اتهامات بالفساد وغسل الأموال.. القضاء التونسي يحاصر الإخوان

في حال تأكدت تهم الفساد وغسل الأموال ضد الإخوان، فكيف يمكنهم الاستمرار في تقديم حركتهم، على أنها المصدر الوحيد للأمن الاجتماعي والاقتصادي للفقراء، وشبكة الأمان الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها؟.. على الأرجح، لا يمكنهم ذلك.

اتهامات بالفساد وغسل الأموال.. القضاء التونسي يحاصر الإخوان
راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية

ترجمات - السياق

تواجه حركة النهضة الإخوانية في تونس، صراعًا من أجل البقاء بعد فقدان السلطة، إضافة إلى الاتهامات الموجهة لأبرز قياداتها، بالتورط في فساد مالي وسياسي وإرهاب، خلال سيطرتها على الحكم في البلاد نحو عقد من الزمان، لكن يبقى السؤال: هل تُقدَّم قيادات النهضة إلى المحاكمة، أم تفلت من العقاب؟

وكشفت لجنة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد براهمي في تونس، عن تقديم تهم جنائية إلى المحكمة العسكرية الدائمة في تونس، ضد عدد من كبار قيادات حزب النهضة الإخوانية.

وذكرت أن أبرز قيادات النهضة، الذين دونت بلاغات في مواجهتهم بجرائم مختلفة، بما في ذلك غسل الأموال هم: راشد الغنوشي، والقاضي بشير الأكرمي، ومنصور راشد، ونجاح الحاج لطيف، وقادة أمنيون، منهم وحيد توجاني، ومحرز زواري، ومصطفى بن عمر، وعاطف العمراني، والأزهر لونغو.

 وكشفت اللجنة عن جهاز مالي سري مرتبط بالغنوشي، إضافة إلى اتصالاته بجهات خارجية، للإضرار بالمصالح الوطنية.

 وفي ما يتعلق بدور الأكرمي، أكدت اللجنة أن المدعي العام السابق في محكمة تونس، لم يستكمل أو يتابع أكثر من 6000 تقرير جنائي بشأن مزاعم متعلقة بالإرهاب، وأنه تعمد إهمال واجباته، وكذلك واجباته كقاضٍ للتحقيق.

تراجع الإخوان المسلمين

وبحسب موقع "يوروب أي أون رادكلايزيشن"، لا يمكن إنكار أن الإخوان المسلمين بشكل عام، والنهضة على وجه الخصوص، يواجهون أزمة عميقة، في هياكلهم الداخلية وأنظمتهم الداعمة، مع دول ومجتمعات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

وذكرت أن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هناك انتقادات صريحة وانعدام ثقة بجماعة الإخوان المسلمين، أما في الغرب، فإن الوضع نادرًا ما يكون أفضل، كل ذلك يضاف إلى صورة قاتمة على المدى القريب للحركة.

 في تونس، يُتهم حزب النهضة بالتورط في الإرهاب والفساد، إذ يشير أحد الخبراء إلى أن جماعة الإخوان التونسية تواجه صراعًا من أجل البقاء بعد فقدان السلطة، والعامل المهم في ذلك هو التعرض للمحاسبة القانونية، على الإجراءات التي ارتُكبت خلال عقد النهضة في السلطة.

إضافة إلى الملاحقات الأمنية والمالية، يكمن الخطر بالنسبة لحركة النهضة، في أن التحقيقات تفتح الملفات الأخرى، سواء تعلق الأمر بالاغتيالات السياسية، أم الإرهاب، أم الانتهاكات الإدارية، أم التدخل الأجنبي في تونس، فهناك حالات تتطلب من حزب النهضة الرد لتفسير عدم بذل الكثير من الجهد لمنع أو معاقبة هذه الأنشطة، حيث لم يتعاون الحزب بشكل صريح معها.

وفي ما يتعلق بالتمويل الأجنبي لحملاتهم الانتخابية، على سبيل المثال، هناك اتهام رسمي للنهضة منذ فترة طويلة يعود إلى صيف 2021، بعد أيام من إطاحة حزب النهضة من السلطة، من قبل المدعين الماليين في الدولة التونسية. 

وظلت هذه المصادر صامتة حتى الآن، لكن الدعم الذي قدمته حكومتا قطر وتركيا للإخوان المسلمين في جميع أنحاء المنطقة ليس سراً، وفقا لموقع "يوروب أي اون رادكلايزيشن".

 تسوية الحسابات ليست بالأمر السهل، وكما قال الأمين العام للحركة الشعبية زهير مغزاوي: "المعركة ليست سهلة لأن الناس الذين حكموا البلاد وحكموا الدولة عشر سنوات، يجدون أنفسهم اليوم في طريقهم للخروج من هذه الدولة وتفكيك شبكة مصالحهم". 

ويجرى نقل الأدلة وإخفاؤها وإتلافها، وبعض المطلوبين للمحاكمة يفرون من القضاء التونسي، وفقًا للموقع.

وفي تصاعد للضغوط، دعا الحزب الدستوري الحر -قبل أشهر- إلى تصنيف النهضة منظمة إرهابية، لكن ذلك لم يحدث، ومع ذلك، فإن الإجراء قد ينطوي على تدابير مثل تجميد الأموال ومحاسبة مؤسسيها.

 تونس تكافح

تندرج أزمة النهضة، ضمن وضع بالغ الصعوبة للبلاد، فتونس، التي كان يُنظر إليها في الخارج على أنها أفضل نتيجة لما يسمى الربيع العربي، قد تواجه قريبًا الإفلاس، إذ تأخرت رواتب الدولة في يناير وسط مفاوضات معقدة مع صندوق النقد الدولي، في حين أن ديون تونس تقترب من 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

 وبسبب هذا الوضع الاقتصادي المتدهور وانتشار البطالة وعدم المساواة، تصدّر التونسيون عام 2021 قائمة المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا عن طريق البحر المتوسط. 

ويقول نحو 51 بالمئة من الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا إنهم يفكرون في الهجرة، وفقًا لبحث أجرته "إنترناشيونال الارت تونيسيا".

وتحت ضغط صندوق النقد الدولي، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، خريطة طريق في ديسمبر 2021 وتعهد بتنفيذ حوار وطني، ومع ذلك، لن يتم انتخاب البرلمان الجديد حتى نهاية العام.

مصير غامض

تاريخيًا، استفادت جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات الشبيهة بالإخوان، من الأزمات الاجتماعية والسياسية، وتدخلت عندما عجزت الحكومات عن تلبية حاجات مواطنيها. 

من الانكماش الاقتصادي إلى الزلازل، ومن أنظمة التعليم السيئة إلى البطالة، كان الإخوان والأخوات، قادرين على تصوير أنفسهم على أنهم البديل الوحيد للفوضى، والوكلاء الوحيدون القادرون على توفير أشكال فعالة وملموسة من الرفاهية.

 ولقد كانت استراتيجية الرعاية الاجتماعية، التي تغطي الفجوات عنصرًا حاسمًا في الممارسة العملية لجماعة الإخوان المسلمين وروايتها الأيديولوجية، بالنسبة لها وللمجندين المحتملين، وهو ما يجعل الإعلانات الأخيرة عن الفساد مهمة للغاية.

 وذكر الموقع أنه في حال تأكدت تهم الفساد وغسل الأموال ضد الإخوان، فكيف يمكنهم الاستمرار في تقديم حركتهم، على أنها المصدر الوحيد للأمن الاجتماعي والاقتصادي للفقراء، وشبكة الأمان الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها؟ على الأرجح، لا يمكنهم ذلك.

وتمر حركة النهضة بعدم اليقين الوجودي، إذ لا يقتصر الأمر على أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بإمكان التنظيم إعادة اختراع نفسه لحماية الدور الذي لعبه في الحياة التونسية منذ عام 2011. والسؤال: هل لدى النهضة شيء لتقديمه للتونسيين؟ وهو سؤال يوجه أيضًا للقوى الإسلامية في المنطقة.