أزمة سد النهضة الإثيوبي... هل انتهى الحل الدبلوماسي؟

ظلت مصر تواجه المشروع الإثيوبي، عبر الدبلوماسية، إذ سعت إلى حل عبر التفاوض والوساطة، والعمل من خلال شركاء ومؤسسات موثوقين، مثل الولايات المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأفريقي

أزمة سد النهضة الإثيوبي... هل انتهى الحل الدبلوماسي؟

ترجمات - السياق

 (مصر استنفدت كل الوسائل السِّلمية لفض الخلاف)، تحت هذا العنوان، نشر موقع المونيتور الأمريكي، تقريرًا ، حذَّر فيه من خطورة انتهاء مفاوضات سد النهضة، الذي تبنيه إثيوبيا على  النيل الأزرق، من دون اتفاق، ما يضر بحصة مصر في نهر النيل.

وذكر التقرير، أن مصر ظلت تواجه المشروع الإثيوبي، عبر الدبلوماسية، إذ سعت إلى حل عبر التفاوض والوساطة، والعمل من خلال شركاء ومؤسسات موثوقين، مثل الولايات المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأفريقي.

وتعتمد مصر على نهر النيل، في أكثر من 90% من حاجاتها المائية، وبذلك فإن قرار إثيوبيا بالمضي قدمًا في الملء الثاني لسد النهضة (GERD) هذا الشهر، من دون اتفاق على إدارة تدفق مياه النيل، يمكن أن يقلل تدفق المياه إلى مصر والسودان.

 

مسألة وجودية

وفقاً للتقرير، فإن الأزمة الحالية لا تتعلَّق فقط بملء السد، للمرة الثانية هذا الشهر، الذي قد يكون أقل تأثيرًا مما كان متوقَّعًا ، لأن سد النهضة لا يزال قيد التطوير.

فبالنسبة للقاهرة والخرطوم، التي تعتمد على النيل أيضًا، فإن هذه مسألة أمن قومي من الدرجة الأولى، بل مسألة وجودية، فمن دون اتفاق على حصة مصر والسودان من مياه النيل، تتوقَّع الدولتان دورة لا نهاية لها من الضرر البالغ، بسبب توقُّف وصول المياه إلى البلدين.

بدوره، قال السفير المصري لدى الولايات المتحدة، معتز زهران: "إن مستقبل النيل على المحك، وهو شريان الحياة لملايين المصريين والسودانيين"، مضيفًا أن "سد النهضة يمكن أن يلحق ضررًا اجتماعيًا واقتصاديًا وبيئيًا لا يُحصى بمصر والسودان".

من جانبه، رفض رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، حلاً بوساطة حتى الآن ، بما في ذلك المبادئ التوجيهية، التي تفاوض عليها وسطاء من الولايات المتحدة والبنك الدولي العام الماضي، مع مصر والسودان.

وواصل آبي أحمد -حتى الآن- اتباع نهج متشدِّد تجاه سد النهضة، قائلاً إنه حتى التوصيات الفنية، انتهاكات غير مرغوب فيها للسيادة الإثيوبية.

في غضون ذلك، تقاتل الحكومة الإثيوبية تمرُّدًا في إقليم تيغراي.

 

التعنُّت الإثيوبي

قال وزير الري المصري، محمد معيط، ردًا على التعنُّت الإثيوبي في المفاوضات: إن مصر لا تعارض السد ولا أي سد آخر، لكنها تسعى إلى توجيهات ملزمة قانونًا، لإدارة تدفق مياه النيل إلى مصر ودول الحوض الأخرى.

مقابل ذلك، استمرت إثيوبيا في تعنُّتها، ما أوصل الجهود المبذولة دوليًا، إلى طريق مسدود، إذ دعمت مصر والسودان مشاركة الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في عملية التفاوض، إلى جانب مشاركة الاتحاد الأفريقي.

حاولت إثيوبيا، عبر الاتحاد الأفريقي، إشراك السودان في اتفاق مؤقَّت، ربما كان الغرض منه إغراء السودان، بعيدًا عن المعسكر المصري ، لكن الخلافات بين البلدين، خلال الأسابيع الماضية، حالت دون اتفاق.

 

مجلس الأمن والخيارات المفتوحة

وكتب وزير الخارجية المصري سامح شكري، في رسالة إلى مجلس الأمن ، أن "عملية التفاوض التي يقودها الاتحاد الأفريقي، أثبتت حتى الآن عدم جدواها، فبعد ثمانية أشهر من المفاوضات، لم نقترب من توقيع أي اتفاق ملزم".

الآن رفعت حكومة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الرهانات الدبلوماسية، وأخذت الأمر مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي، الذي من المرجَّح أن يجتمع بشأن سد النهضة الأسبوع المقبل.

ستكون هذه المرة الثانية خلال عامين، التي يناقش فيها مجلس الأمن قضية سد النهضة. 

وتستند دعوة مصر إلى مجلس الأمن، إلى المادة 34 للمجلس، لتحديد ما إذا كان النزاع يمكن أن "يعرِّض للخطر الحِفاظ على السِّلم والأمن الدوليين".

وكتب شكري، في رسالته إلى مجلس الأمن: "إذا لم نتوصل إلى اتفاق بعد كل هذه الجهود، نكون قد استنفدنا كل الوسائل السِّلمية ومدى التعنُّت وغياب الإرادة السياسية من الجانب الإثيوبي... في المقابل فإن ذلك سيظهر مدى مرونة مصر والسودان أمام المجتمع الدولي".

وكان الرئيس السيسي قال، في أبريل الماضي: "دعونا لا نصل إلى النقطة التي تلمس فيها إثيوبيا قطرة من مياه مصر، لأن جميع الخيارات مفتوحة".

 

التطلع إلى تنزانيا وجنوب السودان

تعمل مصر على إيجاد خيارات لتقاسم المياه، فضلاً عن الدعم الدبلوماسي لموقفها من سد النهضة، في جميع أنحاء شرق أفريقيا، بما في ذلك جنوب السودان وتنزانيا.

القاهرة، من جانبها، تسعى إلى التخفيف من حِدة الأزمة المحتملة، من خلال إشراك جنوب السودان في مشاريع التنمية وتقاسم المياه، كل ذلك أثناء السعي للحصول على دعم جوبا الدبلوماسي، في التعامل مع إثيوبيا.

كما سعت مصر أيضًا، إلى العمل مع تنزانيا، لتطوير السدود ومصادر المياه البديلة، وتحويل اهتمام القوى الإقليمية، بالتوقيع على الطاقة الكهرومائية لسد النهضة.

الدور الأمريكي

خلال جلسة الاستماع، أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في يناير الماضي، حذَّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، من أن نزاع سد النهضة يمكن أن "يغلي" ووعد بأن إدارة الرئيس جو بايدن ستكون "مشاركة كاملة" في نزاعات القرن الأفريقي.

وقد أوفى بلينكين بوعده، إذ عيَّـن الدبلوماسي المخضرم من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، جيفري فيلتمان، مبعوثًا خاصًا إلى القرن الأفريقي.

وفي غضون ذلك، سقط نجم آبي أحمد في واشنطن، فقد ولَّت الجوائز التي حصل عليها، خلال صعوده كمصلح، عندما تولى منصبه عام 2018، وكرجل دولة، بعد فوزه بجائزة نوبل عام 2019 لصُنع السلام مع إريتريا، بحسب التقرير.

ومنذ نوفمبر 2020، اتُهم آبي أحمد، بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم حرب، ضد الانفصاليين في تيغراي.

وفي 22 يونيو، وصف المتحدِّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الانتخابات الإثيوبية، بأنها "معيبة" ومن غير المرجَّح أن تهدئ التوترات العرقية الناجمة عن صراع تيغراي.

كان من المأمول، أن تمنح نتيجة الانتخابات الجيدة، مساحة لأبي أحمد للتراجع عن بعض الخطاب المتشدِّد بشأن سد النهضة.

وفي الوقت نفسه، فإن إدارة بايدن، التي تلعب دورًا دبلوماسيًا نشطًا وسِريًا، تحث إثيوبيا على التوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة، فإنها أيضًا تراقب وقف إطلاق النار من جانب واحد، الذي أعلنته إثيوبيا في تيغراي هذا الأسبوع.