هل تستطيع أمريكا منع إيران من امتلاك أسلحة نووية؟
إذا لم تتعامل الولايات المتحدة مع مخاوف إيران للتوصل إلى تسوية، على العالم أن يتعايش مع إيران كقوة نووية

ترجمات - السياق
قالت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، إن إيران أقرب الآن لامتلاك أسلحة نووية من أي وقت مضى، مشيرة إلى أن المحادثات النووية في فيينا، لإحياء خطة العمل المشتركة الشاملة لعام 2015، قد تكون الفرصة الأخيرة لمنع طهران من أن تصبح دولة نووية، ما قد يؤدي إلى سباق تسلح نووي في منطقة غير مستقرة.
وأضافت المجلة، في تحليل، أن الولايات المتحدة لديها خياران، إما أن تستمر في مسارها الحالي ومشاهدة إيران دولة نووية في مرحلة ما في المستقبل القريب، حتى لو وافقت طهران على إحياء الاتفاق النووي، وإما الاعتراف بأن الحقائق على الأرض تغيرت، ما يستدعي إجراء حوار مع إيران بشأن مخاوفها وتقديم تنازلات ممكنة.
وتابعت: "إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تؤدي دوراً قيادياً في الشرق الأوسط، ومنع إيران من حيازة أسلحة نووية في المستقبل المنظور، يتعين عليها تبني معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وإنهاء معاييرها المزدوجة تجاه برنامج إسرائيل النووي، وتعزيز منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط".
2022 ليس عام 2015
ورأت المجلة أن الحقائق على الأرض تغيرت كثيراً منذ عام 2015، وذلك يصب في مصلحة إيران، فمنذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي، الذي التزمت به إيران إلى حد كبير، خرقت الأخيرة التزامها وأحرزت تقدماً كبيراً في مساعيها النووية، إذ إنه بموجب خطة العمل المشتركة الشاملة، لم يكن يُسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد على 3.67%، ولكن في الوقت الحاضر، تخصب طهران اليورانيوم بنسبة 60%، وهي أعلى بكثير مما هو ضروري للأغراض المدنية.
ووفقاً للمجلة، يبدو أن صانعي السياسة الأمريكيين غير مستعدين للاعتراف بالتغيير في ديناميكيات القوة الإقليمية، كما أنهم تحدثوا مراراً وتكراراً في الأيام الأخيرة عن "الخطة البديلة" التي تتمثل في استخدام التدخلات العسكرية، في حال فشل المفاوضات، ولكن مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، فإن بايدن سيتردد في شن حرب أخرى في منطقة الشرق الأوسط، التي لم تعد تحظى بالدعم السياسي، بعد الحروب اللانهائية والفاشلة إلى حد كبير، في العراق وأفغانستان.
ديناميكيات القوة
عام 2015، أرادت طهران عقد صفقة بقدر ما أرادت واشنطن، لأن العقوبات الدولية كانت تسحق الاقتصاد الإيراني، ولكن الآن تحتاج الولايات المتحدة إلى الصفقة أكثر مما تحتاجها إيران، كما باتت الأخيرة تتحرك خارج مدار الأولى، بعد أن حصلت على عضوية منظمة شنجهاي للتعاون، وهو تحالف يضم روسيا والصين والهند وأسواقًا ناشئة، وهي العضوية التي تمكن طهران من توسيع تجارتها إلى تلك الاقتصادات الناشئة، حسب المجلة.
وتابعت: "في الوقت نفسه، بات موقف الولايات المتحدة منذ توقيع خطة العمل المشتركة الشاملة ضعيفاً، بالنظر لأن وضع الاحتياطي العالمي للدولار الأمريكي أصبح في حالة تآكل، ولذا فإن قوة العقوبات الأمريكية في تدهور مستمر أيضاً، ووفقاً لصندوق النقد الدولي فإنه عام 2001، شكّل الدولار الأمريكي 72% من احتياطات النقد الأجنبي في العالم، لكنه اليوم يشكل 59% فقط".
وحذرت "ناشيونال إنترست" من أنه إذا لم تتمكن الولايات المتحدة من تزويد إيران بالضمانات التي تسعى إليها، فإن الإيرانيين لن يجدوا فوائد في الموافقة على أي صفقة محتملة، كما أنه في ظل عدم وجود ثقة متبادلة بين الولايات المتحدة وإيران، فإن العالم قد يشهد تكراراً لما حدث في كوريا الشمالية عام 2007.
اتفاقية مستقرة
وقالت المجلة إن الخيار الوحيد للولايات المتحدة، لإحباط طموح إيران النووي، الاستماع إليها والتفاوض من أجل اتفاقية دائمة، مضيفة: "يجب على واشنطن أن تعمل على إنهاء مخاوف طهران الأمنية، وهي المعضلة التي يتطلب حلها أن تسعى الولايات المتحدة إلى منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، الأمر الذي يتطلب أولاً التوقف عن إنكار امتلاك إسرائيل أسلحة نووية".
وقالت المجلة: "بالنسبة لإيران يتعين عليها الموافقة على عكس كل ما أحرزته مؤخراً من تقدم نحو بناء أسلحة نووية، وقبول آليات دولية صارمة يمكن التحقق منها لمراقبة امتثالها للاتفاق".
وأضافت المجلة: صحيح أن هذه المقترحات قد ترسم ابتسامة عريضة على وجوه العديد من المتشددين في واشنطن، كمقترحات طموحة للغاية وغير واقعية، لكن نظراً للتطورات التي حققتها إيران -حتى الآن- في برنامجها النووي، والمعرفة التقنية التي اكتسبتها، فإن الوضع يتجه بوتيرة حادة نحو أزمة، وفي حال عدم تعامل الولايات المتحدة مع مخاوف طهران، لتحقيق تسوية تفاوضية، يتعين على العالم أن يتعايش مع إيران كقوة نووية.