، خلال حُكمها السابق.
تجنيد الأطفال
وعن ظروف تجنيد الأطفال، نقلت "واشنطن بوست" عن محمد كريم (48 عامًا): "هذا واجب الجميع، القتال ضد الغزاة الذين احتلوا أرضنا ".
وروت الصحيفة، أن كريم وعددًا من أفراد أسرته دربوا عصمت على فنون الحرب، إذ علَّموه صُنع عبوة ناسفة في البداية، وبعد ذلك أخرجوه للاستمتاع ببعض التجارب الواقعية من القتال المباشر.
بينما يتذكر غول زمان، العم الآخر لعمر، البالغ من العمر 42 عامًا، مبتسمًا: "كان عمره حينها 12 عامًا، مُنح متفجرات لزرعها على جانب الطريق، كنا نأخذه معنا كلما كنا نقوم بأي عمليات".
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الشاب عمر، عندما كان يبلغ من العمر 16 عامًا ، قتلت القوات الأمريكية شقيقه بالرصاص، وعن هذا الأمر، قال العمري للصحيفة: "كنت في الصف الثامن، لكن عندما قُتل أخي تركت المدرسة"، وبعد ذلك انضم رسميًا إلى حركة طالبان، ليحل محل شقيقه.
وقال إن هجومه التالي كان كمينًا لقافلة عسكرية تقترب من باغرام، وأوضح أنه سافر إلى أقاليم أخرى وفجَّر قنابل على جانب الطريق.
وقال عمر بلا أي انفعال: "في كل انفجار لغم على عربة مدرعة أو عربة همفي، قُتل خمسة إلى ستة أشخاص، شعرت بالسعادة عندما كنت أهاجم سيارة بنجاح".
كان دافع عمر هو ما عده وكثيرون آخرون في قريته، السلوك الوحشي للقوات الأمريكية وحلفائها الأفغان، الذين نفذوا غارات جوية لمكافحة الإرهاب.
ترددت أصداء قصص التعذيب وغيره من الانتهاكات داخل السجن الذي تديره أمريكا في باغرام، في القرية والمناطق المحيطة بها.
وقال عمر الذي كان يمسك بيده اليسرى بندقية M-4الأمريكية التي وجدها داخل باغرام: "قتلت القوات الأجنبية العديد من الأبرياء في منطقتنا، بناءً على معلومات مضللة من جواسيسهم".
بعد أشهر من تجنيده، انضم شقيق عمر الأصغر إلى طالبان، كما فعل العديد من أبناء عمومته المراهقين.
وقال إن بينهم قاري متوكل، الذي ترك المدرسة في الرابعة عشرة من عمره وانضم إلى الحركة، بعد أن شهد انتهاكات القوات الأمريكية والمحلية.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه في المناطق الريفية في أفغانستان، غالبًا ما يُعد الأولاد بالغين عندما يكونون قادرين على حمل السلاح أو مساعدة الأسرة.
ونقلت الصحيفة عن شخص يدعى ساهيجان -وهو مقاتل في منتصف العمر وله لحية كثيفة- قوله: "كنت في الرابعة عشرة من عمري عندما حاربت السوفييت"، في إشارة إلى الحملة التي موَّلتها الولايات المتحدة من المجاهدين الأفغان في الثمانينيات، لطرد القوات السوفييتية المحتلة.