حرب محتملة.. أمريكا في مواجهة صعبة أمام روسيا والصين

في الوقت الذي تهدد فيه روسيا، بأكبر غزو بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، يرى العديد من السياسيين والخبراء العسكريين أن على واشنطن أن تعدّل من ردها على روسيا في أوروبا، للتركيز على التهديد الأكبر الذي تشكله الصين، في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ.

حرب محتملة.. أمريكا في مواجهة صعبة أمام روسيا والصين

ترجمات - السياق

قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن على الولايات المتحدة أن تستعد للحرب مع كل من روسيا والصين، ورأت أن تحول إدارة الرئيس جو بايدن، إلى الاهتمام بآسيا ونسيان أوروبا، ليس خيارًا مقبولًا على الإطلاق أو مطروحًا حتى.

و في الوقت الذي تهدد فيه روسيا، بأكبر غزو بري في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، يرى العديد من السياسيين والخبراء العسكريين أن على واشنطن "أن تعدّل من ردها" على روسيا في أوروبا، للتركيز على التهديد الأكبر الذي تشكله الصين، في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ.

كان السفير الأمريكي بمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا مايكل كاربنتر، قال إن أوكرانيا مهددة بما يتراوح بين 169 و190 ألف جندي وأمني توجههم روسيا.

 

خيار مستحيل

وترى "فورين بوليسي" أن الولايات المتحدة ستظل القوة الرائدة في العالم، ومن ثمّ لا يمكنها أن تختار بين أوروبا ومنطقتي المحيطين الهندي والهادئ، مضيفة أنه بدلًا من ذلك "يجب على واشنطن وحلفائها تطوير استراتيجية دفاعية قادرة على الردع، وإذا لزم الأمر، هزيمة روسيا والصين في الوقت نفسه".

وأشارت إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة، أرسل بايدن آلاف القوات الأمريكية، لتعزيز الجناح الشرقي لحلف الناتو، خوفًا من اندلاع حرب وشيكة في أوكرانيا، ما يهدد حلفاء الناتو السبعة المتاخمين لروسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا، علاوة على ذلك، أنه إذا نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، فإنه لن يتوقف عند هذا الحد.

وأوضحت المجلة أن بوتين أظهر اهتمامًا واضحًا بإحياء الإمبراطورية الروسية السابقة، وبذلك قد تكون دول أوروبا الشرقية الأخرى الضعيفة -بولندا أو رومانيا أو دول البلطيق- هي التالية، مشيرة إلى أن أي توغل روسي ناجح في أراضي أحد حلفاء الناتو يعني نهاية التحالف الغربي ومصداقية الالتزامات الأمنية الأمريكية على مستوى العالم.

 

التهديد الصيني

واعتبرت "فورين بوليسي" أن التهديد الذي تمثله الصين لا يقل خطورة عن روسيا، مشيرة إلى أن الأدميرال فيليب ديفيدسون، القائد السابق للقيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، توقع في تصريح للمجلة، أن تغزو الصين، تايوان في غضون السنوات الست المقبلة.

ورأت المجلة أنه إذا نجحت الصين في الاستيلاء على تايوان، سيكون ذلك الأمر "خسارة كبيرة للولايات المتحدة، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا رياديًا"، حيث ستكون بكين في طريقها إلى تعطيل النظام الذي تقوده واشنطن في آسيا، مع التطلع إلى فعل الشيء نفسه على مستوى العالم.

وعلاوة على ذلك، تضيف المجلة: "تعمل روسيا والصين معًا بشكل متزايد، كما تُظهر قمة هذا الشهر بين بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث تسعيان إلى شراكة استراتيجية أوثق، بما في ذلك المسائل العسكرية"، مشيرة إلى أن هناك خطرًا جسيمًا في نشوب حروب متزامنة بين القوى الكبرى في أوروبا والمحيطين الهندي والهادئ.

ولمعالجة هذه المشكلة (تفكيك التحالف الروسي الصيني)، أعرب عدد من الخبراء الذين تحدثت إليهم المجلة، عن أملهم بأن تتمكن واشنطن من تفكيك هذه القوى أو حتى الانحياز إلى روسيا ضد الصين، إلا أن هذه -بحسب هؤلاء الخبراء- ليست حلولًا واقعية، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة تفتقر إلى الموارد اللازمة لمواجهة روسيا والصين معًا.

 

حرب الجبهتين

وحسب المجلة، يحذر الخبراء من قوة الصين وثروة آسيا، مشددين على أنه من المتوقع أن تركز استراتيجية الدفاع الوطني لإدارة بايدن، التي تأخرت بسبب الأزمة الأوكرانية، على الصينمن  دون حل واضح لمشكلة الحرب على الجبهتين.

وشددت المجلة على ضرورة أن تبدأ الاستراتيجية الجيدة بأهداف واضحة، مشيرة إلى أن أهداف واشنطن المعلنة هي الحفاظ على السلام والاستقرار في أوروبا وآسيا.

وقالت: إن المصالح الأمريكية في أوروبا مهمة للغاية، حيث يعد الاتحاد الأوروبي -وليس آسيا- أكبر شريك تجاري واستثماري للولايات المتحدة، وهذا الاختلال في التوازن يكون أكثر وضوحًا عندما تتم إزالة الصين من المعادلة، مشيرة إلى أن التنافس عسكريًا مع الصين، يعني التنافس على الصعيد العالمي، وليس فقط في آسيا.

وتتابع: "باختصار، فإن نشر استراتيجية دفاعية، لا يمكنها التعامل إلا مع أحد منافسي القوة العظمى للولايات المتحدة -في إشارة إلى الصين- وهو ما يُتوقع من استراتيجية الدفاع الوطني المقبلة، يعني الفشل المحدق".

وأوضحت أنه بدلاً من ذلك، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها تصميم استراتيجية دفاعية قادرة على الردع، وإذا لزم الأمر، هزيمة روسيا والصين في أطر زمنية متداخلة.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها الرسميين، يمتلكون ما يقرب من 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويمكنهم معًا حشد الموارد بسهولة، للحفاظ على توازن ملائم للقوة العسكرية على الصين وروسيا، لكن ردع الصين وروسيا في الوقت نفسه لن يكون سهلًا على الإطلاق".

 

إعادة النظر

كانت "فورين بوليسي" طالبت دول الاتحاد الأوروبي، بضرورة إعادة النظر في العلاقات مع الصين، في حال استمرار دعمها المعلن للغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، مشيرة إلى أن هذا الدعم ستكون له تداعيات وعواقب وخيمة من الغرب.

وقالت في تقرير: إن الوضع أصبح مختلفًا عن ضم موسكو لشبه جزيرة القرم عام 2014، حيث كان دعم الصين الاقتصادي والسياسي لروسيا محدودًا.

وبينّت "فورين بوليسي" أن الصين وروسيا أصبحتا أقرب إلى حد كبير، مشيرة إلى أن دعم بكين لمواقف موسكو بشأن النظام الأمني الأوروبي واضح بشكل غير عادي، داعية الولايات المتحدة وأوروبا لعدم السماح للدعم الصيني للغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، بأن يمر من دون تكاليف.