تحت مرمى النيران.. روسيا تستهدف شحنات الأسلحة الغربية لأوكرانيا

خلال الأسبوعين الماضيين، عمدت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون، إلى تسريع وتيرة تسليم شحناتها إلى ساحة المعركة، حيث أرسلت أسلحة ثقيلة ومساعدات أخرى عن طريق البحر والجو بمليار دولار

تحت مرمى النيران.. روسيا تستهدف شحنات الأسلحة الغربية لأوكرانيا

ترجمات - السياق

نفَّذت روسيا تهديدها بمهاجمة خطوط شحن الأسلحة الأمريكية وحلفائها ومستودعات الوقود في أوكرانيا، حيث أطلقت صواريخ على خمس منشآت للسكك الحديدية، تستخدم لنقل الإمدادات الحيوية إلى كييف.

وحسب صحيفة بوليتيكو الأمريكية، فإن هذه الهجمات نُفذت عبر غرب ووسط أوكرانيا، واستهدفت خطوط الإمداد والبنية التحتية، مشيرة إلى أنها جاءت مع بدء وصول أنظمة المدفعية الثقيلة والدبابات والعربات المدرعة، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لمساعدة أوكرانيا، في مواجهة ما يُتوقع أن يكون هجومًا روسيًا واسع النطاق في منطقة دونباس.

الصحيفة بينّت أن الهجوم جاء بعد اجتماع وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين أنتوني بلينكن ولويد أوستن، بالرئيس الأوكراني فلودومير زلينسكي وعدد من المسئولين الأوكرانيين في العاصمة كييف، إذ تعهدا بتقديم مئات الملايين من المساعدات العسكرية الإضافية، استعدادًا للمعارك المقبلة.

كان وزير الدفاع لويد أوستن قال للصحفيين في بولند: "نريد أن نرى روسيا تضعف إلى درجة لا تستطيع معها القيام بالأشياء التي فعلتها في غزو أوكرانيا... لقد فقدت بالفعل الكثير من القدرات العسكرية والكثير من قواتها، وبكل صراحة نريد أن نراهم غير قادرين على استعادة هذه القدرة بسرعة كبيرة".

 

تسريع التسليم

وأوضحت "بوليتيكو" أنه خلال الأسبوعين الماضيين، عمدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى تسريع وتيرة تسليم شحناتها إلى ساحة المعركة، حيث أرسلت أسلحة ثقيلة ومساعدات أخرى عن طريق البحر والجو بمليار دولار.

كان الرئيس الأمريكي جو بايدن وافق -الخميس الماضي- على حزمة أسلحة بـ 800 مليون دولار، بما في ذلك 72 مدفع هاوتزر عيار 155 ملم.

وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه بحلول السبت 23 أبريل، كانت مدافع الهاوتزر هذه تظهر في أوكرانيا، بحسب ما أفاد أوستن، الاثنين، قائلاً إن سرعة التسليم هذه "لا يمكن تصورها".

كان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية جون كيربي، قال الأسبوع الماضي: منذ أغسطس 2021، منح البنتاغون، أوكرانيا ما يكفي من المدفعية لتجهيز خمس كتائب لاستخدامها المحتمل في دونباس، كاشفًا أن الجيش الأمريكي بدأ تدريب عشرات المقاتلين الأوكرانيين على المعدات الجديدة خارج أوكرانيا.

 

حماية الإمدادات

وحسب "بوليتيكو" فإن عددًا من الخبراء والمسؤولين الأمريكيين السابقين، أكدوا أن حماية خطوط الإمداد الحيوية ستكون أساسية في هذه المرحلة الجديدة من الصراع.

ونقلت الصحيفة عن ميك مولروي، مسؤول كبير سابق في البنتاغون وضابط متقاعد من القوات شبه العسكرية ومشاة البحرية في وكالة المخابرات المركزية، قوله: "المعركة من أجل دونباس ستنتصر أو تخسر في المقام الأول على أساس اللوجستيات (الأسلحة والمعدات والذخيرة)، ومن ثمّ يجب أن تكون هناك خطوط إمداد مستمرة من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي للقوات الأوكرانية".

وبينّت "بوليتيكو" أن خطوط الإمداد هذه تعرضت للتهديد من روسيا منذ غزوها أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، لكن روسيا لم تعترف -حتى الآن- بأنها تصرفت بناءً على هذه التحذيرات.

وحسب الصحيفة، تسارع كل من روسيا وأوكرانيا لحشد قواتها وعتادها العسكرية في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا ، بينما يدفع المسؤولون الغربيون حكوماتهم لتقديم مساعدات إضافية إلى كييف في المعركة المقبلة.

ونقلت عن ديمتري غورنبرغ، متخصص روسي في معهد الأبحاث غير الربحي CNAقوله: أوكرانيا تستقبل الكثير من المعدات الغربية الجديدة، ما قد يقلص فارق التسلح بين البلدين، الذي كان واضحًا في المراحل الأولى من الغزو.

وأضاف أن نقل الدبابات وقطع المدفعية الكبيرة عبر الحدود البولندية، من دون جذب الانتباه الروسي يُعد "أكثر تعقيدًا" من نقل حمولات الشاحنات الصغيرة من صواريخ "غافلين" و"ستينغر"، التي هيمنت على التبرعات في الأيام الأولى من الحرب.

 

صعوبة روسية

وترى "بوليتيكو" أن ضرب الشحنات الجديدة الأكبر حجمًا، إذا كانت تأتي عن طريق السكك الحديدية والطرق، قد يكون صعبًا على روسيا على المدى الطويل، إذ لا يزال الطيارون الروس حذرين من اختبار الدفاعات الجوية الأوكرانية، وسيحتاج الكرملين -على الأرجح- للحفاظ على بعض أسلحته الدقيقة بعيدة المدى.

وتعليقًا على ذلك، قال غورنبرغ: مخزونات روسيا بأسلحة مثل صواريخ كاليبر وإسكندر الدقيقة ليست بالضرورة كبيرة، إنهم يستهلكونها، ولا يريدون استخدامها جميعًا، لأن ذلك سيضعف قدرتهم على محاربة "الناتو" في المستقبل القريب.

بينما قال المسؤول السابق في البنتاغون، ميك مولروي: "حتى الآن لم تكن روسيا فعالة في تعطيل خطوط الإمداد، ويرجع ذلك إلى أن جيشها ليس جيدًا جدًا في الاستهداف الديناميكي، بعبارة أخرى، إصابة جسم متحرك بدلاً من هدف ثابت مثل مبنى".

وتوقعت الصحيفة أن يكون القتال -خلال الأيام والأسابيع المقبلة- مختلفًا عن اشتباكات الوحدات الصغيرة التي شوهدت في الأسابيع الأولى من الحرب، عندما أعاقت الذخائر الأوكرانية المضادة للدروع الهجمات الروسية حول العاصمة كييف.

وأشارت إلى أن الحرب في دونباس شهدت اشتباكات مدفعية طويلة المدى، مبينة أن مدافع هاوتزر 90 التي قدمتها الولايات المتحدة، جنبًا إلى جنب مع مدافع هاوتزر الكندية التي وصلت حديثًا وأنظمة المدفع الفرنسية قيصر 155 ملم، ستمنح القوات الأوكرانية القدرة على مواجهة قدرات روسيا بعيدة المدى.

وإضافة إلى تدفق الدروع، أكد رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي أن بلاده أرسلت دبابات T-72 إلى أوكرانيا، على غرار جمهورية التشيك، التي أرسلت دباباتها الخاصة من الحقبة السوفيتية في الأسابيع الأخيرة.

 

دونباس

وبينت "بوليتيكو" أنه بينما تعمل الضربات الروسية بعيدة المدى غربي أوكرانيا على توسيع منطقة الصراع، قامت طائرات هليكوبتر أوكرانية -الشهر الماضي أيضًا- بعملية محفوفة بالمخاطر في روسيا، مستهدفة مستودعًا للنفط على الحدود في بيلغورود.

وأشارت إلى أن انفجارات أخرى، وقعت ليل الأحد، هزت منشأتين نفطيتين، إحداهما تجارية والأخرى عسكرية، في مدينة بريانسك الروسية القريبة من الحدود الأوكرانية، موضحة أن تلك الانفجارات جاءت بعد سلسلة من الحرائق غير المبررة في منشآت الأبحاث العسكرية الروسية، الأسبوع الماضي.

ونقلت الصحيفة عن الملحق الدفاعي البريطاني لدى الولايات المتحدة، أن المخابرات البريطانية تعتقد أن روسيا فوجئت بالمقاومة الأوكرانية لهجومها، ولم تحقق -حتى الآن- أهدافها.

وأضاف في بيان "أُجبرت روسيا على تغيير نهج عملياتها وتتبع الآن استراتيجية استنزاف، من المحتمل أن تتضمن الاستخدام العشوائي لقوة إطلاق النار، ما سيؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين".

من جانبه، أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن بريطانيا سترسل إلى أوكرانيا أيضًا عددًا صغيرًا من المركبات المدرعة ستورمر المزودة بقاذفات للصواريخ المضادة للطائرات، إضافة إلى شحنة من دبابات تشالنغر 2 أعلنها رئيس الوزراء بوريس جونسون يوم الجمعة الماضي.

وقال والاس إنه منذ بدء الصراع، فقدت روسيا نحو 15 ألف فرد وأكثر من 2000 عربة مدرعة وأكثر من 60 طائرة هليكوبتر وطائرة مقاتلة، وفقًا لتقديرات وزارة الدفاع البريطانية، متابعًا أن أكثر من 25 بالمئة من كتيبة المجموعات التكتيكية الروسية الملتزمة بالقتال "أصبحت غير قتالية بشكل فعّال".

وأضاف: "فشلت روسيا في تحقيق أهدافها -حتى الآن- تقريبًا، لكن الأوكرانيين لا يزالون يحاربون للحفاظ على حياتهم"، مستدركًا: "الأسابيع الثلاثة المقبلة ستكشف مستقبل مجريات الأحداث".