الغارديان: حرب روسيا الزائفة مجرد مسرحية سريالية

بينما ينتظر العالم قرار بوتين بشأن أوكرانيا، ورد بايدن الذي هدد بمعاقبته شخصيًا، فإنه لا أحد يفهم حقيقة ما يحدث، هل هي حرب أم لا حرب؟، حقيقية أم خيالية، بينما تبدو وكأنها هزيمة للغرب

الغارديان: حرب روسيا الزائفة مجرد مسرحية سريالية
فلاديمير بوتين و جو بايدن

ترجمات - السياق

قالت صحيفة ذا غارديان البريطانية، إن المواجهة الحدودية بين روسيا وأوكرانيا، التي بدأت نوفمبر الماضي، استمرت فترة طويلة، لدرجة أن بايدن يعتقد أن روسيا عليها أن تفعل شيئًا، مشيرة إلى أن هذه التنبؤات ليست بالضرورة صحيحة، إذ لا أحد -وربما حتى الرئيس الروسي نفسه- يعلم ما إذا كان شيء ما سيحدث اليوم أو الشهر المقبل أو لن يحدث.

وأضافت أنه بينما وافقت روسيا الأسبوع الماضي، على مواصلة المحادثات، كان لدى مواطني أوكرانيا سبب للأمل في أن تتحول الأزمة إلى حدث فارغ نسبيًا.

 

توقعات الهجوم

وعن توقعات توقيت الهجوم، أوضحت "الغارديان" أن تعريف مصطلح "غزو" مازال محل نقاش، ويبدو أنه سيظل كذلك إلى ما لا نهاية، إذ يتوقع بايدن عملية روسية مخططًا لها، بل ويحدد اليوم الذي يبدأ فيه الهجوم أو العملية القتالية، لكن في المقابل يتوقع العديد من المحللين، أن يكون أي هجوم سريعًا وسريًا وغير متكافئ، باستخدام القوات الخاصة والتخريب والحرب الإلكترونية، كما حدث في دونباس عام 2014.

وأضافت أنه في الوقت الذي تستمر فيه لعبة "الانتظار السريالية" هذه إلى حد ما، من الممكن والمفيد تقييم الضرر الذي حدث، ومن الأفراد والدول الرابحون والخاسرون -حتى الآن- في حرب أوكرانيا الزائفة.

وحسب الصحيفة "على سبيل المثال، خاضت أنالينا بربوك، وزيرة خارجية ألمانيا الجديدة وزعيمة حزب الخضر، حربًا جيدة حتى الآن، متجاهلة السخرية الشوفينية من قلة خبرتها وجنسها، إذ واجهت نظيرها الروسي سيرجي لافروف، عندما التقيا مؤخرًا في موسكو.

في المقابل، يمر رئيسها، المستشار الألماني أولاف شولتز، بوقت بائس، إذ أثارت مراوغاته بشأن العقوبات التي قد تدعمها برلين ضد روسيا، وعرقلة إمدادات الأسلحة لأوكرانيا، أسئلة عديدة عن كفاءته والقيادة الألمانية في أوروبا".

وأشارت إلى أن شولتز، بعد أن قاوم طويلاً الضغط الأمريكي لإلغاء خط أنابيب غاز البلطيق "نورد ستريم2"، المكتمل حديثًا من روسيا، بدا أنه انهار الأسبوع الماضي، ما يعني أنها "بداية سيئة الحظ لخليفة أنجيلا ميركل الأقل شهرة".

وبالانتقال إلى الدور الفرنسي في الصراع، قالت "الغارديان": الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يواجه صعوبة في التوفيق بين رؤيته لـ"الحكم الذاتي الاستراتيجي" الأوروبي وواقع الاعتماد المستمر على حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وسط استهزاء خفي من رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.

وقال ماكرون: "لن نتخلى عن الحوار مع موسكو"، لكن يتم التقليل من أهمية جهوده في إقامة علاقات ودية، مراراً وتكراراً، بسبب "جرائم" بوتين التي تجسدت آخرها بتسميم زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني عام 2020.

 

من الخاسر؟

كانت محادثات ما تسمى "صيغة نورماندي" استؤنفت مؤخرًا في باريس، لكن حسب "الغارديان" البريطانية، فإن الاتحاد الأوروبي الخاسر الأكبر حتى الآن، في الحرب غير المعلنة لأوكرانيا، مشيرة إلى أن هذا الأمر لا ينطبق على "الناتو"، إذ إنه بعد الانسحاب المخزي من أفغانستان، كُتبت رسائل نعي لهذا التحالف الذي يضم 30 عضواً، وأعلن ماكرون حينها أن هذا التحالف "ميت دماغياً".

وأضافت: مع ذلك، فإنه بفضل "الخبير الاستراتيجي" بوتين، يشهد "الناتو" نهضة مصغرة، إذ سارعت دول شرق أوروبا على خط المواجهة للدخول تحت مظلة الحلف الوقائية، وناشدت بنجاح الحصول على المزيد من القوات والأسلحة، كما أعيد إحياء الحديث عن عضوية فنلندا والسويد.

ونقلت "الغارديان" عن المحلل السياسي بول تايلور، أنه لاحظ "بشكل غير محتمل، أن غموض بوتين غيّر حسابات واشنطن"، مضيفًا: "لقد أدى تفوق بوتين إلى جر الولايات المتحدة إلى عمق الأمن الأوروبي، فقط عندما حاول رئيسان أمريكيان متعاقبان تحويل تركيز واشنطن الاستراتيجي نحو الصين".

وتابعت: "هذه إضافة كبيرة لحليف موسكو، الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي لديه الشعور عينه تجاه تايوان، تماماً كما بوتين تجاه أوكرانيا".

 

الحرية مقابل الاستبداد

وترى "الغارديان" أنه في الوقت الذي كان على بريطانيا أن تزيد اهتمامها بهذه القضية الحساسة -الغزو الروسي المحتمل-، إلا أن ليز تروس، وزيرة خارجية المملكة المتحدة، سارت على درب سلفها دومينيك راب، الذي ذهب للتجول أثناء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، بينما هي في ظل ذروة أزمة أوكرانيا، عمدت إلى مشكلات في أستراليا، عندما كان ينبغي عليها هي ورئيس وزرائها جونسون -المشتت الانتباه- أن يقودا زمام المبادرة للحفاظ على السلام في أوروبا.

وعما سمته "المهندس الرئيس لهذا الوضع الذي طال أمده"، نقلت "الغارديان" البريطانية، عن الخبيرة الأمريكية في الشأن الروسي فيونا هيل، قولها: بوتين يفوز من دون إطلاق رصاصة واحدة.

وقالت هيل: "بوتين يعمل على تعزيز هدفه بطرد الولايات المتحدة من أوروبا، للانتقام في وقت متأخر من هزيمة الاتحاد السوفييتي، وربما يكون قد نجح في إجبار الولايات المتحدة على التركيز في مخاوف روسيا الأمنية، بما في ذلك عمليات نشر الصواريخ المستقبلية وتدريبات "الناتو"، ومن ثم فإنه سيواصل الضغط العسكري والدبلوماسي في الوقت الحالي، ليرى التنازلات والعروض المجانية التي يمكنه الحصول عليها".

وأضافت: في المقابل فإن واشنطن لن توافق على تجميد أوكرانيا في "الناتو" أو إعادة تشكيل الهياكل الأمنية في أوروبا بعد الحرب الباردة، وبوتين يعرف ذلك بالتأكيد، مشيرة إلى أنه في غضون ذلك، أدت تكتيكات بوتين العدوانية، إلى حشد الديمقراطيات الغربية المتصدعة، وقوَّت المعارضة.

وقالت "الغادريان": "بينما ينتظر العالم قرار بوتين بشأن أوكرانيا، ورد بايدن الذي هدد بمعاقبته شخصيًا، فإنه لا أحد يفهم حقيقة ما يحدث، هل هي حرب أم لا حرب؟، حقيقية أم خيالية، بينما تبدو وكأنها هزيمة للغرب".