قصة 7 ساعات من المحادثات المضنية.. أوبك بلس تدافع عن الذهب الأسود
في التعاملات المبكرة –الاثنين- ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.4% إلى 78 دولارًا للبرميل، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 2.5% إلى 73.53 دولار للبرميل.

السياق
ساعات من المفاوضات، بين منتجي النفط الخام المنضوين تحت لواء تحالف أوبك بلس، أسفرت عن قرارات وُصفت بأنها أداة لاختبار الأسواق خلال الفترة المقبلة، التي قد تؤدي نتائجها إلى تغيير في الخطط.
ورغم التقارير التي تحدثت كثيرًا عن خلافات بين الـ23 مشاركًا في اجتماع تحالف أوبك بلس، الأحد، الذين يمثلون 60 بالمئة من إنتاج النفط في العالم، فإن مناقشات الساعات السبع أفضت إلى توافقات، حصلت بموجبها دولة الإمارات على زيادة في أساس حساب حصتها من إنتاج الخام.
أبرز القرارات
بـ 3.66 مليون برميل يوميًا، بما يعادل 3.6% من الطلب العالمي، أجرت "أوبك بلس" تخفيضات، بينها مليونا برميل يوميًا تم الاتفاق عليها العام الماضي، وخفض طوعي قدره 1.66 مليون برميل يوميًا في أبريل.
كانت تلك التخفيضات سارية حتى نهاية 2023، إلا أن "أوبك بلس" قالت –الأحد- إنها ستمددها حتى نهاية عام 2024 ضمن اتفاق أوسع بشأن سياسة الإنتاج، جرى التوصل إليه بعد سبع ساعات من المحادثات.
وفضلًا عن تمديد تخفيضات "أوبك بلس" الحالية البالغة 3.66 مليون برميل يوميًا، اتفقت المجموعة أيضًا على خفض إجمالي الإنتاج المستهدف من يناير 2024 بـ 1.4 مليون برميل يوميًا أخرى، مقارنة بالأهداف الحالية، إلى 40.46 مليون برميل يوميًا.
إلا أن قسمًا كبيرًا من هذه التخفيضات لن يكون حقيقيً، إذ خفض التحالف مستهدفات روسيا ونيجيريا وأنجولا، لجعلها تتماشى مع مستويات الإنتاج الحالية.
وقررت السعودية إجراء خفض كبير آخر لإنتاجها النفطي في يوليو، إضافة إلى ما تم إقراره الأحد ضمن اتفاق أوسع نطاقًا لـ "أوبك بلس" لتقليص الإنتاج حتى عام 2024، الذي يعد محاولة من التكتل لدعم أسعار النفط المتراجعة.
اتفاق قال عنه وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إن الخفض الإضافي سيجعل إنتاج المملكة تسعة ملايين برميل نفط يوميًا في يوليو بدلًا من عشرة ملايين برميل نفط يوميًا، هو مجموع الإنتاج الحالي، في أكبر تقليص سعودي للإنتاج منذ سنوات.
وأوضح الوزير السعودي، في مؤتمر صحفي، أن "أوبك بلس" ترغب في إضافة عنصر التشويق، إذ لا تريد أن يحاول الناس التنبؤ بما ستُقدم عليه، مؤكدًا أن سوق النفط بحاجة إلى الاستقرار.
بينما قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين -الاثنين- إن تحالف "أوبك بلس" للدول المنتجة للنفط كيان مهم، لضمان الاستقرار في أسواق الطاقة العالمية.
ماذا يعني القرار؟
قال محللون إن قرار "أوبك بلس" بعث بإشارة واضحة مفادها أن المجموعة مستعدة لدعم الأسعار ومواجهة المضاربين، بينما قالت أمريتا سين الشريكة المؤسسة لمركز أبحاث إنرجي أسبكتس: إنها إشارة واضحة للسوق بأن "أوبك بلس" مستعدة لوضع حد للسعر والدفاع عنه.
جاري روس مراقب أوبك المخضرم، مؤسس بلاك جولد إنفيستورز قال لوكالة «رويترز»: «السعوديون نفذوا تهديداتهم للمضاربين ومن الواضح أنهم يريدون أسعار نفط أعلى».
وكتب فيفيك دهار، مدير أبحاث التعدين وسلع الطاقة في كومنولث بنك أوف أستراليا، في مذكرة –الاثنين- اطلعت عليها صحيفة إنسايدر: «نعتقد أن المملكة العربية السعودية ستتطلع إلى تعميق تخفيضات الإنتاج إذا انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بشكل مستدام إلى ما دون 70 دولارًا للبرميل».
وقال دهار، في تصريحات لـ«إنسايدر»: «إذا انخفضت الأسعار إلى ما دون هذا المستوى في غضون شهر، من المرجح أن تعمق السعودية التخفيضات في أغسطس».
وأضاف المحلل في المذكرة أن المملكة العربية السعودية قد تمدد تخفيضات الإنتاج في يوليو المقبل، إذا ظلت العقود الآجلة لخام برنت عالقة بين 70و75 دولارًا للبرميل.
وقال كانغ وو، رئيس الطلب العالمي وآسيا التحليلات في S&P Global Commodity Insights ، إن تحرك "أوبك بلس" ضمن توقعاتنا في حين أن المملكة أوضحت عزمها على دعم السوق.
كيف أثر القرار في أسعار النفط؟
في التعاملات المبكرة –الاثنين- ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 2.4% إلى 78 دولارًا للبرميل، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 2.5% إلى 73.53 دولار للبرميل.
وتخلت العقود الآجلة لخام برنت عن بعض المكاسب، وتم تداولها بأقل من 78 دولارًا للبرميل عند الشيك الأخير.
ومع ذلك، يتوقع دار أن ترتفع العقود الآجلة لخام برنت إلى 85 دولارًا للبرميل بحلول الربع الأخير من عام 2023 «حتى مع أخذ انتعاش الطلب الفاتر بالصين في الاعتبار».
وكتب في المذكرة: «مع حماية المملكة العربية السعودية لأسعار النفط من الانزلاق إلى مستويات منخفضة للغاية عن طريق خفض الإنتاج، نعتقد أن أسواق النفط أصبحت أكثر عرضة للنقص في وقت لاحق من هذا العام».
كيف تؤثر قرارات أوبك في الاقتصاد العالمي؟
تقول وكالة رويترز، إن دول "أوبك بلس" تضخ نحو 40% من الخام العالمي، ما يعني أن قراراتها الخاصة بسياسة الإنتاج يمكن أن يكون لها تأثير كبير في أسعار النفط، إضافة إلى أنها تضم دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء بقيادة روسيا.
وقاد إعلان مفاجئ لخفض الإنتاج في أبريل الماضي، إلى ارتفاع أسعار النفط بنحو تسعة دولارات للبرميل لتتجاوز 87 دولارًا، لكنها تراجعت تحت ضغط المخاوف من النمو الاقتصادي العالمي والطلب.
والسعودية العضو الوحيد في "أوبك بلس" الذي لديه قدرة وسعة تخزين احتياطية كافية، لتمكين المملكة من تقليص الإنتاج ورفعه بسهولة، حيث استطاعت سريعًا التعامل مع فائض المعروض الذي أضعف السوق في المراحل الأولى من جائحة كورونا عام 2020 عندما نفذت مجموعة المنتجين تخفيضات قياسية في الإنتاج.
ومنذ بدء العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا في فبراير من العام الماضي، تتهم دول غربية "أوبك" بالتلاعب في أسعار النفط وتقويض الاقتصاد العالمي، من خلال تكاليف الطاقة الباهظة. كما يتهم الغرب "أوبك" بالوقوف إلى جانب روسيا.
وردًا على ذلك، تقول مصادر من داخل "أوبك" إن طباعة الغرب للنقود -خلال العقد الماضي- أدت لارتفاع التضخم وأجبرت الدول المنتجة للنفط على العمل من أجل الحفاظ على قيمة صادراتها الرئيسة، بحسب «رويترز».
وكانت لبعض قرارات خفض الإنتاج آثار كبيرة في الاقتصاد العالمي، فخلال حرب أكتوبر 1973، فرض الأعضاء العرب في "أوبك" حظرًا على شحنات النفط إلى الولايات المتحدة، ردًا على قرارها إعادة إمداد الجيش الإسرائيلي، وشمل القرار الدول الأخرى التي دعمت إسرائيل، كما أعلنت المنظمة تخفيضات في الإنتاج.
وضغط الحظر على الاقتصاد الأمريكي، الذي كان يعاني بالفعل ويعتمد على النفط المستورد. وقفزت أسعار النفط، ما تسبب في ارتفاع تكاليف الوقود بالنسبة للمستهلكين ونقص الوقود في الولايات المتحدة، كما دفع الحظر الولايات المتحدة ودولًا أخرى إلى شفا ركود عالمي.
وخلال عمليات الإغلاق المتعلقة بجائحة كورونا عام 2020، تراجعت أسعار النفط الخام. وإثر ذلك، خفضت "أوبك بلس" إنتاج النفط بنحو 10 ملايين برميل يوميًا، ما يعادل 10 بالمئة تقريبًا من الإنتاج العالمي، في مسعى لدعم الأسعار.
أعضاء "أوبك"
الدول الأعضاء الحالية في أوبك: السعودية والإمارات والكويت والعراق وإيران والجزائر وأنجولا وليبيا ونيجيريا والكونجو وغينيا الاستوائية والجابون وفنزويلا.
أما الدول المشاركة في تحالف "أوبك بلس" وليست من أعضاء أوبك، فهي روسيا وأذربيجان وقازاخستان والبحرين وبروناي وماليزيا والمكسيك وعُمان وجنوب السودان والسودان.