عملية عسكرية جديدة في سوريا.. هل تفعلها تركيا؟ 

من المرجح أن تختار أنقرة شن هجوم جديد في المناطق الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات

عملية عسكرية جديدة في سوريا.. هل تفعلها تركيا؟ 

ترجمات-السياق

توقعت مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، أن تشن تركيا عملية عسكرية جديدة في سوريا، قائلة إنه في الوقت الذي ينشغل فيه المجتمع الدولي -إلى حد كبير- بالغزو الروسي لأوكرانيا، فإن احتمال شن أنقرة لعملية عسكرية، تستهدف وحدات حماية الشعب شمالي شرق سوريا، السيناريو الأكثر ترجيحًا.

وقالت المجلة -في تقرير- إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كرر هدف أنقرة المتمثل في تطهير تل رفعت ومنبج، وهما منطقتان تقعان على الضفة الغربية لنهر الفرات، من سيطرة وحدات حماية الشعب التي تعدها تركيا الفرع السوري من حزب العمال الكردستاني.

وأضافت المجلة أنه حال تنفيذها، فإنها ستكون العملية العسكرية الثالثة، التي تستهدف التنظيم بشكل مباشر، كما تجدر الإشارة إلى أن هذه العملية العسكرية المحتملة شمالي سوريا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالهجمات العسكرية التركية المستمرة ضد حزب العمال الكردستاني، في إقليم كردستان العراق.

ورأت المجلة أن إمكانية شن عملية عسكرية تركية جديدة شمالي سوريا لا تبرز بسبب التهديدات الأمنية المتصاعدة المنبثقة من سوريا فحسب، ولكن بسبب الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة.

التوقيت وعوامل التمكين

رصدت المجلة نقاطًا رئيسة قالت إنها تبرز عند النظر في توقيت العملية الجديدة المحتملة شمالي سوريا منها:

أولاً وقبل كل شيء: أخذت تركيا في الحسبان حقيقة أن روسيا منشغلة للغاية بغزو أوكرانيا، وبذلك من غير المرجح أن تظهر رد فعل في مواجهة التوغل العسكري التركي بسوريا، كما أن الخسائر الكبيرة في أزمة كييف أجبرت موسكو على سحب بعض قواتها من دمشق ونقلها إلى أوكرانيا، ولذلك، فإن أنقرة تشعر بالراحة لأنها تعلم أنه من غير المرجح أن تشكل موسكو أي عائق في وجه أي عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب شمالي سوريا.

وتابعت: "في حال شنت تركيا هجوماً وسيطرت على تل رفعت، وهي منطقة تسيطر عليها وحدات حماية الشعب تحت الحماية الروسية، قد يكون ذلك على حساب موسكو، لأن الاستيلاء على المنطقة سيجلب الجيش الوطني السوري -المدعوم من تركيا- بالقرب من مناطق سيطرة النظام في حلب، ولهذا السبب، من المرجح أن تحاول موسكو إقناع وحدات حماية الشعب بتسليم المنطقة التي تحتفظ بها للنظام، كإجراء لتجنُّب العملية التركية".

ثانياً: أدت محاولة توسيع حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأخيرة، من خلال انضمام السويد وفنلندا، لتزويد تركيا بالنفوذ في ما يتعلق بالعملية العسكرية المحتملة شمالي سوريا، لأن من المعروف أن أنقرة كانت تعارض انضمام هذين البلدين إلى حلف الناتو، لذلك استخدمت الأمر وسيلة ضغط، كما أنها كانت تحاول التفاوض مع الولايات المتحدة في ملفات مختلفة، من خلال قضية الانضمام إلى الناتو هذه.

وأضافت: "مع ذلك، كانت أنقرة تدرك أن نافذة الفرص المتاحة لها لن تدوم إلى الأبد، ولهذه الأسباب، فإنها تأمل ألا يؤدي شن العملية العسكرية المحتملة شمالي سوريا، في الوقت الحالي، إلى إثارة أي رد فعل كبير من الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، وكذلك دول الاتحاد الأوروبي، كما أنها بعد أن أزالت حق النقض (الفيتو) على انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، تشعر بالتشجيع المتزايد لبدء عمليتها شمالي سوريا، فضلاً عن أن ردود الفعل الغربية حتى الآن، بما في ذلك البيانات الأمريكية الضعيفة التي تعرب عن القلق، شجعت أنقرة أيضاً، وهناك مسألة أخرى تدعمها وهي أن قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة ترفضان رسمياً وجود وحدات حماية الشعب في تل رفعت".

وذكرت المجلة أنه في ظل الظروف الحالية، فإن الهجوم على مناطق مثل كوباني إلى جانب بعض المناطق الأخرى مثل عين عيسى وتل تمر، التي تقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، لا يبدو محتملاً بشكل كبير، بسبب دعم الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية واحتمال حدوث رد فعل سلبي من الغرب، ولذا يمكن القول إن نهر الفرات سيكون حدودًا طبيعية للتوغل العسكري التركي المحتمل شمالي سوريا في الوقت الحالي، ومع ذلك، من المرجح أن تستمر حرب استنزاف مطولة، بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا شرقي النهر.

وتابعت: "بناءً على هذه العوامل، فإن الهدف الأكثر ترجيحاً للعملية التركية هو تل رفعت، ففي الوقت الذي تقوم فيه أنقرة بتطبيع علاقاتها مع دول مختلفة من السعودية إلى إسرائيل، فإنها تأمل ألا يؤدي شن عملية عسكرية في هذه المنطقة إلى رد فعل سلبي، وتعد إيران الدولة الوحيدة التي قد ترد بالسلب في الوقت الحالي، كما يمكن أن تعرقل العملية من خلال وكلائها، ولذا فإنه ليس من المستغرب أن تشكل الجماعات المتحالفة مع طهران غرفة عمليات مشتركة مع وحدات حماية الشعب، في محاولة لصد أي عملية تركية محتملة".

ثالثاً: عملية تركيا المحتملة ستكون مُبررَة أيضاً بسبب حاجة أنقرة لتوسيع المناطق الآمنة شمالي سوريا، التي يمكن أن تستوعب اللاجئين السوريين المقيمين في أنقرة، وإدراكاً منه لتصاعد مشاعر كراهية الأجانب والعنصرية داخل بلاده، أعلن أردوغان خطة تسوية يرسل بموجبها مليون لاجئ سوري إلى بلادهم، ورغم أن هذه الخطة محفوفة بالعديد من المشكلات، فإن احتمال شن عملية عسكرية يخدم وعد الحزب التركي الحاكم بإعادة السوريين إلى بلادهم، في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد عام 2023، وفي هذا الصدد، فإن الخطاب المتعلق بالعملية العسكرية يساعد الحزب الحاكم في ترسيخ قاعدة ناخبيه.

ونهاية التقرير، قالت "ناشيونال إنترست": بالنظر إلى الديناميكيات السياسية الداخلية لتركيا والبيئة الجيوسياسية المتغيرة، رداً على الصراع في أوكرانيا، يبدو من المرجح أن تختار أنقرة شن هجوم جديد في المناطق الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات في سوريا، ما لم تقدِّم وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية تنازلات جدية، لروسيا والنظام السوري، في الفترة المقبلة.