أمام بايدن خيارات قليلة لخفض أسعار البنزين

بايدن ينظر في كل الأدوات المتاحة لديه لمعالجة أزمة ارتفاع أسعار النفط الخام، بما في ذلك اللجوء إلى استخدام الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من النفط

أمام بايدن خيارات قليلة لخفض أسعار البنزين
بايدن

ترجمات السياق

قال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي (csis) إن منظمة البلدان المصدرة للنفط والمنتجين المتحالفين معها (أوبك+) تعمدت تجاهل ضغوط الرئيس الأمريكي جو بايدن لزيادة الإنتاج.

وأضاف المركز في تحليل لابن كاهيل الزميل ببرنامج أمن الطاقة وتغيُّـر المناخ بالمركز، أن مجموعة أوبك جددت خططها لإضافة 400 ألف برميل يوميًا إلى السوق شهريًا.

وأشار كاهيل في تحليله، إلى أن إدارة بايدن تشعر بقلق عميق بشأن أسعار البنزين والضغوط التضخمية الأوسع، إذ يشير الخطاب المتصاعد إلى أنها تشعر بأنها مضطرة للتحرك.

ويرى كاهيل، أنه لسوء الحظ، ليس لدى الرئيس سوى القليل من الخيارات الجيدة لمواجهة ارتفاع أسعار البنزين، وقد تأتي معظم تدخلات السوق بنتائج عكسية.

يذكر أن أسعار النفط ارتفعت إلى أعلى مستوى منذ أكثر من 3 سنوات، بسبب تراجع الإنتاج مقارنة بفترات سابقة، في وقت جدد الرئيس الأمريكي جون بايدن، الدعوة إلى زيادة الإنتاج اليومي بنحو 400 ألف برميل، التي كانت أوبك بلس قررتها.

اللوم على أوبك

وأوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، أنه طوال الأسابيع الماضية، ألقت إدارة بايدن باللوم على أوبك + في ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن مسؤولي البيت الأبيض ضغطوا على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول أخرى في أوبك + لضخ المزيد من النفط.

لكن في 4 نوفمبر الجاري، تجاهلت أوبك + الضغط الأمريكي لزيادة الإنتاج، مشيرة إلى أنها راضية عن ارتفاع أسعار النفط.

وأضاف المركز الأمريكي، أن الأهم من ذلك، أن أوبك + حذرت من زيادة المعروض في السوق بحلول عام 2022، مستشهدة بمخاطر انخفاض الطلب بسبب انتشار كورونا والإمدادات الجديدة من خارج أوبك المتوقعة العام المقبل.

بدوره، أرجع وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان، ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة، إلى انخفاض المخزونات وانقطاع المصافي بسبب إعصار إيدا وارتفاع أسعار الإيثانول، مشيراً إلى أن أوبك+ تعمل كمنظم مسؤول لسوق النفط.

من جانبها، انتقدت إدارة بايدن أوبك+، وأشارت إلى أن لديها أدوات للرد على التحالف النفطي، لكن -حسب مركز الدراسات الاستراتيجية- فإن معظم الخيارات محفوفة بالمخاطر وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة.

اتخذ البيت الأبيض العديد من التحركات الصغيرة، لكنه قد يفكر في بيع احتياطيات استراتيجية، أو اتخاذ خطوات لتخفيف متطلبات مزيج الإيثانول لمصافي التكرير، أو "الخيار النووي" لتقييد صادرات النفط الخام.

لكن أمام هذه الخيارات، دعا مركز الدراسات الاستراتيجية إلى ضرورة فحص تأثير ومخاطر كل خيار على حدة.

خطوات بايدن

وتوقع كاهيل في تحليله، أن يلجأ بايدن إلى بيع احتياطي البترول الاستراتيجي، كخطوة أكثر ترجيحًا، لمواجهة ارتفاع أسعار النفط.

وأشار إلى أن احتياطي البترول الاستراتيجي تأسس بعد صدمة النفط عام 1973 لمواجهة اضطرابات إمدادات الخام، ويحتفظ حاليًا بنحو 613 مليون برميل.

وأوضح أنه عادةً ما يأذن الرؤساء بالإفراج عن احتياطي البترول الاستراتيجي في حالات الطوارئ فقط استجابةً للاضطرابات، كما حدث في حرب الخليج الأولى (1991) ، وإعصار كاترينا (2005).

كما أجرت وزارة الطاقة أيضًا تبادل احتياطي البترول الاستراتيجي لمعالجة اضطرابات الإمدادات قصيرة الأجل من الأعاصير، وإقراض النفط الخام بشكل فعال إلى مصافي التكرير لسداده بفوائد على شكل براميل إضافية.

ويشير المركز إلى أنه يجرى بالفعل بيع 20 مليون برميل احتياطي البترول الاستراتيجي هذا الخريف، كجزء من الخطط التي وافق عليها الكونجرس عام 2015 لإجراء مبيعات غير طارئة للمساعدة في تلبية حاجات الإنفاق.

الخيار الأقل تكلفة

واعتبر كاهيل في تحليله، أن بيع احتياطي البترول الاستراتيجي ربما يكون الخيار الأقل تكلفة لبايدن، وأوضح، أنه يمكن الانتهاء من بيع ما يصل إلى 30 مليون برميل في غضون أسبوعين، حتى يظهر أن البيت الأبيض يريد تهدئة الأسعار، مشيرًا إلى أن احتياطي البترول الاستراتيجي يهدف إلى التعامل مع اضطرابات السوق قصيرة الأجل، وليس مشكلات العرض الهيكلية أو طويلة الأجل.

ورأى الكاتب، أن تأثير البيع سيكون قصير الأجل، مشيرًا إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كان الإفراج عن المخزونات الاستراتيجية، من شأنه أن يساعد السوق في التكيف بشكل أسرع مما كان سيحدث بخلاف ذلك.

وفي الوقت الحالي -يضيف الكاتب- قد ترحب مصافي ساحل الخليج بمزيد من الخام عالي الكبريت، بعد الانقطاعات المرتبطة بإعصار إيدا، ولكن بشكل عام، فإن نظام التكرير في الولايات المتحدة لا ينقصه النفط الخام، وكالعادة، تعكس أسعار البنزين في الولايات المتحدة ظروف السوق العالمية.

وتوقع كاهيل، أن تحاول إدارة بايدن أيضًا دعم المصافي، مشيرًا إلى أن سعر أرقام التعريف المتجددة، ارتفع بشكل سريع، ويرجع ذلك في الغالب إلى المواد الأولية الأكثر تكلفة للوقود المتجدد.

النفط الخام

وحسب تحليل مركز الدراسات الأمريكية، أشارت أحاديث سوق النفط إلى تحرك محتمل للبيت الأبيض، لتقييد صادرات النفط الخام، استنادًا إلى تعليق لوزيرة الطاقة جينيفر جرانهولم، لكن ذلك غير مرجح.

وقالت جرانهولم، في تصريحات صحفية، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يدرس اللجوء إلى الاحتياطي الاستراتيجي من البترول، وسط أزمة ارتفاع أسعار النفط الخام.

وأضافت أن "بايدن ينظر في كل الأدوات المتاحة لديه" لمعالجة أزمة ارتفاع أسعار النفط الخام، بما في ذلك اللجوء إلى استخدام الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي من النفط، موضحة أن ذلك الاقتراح "من الأدوات المتاحة أمامه وهو يدرسه بكل تأكيد".

وأضاف المركز الأمريكي، أن قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية، يمنح الرئيس بايدن، سلطة تقييد صادرات النفط الخام في حالة الطوارئ الوطنية، بينما يسمح قانون 2015 الذي ألغى حظر تصدير النفط الخام أيضًا، ببعض الاستثناءات في ظل ظروف استثنائية، على سبيل المثال، إذا وجد الرئيس أن صادرات النفط الخام أدت إلى نقص العمال الأمريكيين أو إلحاق الضرر بهم.

لكن المركز أشار إلى أن إعادة فرض حظر على صادرات النفط الخام يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، ومن ثم من المحتمل أن يساعد حظر الصادرات مصافي التكرير الأمريكية في الوصول إلى خام محلي أرخص ثمناً، لكنه قد يؤدي إلى عدم تطابق جودة المصافي المهيأة للعمل بأثقل وزن بدلاً من الخام الخفيف، مشيرًا إلى أن مصافي الساحل الشرقي تقوم أيضًا بتسعير المنتجات البترولية على أساس خام برنت، ومن ثم سيؤدي ارتفاع أسعار المدخلات إلى نقل التكاليف إلى المستهلكين في شكل أسعار أعلى للبنزين.

وأشار مركز الدراسات الأمريكية، إلى أن نقل النفط الخام أو المنتجات من ساحل الخليج إلى الساحل الشرقي مقيدة بمتطلبات قانون جونز، كما أن الإعفاءات أيضًا معقدة ومثيرة للجدل، موضحًا أنه قد يكون التحرك لتقييد صادرات النفط الخام، حقل ألغام سياسي، مع رد فعل عنيف في الدول المنتجة للطاقة، حيث يريد المنتجون ومصافي التكرير الساحلية خيارات التصدير، مشيرًا إلى أنه باختصار، يمكن أن تكون لإعادة فرض حظر على تصدير النفط الخام آثار كارثية.

ترويض أسعار البنزين

وعن طرق ترويض أسعار البنزين، أوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، أن لدى الرؤساء الذين يسعون إلى ترويض أسعار البنزين خيارات قليلة، لكن الخطاب من البيت الأبيض ربما يكون له تأثير أكبر من التدخلات قصيرة الأجل والمحفوفة بالمخاطر في السوق.

وأوضح كاهيل، أنه ليس من العدل إلقاء اللوم على بايدن في ارتفاع أسعار النفط، مشيرًا إلى أنه لم يكن لإلغاء خط أنابيب علاقة بالسوق الحالي، ورغم جهوده لتقييد التأجير الجدي، فإن إدارته توافق على تصاريح الحفر في الأراضي العامة بشكل سليم.

وأضاف أن الحجة بأن الحركة البيئية والاجتماعية والحوكمة ونشطاء المناخ والبيت الأبيض المتعاطف، تقتل الاستثمار في رقعة النفط، غير منطقية أمام ما يحدث على أرض الواقع.

ومع ذلك، اعتبرت إدارة بايدن الاستثمار في النفط والغاز أمرًا مفروغًا منه، وهي تكتشف الآن أن قطاع الصخر الزيتي ببساطة ليس مرنًا كما كان.

وختم الكاتب تحليله: "لن تكون أفضل خطوة للإدارة الأمريكية، بيع احتياطي البترول الاستراتيجي، أو إدخال تعديلات على معايير الوقود المتجدد، أو حظر تصدير خام"، مشيرًا إلى أنه يمكن لبايدن إثبات أنه من أجل تسريع انتقال الطاقة، تحتاج البلاد إلى استثمار مستمر في النفط والغاز لتلبية حاجات أمن الطاقة، وأضاف أن "الأسعار عند هذا المستوى صداع لأي رئيس، لكنها ليست أزمة، ففي بعض الأحيان يكون من الأفضل ترك الأسواق تأخذ مجراها".