الكويت بين سندان الزلزال السياسي ومطرقة الأزمة المالية

يتصدر قطاع الخدمات المالية القائمة بما يعادل 46% من إجمالي المطلوبات، إذ ارتفعت مطلوباته 10% العام الماضي، لتصل إلى 13.7 مليار دينار لنحو 21 شركة.

الكويت بين سندان الزلزال السياسي ومطرقة الأزمة المالية

السياق

وسط هزات سياسة متتالية، إثر حل البرلمان ثلاث مرات خلال عامين ونصف العام، تظهر للكويت أزمة أعمق وأشد عنفًا، بعدما أعلنت رسميًا ارتفاع صافي مطلوبات الشركات المدرجة بالبورصة لنحو ثلاثين مليار دينار كويتي، أي ما يوازي 98 مليار دولار أمريكي بنهاية العام الماضي، مقارنة بـ 27.8 مليار دينار عام 2021 أي بزيادة قدرها 8%.

الأزمة المالية -وفق مراقبين- أضرارها أعنف كثيرًا مما تواجهه البلاد إثر توالي حل البرلمانات، وقد تجبر الكويت على تسييل عشرات المليارات من الدولارات المتأتية من الاستثمارات الخارجية لسداد ديون الشركات، والحد من انهيار الشركات الكبرى على الأقل، وتقليص الأضرار التي من المتوقع أن تلحق ببورصات المنطقة بشكل عام وبورصة الكويت على وجه التحديد.

ويقول مراقبون إن أكبر الديون تعود إلى شركات كبرى، وما لم تتقدم الحكومة بخطة لإنقاذها، فإنها قد تعجز عن سداد تكاليف الديون، ما قد يدفع إلى إفلاسها.

 

قطاعات الأزمة

ويتصدر قطاع الخدمات المالية القائمة بما يعادل 46% من إجمالي المطلوبات، إذ ارتفعت مطلوباته 10% العام الماضي، لتصل إلى 13.7 مليار دينار لنحو 21 شركة.

وسجلت مطلوبات الشركات الصناعية 3.8 مليار دولار والرقم نفسه لمطلوبات قطاع الاتصالات، بينما تبلغ قيمة مطلوبات قطاع العقارات 3.1 مليار دولار.

ووفقًا للأرقام الرسمية، فإن مطلوبات قطاع الخدمات المالية المتعلقة بشركات تمويل خاصة بلغت 1.19 مليار دينار، بينما تبلغ مطلوبات الخدمات الاستهلاكية نحو 970 مليون دينار، ويحتاج قطاع النفط والغاز إلى نحو 525 مليون دينار، وفي النهاية يأتي قطاع السلع الاستهلاكية بنحو 189 مليون دينار.

أزمة 2023 تأتي وسط مخاوف من تكرار سيناريو 1982 الذي أدى إلى انهيار بورصة الكويت، وتأثرت به بورصات الخليج، بسبب تأخر المستثمرين عن سداد ديونهم، التي بلغت في ذلك الوقت 94 مليار دولار، وقادت إلى إفلاس عديد من الشركات والأفراد، بسبب تضخم أسعار أسهم بعض الشركات مقارنة بقيمتها الدفترية، نتيجة لأعمال المضاربة والتسهيلات المالية، التي أتاحت للمستثمرين شراء الأسهم بديون مؤجلة الدفع، بانتظار تحقيق أرباح طائلة قبل موعد السداد، لكن الأسعار تهاوت.

تهاوي الأسعار حينذاك، أدى في ما بعد إلى تأخر المستثمرين عن سداد ديونهم ومن ثم انهيار سوق البورصة، واضطرت الحكومة إلى إنشاء صندوق برأسمال خمسمئة مليون دينار لضمان حقوق الدائنين، وتأسيس شركة مقاصة لحصر وتسجيل المعاملات المتعلقة بأسهم الشركات التي كانت بديون مؤجلة.

 

مشهد عاصف

عام 2023 لا تبدو البورصة مستعدة لسيناريو شبيه، وسط مشهد سياسي عاصف واقتصاد يتعثر خلال السنوات الماضية، فوفقًا للمراقبين، العواقب ستكون خطيرة على أسواق الخليج بشكل عام، حال عدم تدارك هذا التهديد، خاصة إذا نجحت الكويت في الإفلات  من سيناريو أن يجتمع الزلزالان في آن واحد: المالي والسياسي.

وتملك هيئة الاستثمار العامة، أو الصندوق السيادي الكويتي، أصولًا تبلغ قيمتها نحو 770 مليار دولار. وتستطيع الحكومة -لتحاشي الأزمة- تسييل جزء من هذه الاستثمارات.