ذا ناشيونال إنترست: 5 اتجاهات توضح كيف يتغير العالم
على الغرب الاستعداد لحساب طال انتظاره... 5 اتجاهات توضح كيف يتغير العالم

ترجمات – السياق
قالت «ذا ناشيونال إنترست»، إن خمسة اتجاهات رئيسة توضح كيف يتغير العالم، مشيرة إلى أن على الغرب أن يعلم حقيقة أنه لم يعد قادرًا على فرض «قيادته» على العالم كما فعل.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن النظام الدولي متعدد الأقطاب آخذ في الزوال، مشيرة إلى أنه بينما يتصارع العالم مع الآثار المترتبة على هذا التحول في السلطة، تتشكل أسس «الحساب العظيم».
وأشارت إلى أن هذا الحساب سيتحدى المعتقدات والهياكل الراسخة، التي حافظت على الهيمنة الغربية على العالم عبر مئات السنين الماضية، وكشفت على طول الطريق طبيعة استحقاق الغرب المتصور لقيادة نظام التسلل العالمي، مؤكدة أن النتيجة النهائية ستكون إعادة تقييم مهمة للعلاقات الدولية كما نعرفها.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن هذا الحساب العظيم سيكون مدفوعًا بخمسة اتجاهات رئيسة، تجبر الدول الغربية على مواجهة المستقبل والتكيف معه حيث يجب مشاركة القوة مع البقية في عالم متعدد الأقطاب، مشيرة إلى أن الفشل في معرفة هذه الاتجاهات أو محاولة مقاومتها بقوة، قد يشكل مخاطر كبيرة ليس فقط على الغرب، لكن أيضًا على الاستقرار العالمي.
إلا أنه مع ذلك، يمكن تجنُّب الصراعات المستقبلية بالنظر إلى فترة التغيير هذه على أنها فرصة لبناء عالم أكثر إنصافًا، وليس أزمة تهدد الامتيازات المفضلة والراسخة.
خمسة اتجاهات
المستقبل الذي ينتظر الغرب -الانتقال السلس نحو التعددية القطبية أو فترة عدم الاستقرار والصراع المحتمل- سيعتمد إلى حد كبير على كيفية استجابة صانعي السياسة للاتجاهات الخمسة التالية.
الاتجاه الأول: تفكك رواية التاريخ حتى الآن، التي تضمنت أن الغرب مارس عبر تاريخه الاستعماري، وأتقن التفسير الانتقائي وسرد الأحداث، واختار تصوير نفسه على أنه منشئ الحضارة الحديثة وقوة إرشادية خيرة.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن هذا يتغير الآن، فلقد كسرت تقنيات المعلومات، مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، مسألة احتكار المعلومات والتاريخ الذي كانت تملكه مؤسسات حراسة البوابات الغربية (شركات الإعلام والجامعات وناشرو الكتب وغير ذلك)، مشيرة إلى أنه نتيجة لذلك، فإن الناس في جميع أنحاء العالم يدركون أن التاريخ لم يعد مقتصرًا على التفسير الغربي.
كان أحد المكونات المهمة في ذلك، فشل الغرب المتكرر في الاعتراف بماضيه، تقول «ذا ناشيونال إنترست»، مشيرة إلى أنه رغم تضخيم الأخطاء المتصورة للآخرين، فقد التزم الغرب الصمت بشأن لحظاته البغيضة، مثل تدمير الرواد الأمريكيين الأوائل لثقافات الأمة الأولى، أو الاستغلال الأوروبي للقارة الإفريقية، أو معاملة أستراليا للشعوب الأصلية.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن معالجة هذه الأحداث التاريخية مهمة بشكل خاص، لأنها تؤثر في السلوك الحالي، مشيرة إلى أن الدول الغربية تواجه أيضًا مشكلات في الاعتراف بالأخطاء والنيات المعاصرة.
وأشارت إلى أنه يمكن للدول غير الغربية أن توضح أن بلدانها ومجتمعاتها لها تاريخ طويل لا يوجد فقط رغم التفسير الغربي، فإن هذه التواريخ تحتاج إلى استكشافها وفهمها وإخبارها، مؤكدة أن على الغرب أن يتصارع مع هذا الاتجاه وتداعياته، بدلاً من الاستمرار بحجبه في حالة إنكار.
واستدلت الصحيفة الأمريكية على رؤيتها، بالجهود الدبلوماسية المستمرة التي تبذلها الحكومة الهندية لإجبار بريطانيا العظمى على إعادة الكنز المسروق من الهند، بما في ذلك بعض جواهر التاج.
الاتجاه الثاني
يتمثل الاتجاه الثاني في إعادة تقييم النظام الدولي «المستند إلى القواعد»، تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أنه لا يحب صانعو السياسة في واشنطن سماعه، لكن هذا المفهوم موضع كثير من السخرية في جميع أنحاء العالم، ويُنظر إليه -على نطاق واسع- على أنه أداة يستخدمها الغرب للسيطرة على الشؤون العالمية والحفاظ على الهيمنة، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن هناك استياءً كبيرًا يتنامى ضد الدول الغربية، للانتهاك المتكرر لقواعدها الخاصة، ما يعني أن شرعية هذا النظام موضع تساؤل، رغم جوانبها الإيجابية.
يتزامن مع هذا الإحباط المتزايد، حقيقة أن توزيع القوة عبر مزيد من الدول يغير النظام العالمي الحالي ويوفر فرصًا وتحديات جديدة، تقول «ذا ناشيونال إنترست»، مشيرة إلى أن الصين احتلت مكانة أكثر بروزًا، حيث قدمت المنافع العامة العالمية مثل صنع السلام ومعالجة تغير المناخ بطريقة لا ترغب الدول الغربية أو لا تستطيع القيام بها، كما فعلت الهند في تأكيد نفسها، شأنها في ذلك شأن الدول الأخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا.
ومع تحديد مزيد من الدول لمساراتها في القرن الحادي والعشرين، على الغرب أن يدرك أن ميزان القوى الدولي تغير، بحسب الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى أنه لا يمكنه (الغرب) بعد الآن، الاستمرار في فرض إرادته على الآخرين.
وأشارت إلى أن صعود الصين ودول أخرى دليل على ذلك، فعلى الغرب أن يتصالح مع هذا الواقع الجديد، وأن يدرك أن هناك حاجة إلى نهج جديد أكثر براغماتية ومتعدد الأقطاب، مؤكدة أن الدول تنتهج سياسات خارجية ملتزمة بالتعايش، مدفوعة بمصالحها الخاصة بدلاً من الانحياز إلى «جانب واحد».
الاتجاه الثالث
يتمثل الاتجاه الثالث في كشف القناع عن عمليات "حفظ السلام" الغربية. ورغم تصوير نفسها أنها الضامن للأمن العالمي، فإن كثيرًا من العالم ينظر إلى الولايات المتحدة وأوروبا إلى حد أقل، على أنهما يستفيدان من الحرب، بدلاً من الاهتمام بتعزيز السلام.
وتقول «ذا ناشيونال إنترست»، إن المجمع الصناعي العسكري الغربي -خاصة الولايات المتحدة- قوي للغاية لدرجة أنه أصبح معروفًا بأنه يقود السياسة الخارجية للولايات المتحدة، إلى الحد الذي يؤدي إلى استمرار الصراعات للاستفادة من الحرب.
في الوقت الحاضر، تقود الولايات المتحدة وحلفاؤها في "الناتو" الزيادة في الإنفاق العسكري العالمي، فأمريكا تنفق على الدفاع أكثر مما تنفقه الدول العشر التالية مجتمعة، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن ما يقرب من نصف ميزانية البنتاغون تذهب إلى متعاقدين من القطاع الخاص كل عام، بينما يتبرع المجمع الصناعي العسكري بملايين الدولارات لسباقات الكونغرس الأمريكي، ما أدى إلى الاستيلاء على الدولة وزيادة كبيرة في ميزانيات الدفاع.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن بقية العالم أدركت أنه لا يمكن الوثوق بالغرب وحده لقيادة جهود السلام العالمية، خاصة إذا كان جزء كبير من اقتصاداته موجهًا للاستفادة من الصراع، مشيرة إلى أنه في ضوء ذلك، يحدث تغيير إيجابي، فالصين توسطت في اتفاقيات سلام رائدة، بين المملكة العربية السعودية وإيران، على سبيل المثال.
الاتجاه الرابع
الاتجاه الرابع يتمثل في إطاحة البنية المالية الغربية الفوقية، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن استخدام الغرب لقوته المالية -على نطاق واسع- لتحقيق مكاسب وأغراض جيوسياسية ليس سرًا، مشيرة إلى أن صانعي السياسة والخبراء صرحوا بـ«تسليح التمويل» وفرض عقوبات على الدول التي لا تمتثل للنيات الغربية.
وبالمثل، فإن قدرة الولايات المتحدة وحلفائها على تجميد وحتى مصادرة احتياطات الدول ذات السيادة -أفغانستان وفنزويلا وروسيا- تسببت في صدمة العالم.
وبسبب هذا وسجل الغرب الخاص من الجشع المالي وسوء التصرف -الذي أدى إلى أزمات مدمرة مثل الأزمة المالية 2007-2008 والانهيار الأخير لبنك وادي السيليكون، الذي كانت له أصداء عالمية، وينمو عدم الثقة بالغرب ورفضه.
وأشارت «ذا ناشيونال إنترست»، إلى أن الجهود جارية لتفكيك الامتياز الباهظ الممنوح للولايات المتحدة من خلال عملتها، مؤكدة أن إلغاء الدولرة يحدث كثيرًا، فحصة العملة من الاحتياطات العالمية انخفضت إلى 47% العام الماضي، مقابل 73% عام 2001.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية، أن البلدان تبحث عن بدائل لنظام سويفت، الذي استخدم أيضًا لمساعدة الدول الغربية على أساس العقوبات، ما أزعج الأغلبية العالمية، مؤكدة أنه مع اكتساب البلدان ذات العملات المستقرة تأثيرًا، يظهر نظام اقتصادي متعدد الأقطاب، يعيد تشكيل التحالفات الجيوسياسية والدبلوماسية الاقتصادية وتوازن القوى داخل المؤسسات الدولية.
وأشارت إلى أن هذا التغيير يمنح الدول النامية مرونة أكبر في إدارة عملاتها وسياساتها النقدية، ويحد من قدرة الغرب على فرض عقوبات من جانب واحد، مؤكدة أن دول البريكس تجاوزت مجموعة الدول السبع، من حيث الناتج المحلي الإجمالي، ما يشير إلى إعادة توزيع القوة الاقتصادية، ويلمح إلى مستقبل من التعاون في التجارة والاستثمار والبنية التحتية والمساعدة الإنمائية.
الاتجاه الخامس
الاتجاه الخامس، يتمثل بالانهيار الملحوظ في مصداقية الصحافة الغربية، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن هذا يأتي يأتي في منعطف حرج، حيث أدت أوجه القصور المتكررة في السنوات الماضية إلى زيادة الوعي العالمي بدور الإعلام الغربي في إدامة الجوانب المفضلة للغرب في النظام العالمي الحالي، غالبًا على حساب الدول الأخرى.
فعلى سبيل المثال، أدى تقريع الصين المستمر في عناوين الأخبار الغربية، إلى تكريس رواية غير منتجة ومثيرة للخوف عن بكين كتهديد لمواطنيها والعالم، تقول الصحيفة الأمريكية، مشيرة إلى حشد السياقات الجيوسياسية لهونج كونج وتايوان، رغم تعقيدها، بشكل خاص وانتقائي لدفع رواية «نحن ضدهم»، بدلاً من تشجيع التفاهم بين الغرب والصين.
وبالمثل، فإن التغطية الأحادية الجانب بشكل كبير للنزاع الأوكراني تتجاهل بانتظام التعقيدات الجيوسياسية الوطنية والإقليمية في العلاقة الروسية الأوكرانية الطويلة الأمد وتاريخ توسع "الناتو" في أوروبا، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن الافتقار إلى التقارير عن تفجير نورد ستريم، الذي يعتقد كثيرون أن وراءه دولة غربية.
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن التغطية غير الكافية والمتحيزة للنزاعات غير الغربية، مثل تلك الموجودة في اليمن وميانمار وفلسطين، أشارت بأصبع الاتهام إلى وسائل الإعلام الغربية، بالإهمال والتحيز وحتى العنصرية.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إن الحكومات الغربية التي تعمل في غرفة إنكار تحتاج للتواصل مع أصدقائها في العالم وإدراك ما هو واضح للجميع باستثناء أنفسهم: أن العالم ليس كما كان في حقبة ما بعد الحرب الباردة.
وأشارت إلى أن الطرق القديمة انتهت، فالغرب ببساطة لا يملك القوة السياسية والمالية، ناهيك عن الشرعية الدولية، كما فعل، مؤكدة أن على الدول الغربية أن تتكيف مع هذه البيئة الدولية المتغيرة، بدلاً من الإصرار بعناد على العمل كالمعتاد.