ما أسباب العداء الإثيوبي لأمريكا؟

مع تصعيد الحرب ضد المتمردين في تيغراي، يتزايد العداء لأمريكا لكن وساطة القوى الغربية آخر أمل للبلاد.

ما أسباب العداء الإثيوبي لأمريكا؟

ترجمات - السياق

قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن الحرب في إقليم تيغراي، بين الحكومة الإثيوبية والمتمردين، التي تسببت في معاناة ووحشية لا توصف، منذ أن بدأت قبل عام، تهدد الآن بالتحول إلى حرب أهلية على نطاق أوسع، محذرة من أنه سيؤدي إلى انهيار الدولة بشكل لا رجعة فيه، وستكون له عواقب على مستوى المنطقة.

ورأت المجلة، في تقرير، أن إثيوبيا وصلت إلى مرحلة لا تستطيع فيها إنقاذ نفسها، مشيرة إلى أنه يتعين على طرف آخر ذلك، ورغم أنه كان من المتوقع إنقاذها من قِبل دول شرق إفريقيا، فإن ذلك يبدو غير مرجَّح الآن.

 

فشل الوساطة

وقالت المجلة، إن الاتحاد الأفريقي، حاول من دون جدوى حتى الآن، التوسط لإنهاء النزاع في أديس أبابا، فمن الناحية النظرية، يمكن أن يهدد الاتحاد الإفريقي بتعليق عضوية إثيوبيا إذا لم يكن هناك جهد لحل الصراع، إلا أن المقر الرئيس للاتحاد يقع في أديس أبابا، لذا فإنه من غير المرجح أن يزعج مضيفه، كما أنه طالما كان المجتمع الدولي متردداً في التدخل في شؤون إفريقيا، قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة، كما كان الحال في رواندا والصومال ونزاع دارفور في السودان.

لكن الغرب وحده، هو الذي لديه القدرة على إنقاذ الدولة الإثيوبية من القضاء على مواطنيها، وإنقاذ نفسه نهاية المطاف.

وأشارت المجلة إلى أنه مع ذلك، فإنه لا يمكن للغرب أن ينقذ إثيوبيا من دون تعاون حُكام البلاد، الذين أصبحوا في الوقت الحالي غاضبين بشكل متزايد من القوى الغربية، لا سيما الولايات المتحدة، إذ يبدو أن شكلاً جديداً من أشكال العداء لأمريكا آخذ في الظهور في إثيوبيا، حيث تريد حكومة أديس أبابا احترام سيادتها، بينما تريد الولايات المتحدة أن تتوقف الأخيرة عن قتل شعبها.

 

الثقة بالغرب

رأت "فورين بوليسي" أن مصدر العداء لأمريكا في إثيوبيا ليس أيديولوجياً، بل ظاهرة قصيرة المدى، إذ إنه مرتبط بما يتصور البعض أن الولايات المتحدة تفعله وليس بما تفعله في الواقع، لذا فإنه في مثل هذه اللحظة المحفوفة بالمخاطر، من المهم أن يفهم الإثيوبيون العاديون أهمية ثقتهم بالغرب.

وتابعت: "ومن أجل زيادة فرص النجاح في جهود صُنع السلام التي يبذلها، فإن الغرب يحتاج أيضاً إلى تفهم سبب تردد حكام إثيوبيا في التوصل إلى تسوية، فضلاً عن سبب استخدام أديس أبابا لبعض المصطلحات العاطفية القوية، كما أنه من المهم بالقدر نفسه، أن يفهم الإثيوبيون سبب قلق الغرب من تجنُّب احتمال انهيار الدولة في إثيوبيا".

وذكرت المجلة: "لا توجد حلول سهلة للحرب الأهلية في إثيوبيا، لكن ربما يجب أن يبدأ الجهد من اعتراف الإثيوبيين بأن الوقت حان لتغيير نهجهم، فمصالح إحدى المجموعات العرقية، بصرف النظر عن حجمها، ومصالح إثيوبيا ليست هي نفسها دائماً، بل إنها يمكن أن تكون أحياناً متناقضة، فإحياء واستمرارية إثيوبيا كدولة فاعلة، يتوقف على قبول هذه الحقائق البسيطة".

 

الصراع في تيغراي

وقالت "فورين بوليسي": يمكن لأصدقاء إثيوبيا الغربيين مساعدة البلاد في محاولتها إنقاذ نفسها، لكن العلاقة بين الغرب وحكومة إثيوبيا الآن في أدنى مستوياتها، كما بات موقف شريحة من سكان المناطق الحضرية في إثيوبيا سلبياً من الغرب، وهو ما يعد رد فعل غير مُبرَر في كثير من الأحيان، على موقف الغرب من الصراع في تيغراي.

وفقاً للمجلة، يجب على الإثيوبيين أن يسألوا أنفسهم: هل العداء لأمريكا يصب في مصلحة إثيوبيا؟، قائلة إنه منذ اندلاع الحرب في تيغراي، كانت هناك نقاشات في الغرب بين ثلاث مجموعات على الأقل من الإثيوبيين، إذ ترى المجموعة الأولى أن دافع الغرب للانخراط مع إثيوبيا استعماري جديد أو تآمري، وتبدو هذه المجموعة معادية للغرب بشكل حازم، وداعمة لحكومة آبي أحمد بشكل علني، كما يفضل معظم أعضاء هذه المجموعة تسمية أنفسهم إثيوبيين، رغم أن أغلبيتهم العظمى من الأمهرة.

أما المجموعة الثانية، فتعتقد أن هدف الغرب هو دعم إثيوبيا، لتجاوز التحديات التي تواجهها حالياً، وهم يشبهون العلاقة بين الغرب وإثيوبيا، بعلاقة بين فاعل خير ومنتفع.

أما المجموعة الثالثة، فترى أن العلاقات الثنائية تبادلية يستفيد منها الطرفان، وإن كان ذلك بشكل غير متساو، حيث تدرك هذه المجموعة أن سياسة الغرب غالباً ما تكون مدفوعة بقيمه وكذلك بالسياسة الواقعية، وهذه المجموعة ذات تكوين متعدد الأعراق، ومستعدة للتعايش مع أي نوع من الترتيبات السياسية في إثيوبيا، طالما أن هذا ما تريده الأغلبية، كما أنها لا توافق على فكرة المؤامرة الغربية ضد أديس أبابا.

زمام المبادرة

ورأت المجلة أنه إذا أراد آبي أحمد إبقاء إثيوبيا، الدولة متعددة الأعراق التي يتجاوز عدد سكانها 100 مليون، متحدة، عليه تبني الجهود الغربية وليس تجنُّبها، لأن أديس أبابا لا تستطيع تجنُّب العالم الغربي الأوسع، لا سيما في هذا الوقت.

وتابعت: "يمكن لقادة إثيوبيا اتخاذ زمام المبادرة، لإنهاء إراقة الدماء والترحيب بالوسطاء الغربيين، ووضع الأساس لعلاقة شراكة في التنمية والتجارة، فذلك سيصب في مصلحة الحكومة الإثيوبية نهاية المطاف، وفي مصلحة الإثيوبيين".

وقالت "فورين بوليسي": لا تزال لدى إثيوبيا فرصة للتعافي من الوضع الحالي، لكن ليس لديها الكثير من الوقت لتجنُّب الانهيار الدموي، الذي ستليه كارثة على مستوى المنطقة.