ذا ناشيونال إنترست: التدخل الأمريكي في ليبيا بات حتميًا

يرى خبراء، أن إحجام إدارة بايدن، عن اتخاذ موقف أو سياسة واضحة، تجاه بعض القضايا، يعود إلى تفضيله وفريقه، عدم إهدار الموارد في مناطق أو ملفات غير مجدية، تحتاج إلى جهود شاقة من دون نتيجة.

ذا ناشيونال إنترست: التدخل الأمريكي في ليبيا بات حتميًا

ترجمات - السياق

قالت مجلة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية، إن ليبيا تقف عند نقطة تحول، وتحتاج إلى دور فاعِـل من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لإنهاء حالة الفوضى وإتمام العملية الديمقراطية، بإجراء الانتخابات المقرَّر إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل.

وأوضحت المجلة -في تقرير لها- أن الجهود الدبلوماسية، للمساعدة في العملية الدستورية الليبية، هي الفرصة التي تحتاجها الإدارة الأمريكية، لاستعادة دورها في الملف الليبي.

 

غياب السياسة الخارجية

وأشارت إلى أنه، رغم نجاح إدارة الرئيس جو بايدن، في معالجة مجموعة من القضايا، مثل: القضاء على التهرُّب الضريبي، والتغيُّـرات المناخية، ومواجهة تنامي النفوذ الاقتصادي الصيني في البلدان النامية، فإنها تفتقر إلى سياسة واضحة، تجاه بعض القضايا الخارجية، خصوصًا في ليبيا، التي تضربها الفوضى منذ سنوات، وتحتاج لمساندة قوية، من أجل الوصول إلى صناديق الاقتراع.

ويرى بعض الخبراء، أن إحجام إدارة بايدن، عن اتخاذ موقف أو سياسة واضحة، تجاه بعض القضايا، يعود إلى تفضيله وفريقه، عدم إهدار الموارد في مناطق أو ملفات غير مجدية، تحتاج إلى جهود شاقة من دون نتيجة، مدلِّلين على قولهم بمعارضة بايدن للحرب في العراق، أو زيادة القوات في أفغانستان، خلال رئاسة باراك أوباما.

 

تصاعد المخاوف

وأكدت المجلة الأمريكية، أن مخاوف بايدن من التدخل الخارجي، تتصاعد في حالة ليبيا، بسبب ذكريات تدخل الناتو 2011 في ليبيا، الذي تم تنفيذه، في ظِل إدارة أوباما، والهجمات المأساوية على بنغازي عام 2012، التي أسفرت عن اغتيال السفير الأمريكي، والانهيار الذي أعقب ذلك في المؤسسات الحاكمة هناك، مشيرة إلى أنه لتلك الأسباب، تفضِّل واشنطن عدم التدخل، بينما توجد هناك تحرُّكات أممية وأوروبية للمساعدة.

 

عواقب خطرة

وأشارت «ذا ناشيونال إنترست»، إلى أنه إذا كانت هذه الذكريات، التي وصفتها بـ«المؤلمة» في ليبيا، تمثِّل الدافع وراء هذا الانسحاب، فإنها تُظهر أيضًا العواقب الخطرة، لغياب الاهتمام الدبلوماسي الأمريكي.

ووصفت الوضع الحالي لليبيا بـ«المروِّع»، فبعد عقد من الصراع شِبه المستمر، انقسمت مجموعة من الميليشيات بين حكومتين، تعتمد كل منهما على رعاتها الدوليين.

وعبَّـرت المجلة الأمريكية، عن تفهمها لوجهة نظر بايدن، القائلة إن ليبيا حالة معقَّـدة، من الأفضل تركها للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلا أن هذا المنظور يتجاهل احتمال تفاقم الأوضاع هناك، من دون دعم الولايات المتحدة.

وتابعت: هناك علامات مقلقة، على أن العملية الدستورية، التي تدعمها الأمم المتحدة تواجه صعوبات، ما يجعل احتمال إجراء انتخابات ديسمبر موضع شك، ويجعل تجدُّد الصراع أمرًا محتملاً.

 

فوائد التدخل

أبرزت المجلة عددًا من الفوائد، في حال التدخل الأمريكي في الأزمة الليبية، قائلة، إنه من شأن الجهد الدبلوماسي الأمريكي الحاسم، أن يوفِّـر ثلاث مجموعات من الفوائد: الإنسانية، والسياسية، والدبلوماسية.

فالتدخل الأمريكي سيمنع تجدُّد الصراع، ما يؤدي إلى تجنُّب الموت والمعاناة وتفاقم الفقر، وهي بمنزلة فوائد إنسانية تحقِّق الأهداف السياسية للولايات المتحدة، وهي الوصول إلى ليبيا حرة ومزدهرة ومستقرة، والتي ستضع حدًا لنهاية الإرهاب.

وأشارت المجلة الأمريكية، إلى أن الاستقرار الليبي، يخفِّض درجة حرارة أزمة المهاجرين، بالنسبة للحلفاء الأوروبيين، وهي نقطة أكدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبايدن، كما أنه سيواجه النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، الذي استخدم فراغًا أمريكيًا مماثلًا في سوريا، للمطالبة بالأهمية الإقليمية.

 

فوائد دبلوماسية

ومن شأن الاستقرار الليبي، أن يساعد في عملية التقارب بين الولايات المتحدة وتركيا، وتعزيز الناتو، بحسب «ذا ناشيونال إنترست»، التي أشارت إلى فوائد دبلوماسية محتملة للتدخل الأمريكي، أبرزها إرسال رسالة واضحة للحلفاء والمعارضين على حد سواء، تقول: إن الولايات المتحدة تعود مجددًا على الساحة الدولية، وقادرة على حل النزاعات، وهو ما يخدم شعار (عودة الولايات المتحدة) الذي يرفعه بايدن.

 

السادات حاضرًا

المجلة أشارت إلى المقولة الخالدة للرئيس المصري الراحل أنور السادات، إن الولايات المتحدة «تمتلك 99% من الأوراق في المنطقة»، معتبرة أنها لا تزال صحيحة إلى حد كبير.

أما بخصوص مخاوف بايدن من استخدام القوة، فالأمر لا يحتمل التدخل العسكري بأي شكل من الأشكال، إذ إنه لا يوجد خطر من «حرب أبدية» أخرى في ليبيا، بحسب «ذا ناشيونال إنترست».

وأكدت المجلة، أن الدور الأمريكي لن يكون مقتصرًا، على الضغط على الجهات الفاعِلة، للتوصل إلى حل، لكن عبر دعم العملية الدستورية، التي تواجه حاليًا سلسلة من المعضلات، وسط الحاجة إلى دستور يحظى بدعم واسع النطاق وتأييد الفصائل المتنافسة، قبل ديسمبر المقبل، للسماح بإجراء الانتخابات المخطَّط لها.

وأشارت إلى أن ليبيا تقف عند نقطة تحول، ويمكن لإدارة بايدن، أن تتخذ موقفها الأول، في سياستها الخارجية، من خلال دعم التعافي السياسي والاقتصادي والاجتماعي لليبيا، من خلال ضخ قوة دبلوماسية وأفكار جديدة في العملية الدستورية الليبية، للخروج بهذا البلد من الفوضى، التي تلازمه منذ عقد تقريبًا.

 

عودة أمريكا

ومنذ توليه منصبه، اتخذ جو بايدن شعار «عودة أمريكا»، مؤكدًا أن بلاده على استعداد، لأخذ زمام المبادرة، في مواجهة القضايا الصعبة.