حفتر يترشح للرئاسة.. ما حظوظ رجل ليبيا القوي في حسم السباق الانتخابي؟

قال المشير حفتر، في خطابه إن ترشحه للانتخابات الرئاسية ليس طلبًا للسلطة أو بحثًا عن مكانة، بل لقيادة الشعب الليبي في مرحلة مصيرية نحو العزة والتقدم والازدهار

حفتر يترشح للرئاسة.. ما حظوظ رجل ليبيا القوي في حسم السباق الانتخابي؟
خليفة حفتر

السياق

إشادة بمواقف دول صديقة ووعود لمواطنيه وتحذير من مفترق طرق، محاور ثلاثة لخطاب القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، بمناسبة إعلانه الترشح لرئاسة ليبيا.

المشير حفتر، قال في خطاب مصور، طالعته «السياق»، إن بلاده تمر بـ«لحظات مصيرية يختلط فيها الشك مع الأمل، وتتصارع فيها الحرية والديمقراطية مع الفوضى والعبث»، مشيرًا إلى أن آمال السلام والأمن والاستقرار بدأت تلوح في الأفق، رغم المحاولات التي وصفها بـ«اليائسة» للحفاظ على الوضع الراهن.

وأكد قائد الجيش الليبي، أن بلاده تقف اليوم على مفترق طريقين لا ثالث لهما، أولهما طريق الحرية والاستقلال والتقدم وطريق التوتر والعبث والفساد، مناشدًا مواطنيه اختيار الطريق، الذي يأتي بعد سنوات ليست قليلة عانى فيها الشعب الليبي ما عانى.

وقال حفتر: «ها قد فتح أمامكم باب الأمل، لاختيار قادتكم للعبور نحو شواطئ الأمان»، مشيدًا بجهود القوى الوطنية التي وصفها بـ«المخلصة» على ما بذلته من جهود شاقة للوصول إلى هذه اللحظة التاريخية الفارقة.

وامتدح المبادرات «البنّاءة» التي قدمتها دول شقيقة وصديقة، ساعدت في الدفع نحو الخيارات الوطنية والحث على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، باعتبارها المخرج الوحيد من الأزمة الحادة التي انغمست فيها ليبيا، والطريق الأمثل للعودة إلى مكانها الطبيعي بين الأمم.

مرحلة مصيرية

وقال المشير حفتر، في الخطاب المصور، إن ترشحه للانتخابات الرئاسية ليس طلبًا للسلطة أو بحثًا عن مكانة، بل «لقيادة الشعب الليبي في مرحلة مصيرية نحو العزة والتقدم والازدهار»، مشيرًا إلى أن اللحظة التي وصفها بـ«التاريخية الفارقة، لا تصلح لدغدغة العواطف لاستجداء الأصوات، بل لخطاب العقل والضمير».

وتعهد قائد الجيش الليبي، بالاصطفاف إلى جانب مواطنيه، مدافعًا عن الثوابت الوطنية الراسخة، على رأسها وحدة ليبيا واستقلالها وسيادتها، قائلًا، إنه لا شيء سيعلو على وحدة البلاد أو أمنها أو استقرارها.

وأكد أنه، حال توليه الرئاسة بإرادة الليبيين، فإن «عقولنا مليئة بأفكار لا تنضب، ولنا أعوان من رجال الوطن ونسائه، قادرون على إنجاز ما يستجيب لأحلامكم في تحقيق النهضة والتقدم»، مشيرًا إلى أن ما تضمه بلاده بين جنباتها من ثروات وكنوز، يؤهلها لأن تكون في مصاف الأمم، إذا وضعت في يد أمينة تحسن استغلالها.

كما تعهد القائد العسكري، بأن دور مواطنيه في معاونته، لن ينتهي مع غلق صناديق الاقتراع، بل سيبدأ مع رحلتنا المشتركة لبناء ليبيا الحرة المستقلة والمزدهرة.

إعلان المشير حفتر الترشح للرئاسة، يأتي بعد يومين من تقديم سيف الإسلام القذافي نجل الرئيس الليبي الراحل، أوراق ترشحه للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، في انتظار تقديم رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، أوراق ترشحه خلال اليومين المقبلين، ليتنافس على أصوات الشرق الليبي ثلاث شخصيات من «العيار الثقيل».

لكن مَنْ هو حفتر وما فرص فوزه برئاسة ليبيا؟ وهل ترشح الشخصيات الثلاث سيؤدي إلى تفتيت أصوات الشرق الليبي، لصالح مرشحي الغرب، الذين يعد أبرزهم وزير داخلية ليبيا السابق فتحي باشاغا؟

مَنْ هو حفتر؟

ولد قائد الجيش الليبي، الذي ينتمي لقبيلة الفرجان، عام 1943، في مدينة إجدابيا شرقي ليبيا، ودرس في مدارسها ودرنة حتى الثانوية، إلى أن التحق بالكلية الحربية الليبية التي تخرج فيها عام 1966.

التحديات والبطولات عرفت طريقها مبكرًا إلى المشير حفتر، الذي شارك في حرب أكتوبر ضد إسرائيل عام 1973، ليلتحق بعدها بدورات عسكرية في روسيا، إحداها قيادة الفرق. 

نقطة تحول

قاد حفتر بعدها قوات الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي في تشاد في الصراع على إقليم أوزو الحدودي عام 1987، إلا أنه عندما وقع في الأسر مع جنوده، تنكر القذافي له، قائلًا، إنه لا يوجد لديه جنود في تشاد، لتكون نقطة التحول في حياة القائد العسكري الليبي.

تحول بعدها إلى المعارضة، والتحق بالجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، ليعلن في العام التالي إنشاء الجيش الوطني الليبي عام 1988، إلا أنه رحل ورفاقه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي بقي فيها معارضًا للقذافي عقدين من الزمان.

عاد المشير حفتر إلى ليبيا مع اندلاع ثورة فبراير 2011، وقاد قوة مسلحة ضد نظام القذافي في الشرق الليبي، ليتولى بعدها رئاسة أركان جيش التحرير الذي شكله الثوار عام 2011.

خفت نجم حفتر ثلاثة أعوام، حتى ظهر على قنوات محلية، في تسجيل مصور، عرض خلاله خطته لإنقاذ البلاد، داعيًا الليبيين إلى النهوض في وجه المؤتمر الوطني العام.

وأعلن حفتر في التسجيل المصور حينها، تجميد الحكومة والمؤتمر الوطني والإعلان الدستوري، وطالب مواطنيه بدعم معركة الكرامة التي قادها لتحرير ليبيا من براثن الإرهاب، وهو ما أيدته قوى مدنية وعسكرية، لاستعادة هيبة الدولة.

قائد الجيش

بعدها بعام، وتحديدًا في مارس 2015، عيَّنه مجلس النواب الليبي، قائدًا عامًا للجيش الوطني الليبي، ليتمكن في غضون أشهر قليلة، من طرد المليشيات المسلحة والإرهابيين من معظم أنحاء بنغازي، ومدن الشرق الليبي.

قاد المشير حفتر، في سبتمبر 2016، عملية سماها «البرق الخاطف» لتحرير منشآت النفط الرئيسية في منطقة «الهلال النفطي»، من براثن الإرهابيين، ليُعلن بعد أشهر قليلة اتفاقًا مع رئيس حكومة الوفاق الوطني السابقة برئاسة فايز السراج، على العمل لإنهاء الأزمة التي تشهدها البلاد، إلا أن الأخير تنصل من هذا الاتفاق، وشرعن وجود المليشيات المسلحة.

وعام 2019، وتحديدًا في أبريل، أطلق قائد الجيش الليبي، عملية عسكرية للتحرك نحو الغرب الليبي وتحريره من قبضة المليشيات المسلحة التي ما زالت تسيطر عليه، إلا أنه بعد أن حقق نجاحات عدة، تعرَّض لانتكاسة بسبب دعم دولي للمليشيات في الغرب.

تحركات المشير حفتر، التي قوبلت بتأييد كبير في الشارع الليبي، أدت إلى تحرك دولي، لتعقد الدول الغربية والمجاورة لليبيا، مؤتمر برلين الأول في يناير 2020، وبرلين الثاني في يونيو 2021، وبينهما إعلان القاهرة الذي صدر في يونيو 2020، إضافة إلى مساع دولية وأممية توجت باتفاق وقف إطلاق النار في مدينة جنيف السويسرية، في 23 أكتوبر 2020.

اتفاق وقف إطلاق النار الذي انتهكته مرات عدة المليشيات المسلحة، حافظت القوات الليبية برئاسة المشير حفتر على صموده، وبنت عليه، حتى بات أساسًا للحل في ليبيا، بعد دعم ذلك الاتفاق من الدول الإقليمية خاصة مصر، التي وضعت خطوطًا حمراء، أسهمت في إرساء الاتفاق.

فرص حفتر

بحسب مراقبين، فإن المشير خليفة حفتر، لديه فرص كبيرة في الفوز برئاسة ليبيا، ويحظى بتأييد كبير في الشرق الليبي وبعض مدن الغرب الليبي، خاصة أنه قدم الكثير لتحرير بلاده من براثن الإرهاب، ويسعى للمزيد.

وأكد المراقبون، أن تصريحات حفتر في خطاب ترشحه، جاءت لتضع النقاط على الحروف، وترسم طريق ليبيا المستقرة، وتكشف مطامع بعض الشخصيات في الفوز برئاسة ليبيا أو وأد انتخاباتها، كي تستفيد من ثروات البلد الإفريقي لأطول فترة ممكنة.

إلا أنهم عبَّـروا عن قلقهم من تفتيت أصوات الشرق الليبي، خاصة بعد ترشح سيف الإسلام وإعلان نية ترشح رئيس مجلس النواب لرئاسة ليبيا، وهي شخصيات ثلاث تعد محسوبة على الشرق، مؤكدين أن مرشح المليشيات أو أي مرشح آخر من الغرب الليبي، قد يستفيد من تفتيت الأصوات لصالحه، خاصة أن مواطني مدن الغرب الليبي، التي تقع تحت براثن المليشيات المسلحة، سيتخوفون من منح أصواتهم، التي ستكون مراقبة لأي من مرشحي شرقي ليبيا.