مع استئناف المفاوضات.. كيف يتعامل الغرب مع برنامج إيران النووي؟
أكدت الخارجية الأمريكية، أن إحياء الاتفاق النووي مع إيران ليس مُدرجًا على جدول أعمالها

ترجمات -السياق
وسط تزايد المخاوف، من أن توسعها في برنامجها قد يشعل حربًا إقليمية، استأنفت الولايات المتحدة وقوى أوروبية، مناقشات متعلقة بكيفية التعامل مع إيران، بشأن نشاطها النووي.
ورأت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن هذه الخطوة تُمثل تحولًا في التفكير الغربي، وتؤكد المخاوف من تصاعد الأزمة، خصوصًا بعد أن خصبت طهران اليورانيوم إلى مستويات قد تنتج مواد كافية لصُنع سلاح نووي في أقل من أسبوعين، حسب تحذيرات لمسؤولين أمريكيين.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي لم تكشف هويته قوله: "هناك اعتراف بأننا بحاجة إلى خطة دبلوماسية نشطة للتصدي لبرنامج إيران النووي، بدلاً من السماح له بالانحراف عن المسار"، مضيفًا: "الأمر الذي يقلقني أن عملية صُنع القرار في إيران فوضوية، ويمكن أن تنجرف إلى حرب مع إسرائيل".
كانت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، أوقفت جهودها الدبلوماسية لحل الأزمة في سبتمبر الماضي، في ضوء رفض طهران مسودة اقتراح أوروبي لإحياء الاتفاق النووي المُبرم عام 2015، وشنها حملة عنيفة ضد متظاهرين مناهضين للنظام، وبيع مسيرات إلى روسيا، واحتجاز أوروبيين.
اتصالات
وأشارت "فايننشال تايمز" إلى اتصالات بمسؤولين إيرانيين خلال الأشهر الأخيرة، وكشفت عن اجتماع في العاصمة النرويغية أوسلو، مارس الماضي، بين ممثلي الدول الأوروبية الثلاث في الاتفاق النووي، فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، وعلي باقري كاني، المفاوض النووي الإيراني.
ونقلت عن دبلوماسيين ومحللين، تأكيدهم أن مبعوث الولايات المتحدة إلى إيران روبرت مالي التقى -مرات عدة- سفير إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني، الذي كان مسؤولاً كبيرًا في المجلس الأعلى للأمن القومي، قبل تسلُّمه منصبه الأممي في سبتمبر الماضي.
وبحسب الصحيفة، يُعتقد أن هذه المحادثات، أول "اتصال مباشر" بين المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين، منذ أن أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الأزمة عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي، الذي وقَّعته طهران مع القوى العالمية، المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة، حيث فرض ترامب مئات العقوبات على طهران، التي ردت عليها بزيادة نشاطها النووي.
وكشف مصدر مقرب من الإدارة الأمريكية، أن المحادثات ركزت على إمكانية تبادل السجناء مع إيران، إذ تحتجز طهران 3 أمريكيين - على الأقل- من أصل إيراني.
وترى الصحيفة أن موافقة طهران على الإفراج عن محتجزين أمريكيين، مثل موافقتها -الأسبوع الماضي- على تبادل للسجناء مع بلجيكا، والإفراج بشكل منفصل عن نمساويين محتجزين لديها، يمكن أن يُحسن البيئة لمحادثات نووية.
وتعهد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وتخفيف العقوبات، إذا امتثلت طهران للشروط الغربية، غير أن مسؤولين أمريكيين أكدوا أن الاتفاقية "ليست على جدول الأعمال"، مشيرين إلى أن أي اتفاق جديد "سيكون أكثر محدودية".
وبالفعل، أشارت الخارجية الأمريكية، إلى أن إحياء الاتفاق النووي مع إيران ليس مُدرجًا على جدول أعمالها، بينما شددت على الالتزام بضمان عدم امتلاك طهران أسلحة نووية، وأنها تدرس كل الخيارات، وسط تقارير عن "وساطة عُمانية" لمحادثات تقارب، بعد ساعات من مباحثات أمريكية إسرائيلية.
خيارات محتملة
وعن الخيارات المحتملة أمام الغرب، لاستكمال المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، لفت دبلوماسيون ومحللون - لـ"فايننشال تايمز"- إلى أن الخيارات المحتملة تشمل أحد أشكال "الاتفاق المؤقت" أو خطوة لخفض التصعيد من الجانبين، بحيث تخفض إيران بموجبها مستويات التخصيب مقابل تخفيف بعض العقوبات.
بينما قال دبلوماسي آخر اطلع على المحادثات: "تبادل السجناء سيكون افتتاحية للمحادثات، ومن غير المرجح أن يكون هناك اتفاق نووي، لكن قد يكون هناك أحد الأمور المؤقتة أو تجميد الموقف".
وذكر مسؤول أمريكي للصحيفة، أن واشنطن "تعتقد أن الدبلوماسية أفضل طريقة لضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، بشكل يمكن التحقق منه"، مضيفًا: "لكن ليس لدينا ما نعلنه ولم نزل أي خيار من على الطاولة".
وحسب الصحيفة، تخصب إيران اليورانيوم حتى درجة نقاء 60 في المئة، وفي يناير الماضي، اكتشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية جزيئات مخصبة إلى قرابة 84 في المئة، وهي مادة تكاد تستخدم في صُنع الأسلحة النووية، بموقع فوردو النووي السري.
وفي الأسابيع التي تلت ذلك، حذر مسؤولون إسرائيليون، من أن بلادهم ستفعل كل ما باستطاعتها، لمنع إيران من تطوير سلاح نووي.
كانت إسرائيل قد اتهمت الوكالة الدولية للطاقة النووية بـ"الرضوخ لضغوطٍ سياسية"، بعد قرارها إغلاق ملف التحقيق في آثار مزعومة لليورانيوم المخصب، بموقع كان قد كشفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، قبل سنوات.
ونقلت وكالات أنباء تقارير مسربة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، هذا الأسبوع، تكشف فيها أنها لم تعد لديها أسئلة عن الجسيمات التي عُثر عليها في "فوردو"، ما قد يخفف الضغط على إيران قبل اجتماع مجلس محافظي الوكالة، الأسبوع المقبل.
وقالت الخبيرة الإيرانية، في المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس، سنام وكيل للصحيفة: "هناك محاولات لتنشيط المحادثات، وهذا أمر ملح للغاية، لأن إيران على عتبة أن تكون دولة نووية، والجميع يبحثون عن ضمادات لمعالجة الأمر".
ومع ذلك، أشارت الصحيفة البريطانية، إلى ما عدتها شكوكًا في جدية إيران لمعالجة القضية النووية، وما إذا كان بايدن مستعدًا للتفاوض على اتفاق، مع استعداده لخوض استحقاقات انتخابية.
ونقلت الصحيفة عن خبير الشؤون الإيرانية، في مجموعة الأزمات الدولية علي فايز، قوله: "تتطلع مجموعة الثلاثي الأوروبي إلى واشنطن، لمعرفة ما إذا كانت إدارة بايدن ستتخذ قرارًا، لكنها مُحبطة لأن الولايات المتحدة تريد فقط تسكين الوضع لما بعد انتخابات 2024، ولم يعد شاغلها الرئيس سوى إعادة انتخاب الرئيس".
كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذكرت -الأربعاء الماضي- أن مخزون إيران المقدر من اليورانيوم المخصب، تجاوز بأكثر من 23 مرة الحد المسموح به، بموجب اتفاق 2015 بين طهران والدول الكبرى.
وبحسب تقرير سري للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بلغ إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب نحو 4744.5 كيلوغرام في 13 مايو، بينما الحد المسموح به في الاتفاق يبلغ 202.8 كيلوغرام.
وحسب الصحيفة، تفيد التقديرات بزيادة مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بـ 983.7 كيلوغرام، منذ التقرير الفصلي الأخير إلى 4744.5 كيلوغرام، موضحة أن المخزون يشتمل على 114.1 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، ما يجعله قريبًا من المستوى المستخدم في الأسلحة النووية.