هل تمدد أمريكا إعفاء قادة طالبان من حظر السفر؟

فورين بوليسي: أمريكا تدرس تمديد إعفاء مسؤولي طالبان من حظر السفر

هل تمدد أمريكا إعفاء قادة طالبان من حظر السفر؟

ترجمات-السياق

كشفت مجلة فورين بوليسي أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجري نقاشاً داخلياً شرساً لما إذا كانت ستمدد الإعفاء الذي أقرته إدارة سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي يسمح لبعض مسؤولي حركة "طالبان" بالسفر إلى الخارج، في الوقت الذي يكافح فيه مسؤولي الإدارة لمعرفة كيفية الضغط على النظام، بشأن حالة حقوق الإنسان المتدهورة في أفغانستان.

وقالت المجلة الأمريكية -في تقرير- إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كان قد فرض حظراً على السفر الدولي على قادة "طالبان"، لكن هذا الحظر ألغي، للسماح للقوى الأجنبية بالمشاركة في محادثات السلام والاستقرار مع النظام المتشدد، الذي يعزز قبضته على السلطة في أفغانستان، رغم عدم الاعتراف الدولي به كحكومة أفغانية، لأن حكومة طالبان تتكون -إلى حد كبير- من مجموعة من الإرهابيين المطلوبين.

ومن المفترض أن ينتهي الإعفاء من هذا الحظر 20 يونيو الجاري، الأمر الذي رأت "فورين بوليسي" أنه سيضع واشنطن والقوى الغربية في مأزق دبلوماسي، إذ يمكنهم تمديد الإعفاء من حظر السفر لمواصلة التعامل مع قادة طالبان، الأمر الذي قد يُنظر إليه على أنه مكافأة للحركة، رغم حملات القمع السياسي والتراجع عن حقوق الإنسان، أو المخاطرة بفقدان ما جرى التوصل إليه من المشاركة والنفوذ الضئيل مع الحركة المسلحة.

وتابعت: "حتى الآن، لم تقرر إدارة بايدن ما إذا كانت ستدعم تمديد الإعفاء من حظر السفر، الذي أقره ترامب لأول مرة عام 2019، أو تركه يسقط".

 

تمديد الإعفاء

نقلت المجلة عن متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، لم تكشف هويته، قوله: "المفاوضات لا تزال جارية، ولم يتخذ أي قرار رسمي".

من جانبها، تضغط جماعات حقوق الإنسان على واشنطن، لإعادة فرض حظر السفر، بينما يشير حلفاء الولايات المتحدة في الأمم المتحدة إلى أنهم سيدعمون تمديد الإعفاء، حسب المجلة.

وأشارت المجلة إلى أن قادة طالبان يستفيدون من الإعفاء من حظر السفر، إذ إنهم في الأسابيع الأخيرة سافروا إلى قطر للقاء المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان، توماس ويست، الذي ضغط عليهم لاحترام حقوق المرأة، كما حضروا منتدى اقتصادياً دولياً كبيراً في روسيا.

 

تحذير من التمديد

ووفقاً لـ"فورين بوليسي"، فإن هناك مسؤولين داخل وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي، يرون أن على واشنطن وقف السفر الدولي لطالبان، إذ إنهم سئموا عدم إحراز أي تقدم في محادثاتهم مع قادة الحركة، لتخفيف قمعهم ضد النساء والفتيات، أو الوفاء بأي من الوعود التي تعهدوا بها عندما تولوا السلطة، لاحترام حقوق الإنسان وتشكيل حكومة شاملة، كما أنه على الجانب الآخر، هناك مسؤولون يقولون إن تمديد الإعفاء من حظر السفر هو السبيل الوحيد لمواصلة أي حوار مع الحركة، ويحذرون من أن تمديد فرض الحظر لن يؤدي إلا إلى تمكين المتشددين داخل هيكل سلطة طالبان، الذين يريدون رفض التعامل مع الغرب.

وذكرت المجلة أن بايدن يواجه ضغوطاً سياسية متزايدة في الداخل، حتى لا يُنظر إليه على أنه يتعامل بلين مع طالبان، لاسيما من منتقديه في الحزب الجمهوري، بعد أن أدى قراره بسحب جميع القوات الأمريكية من البلاد في أغسطس 2021 إلى حالة من الفوضى ولانهيار الحكومة الأفغانية وانتصار طالبان، كما تضغط جماعات حقوق الإنسان مثل "هيومن رايتس ووتش" والمسؤولين الأمريكيين السابقين على إدارة بايدن، لوقف حركة طالبان من السفر الدولي، رداً على حكمها القمعي بشكل متزايد.

 

سياسات طالبان

تقول ليزا كيرتس، المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي الأمريكي لجنوب ووسط آسيا خلال إدارة ترامب: "إذا تجاهلنا سياسات طالبان القمعية بشكل متزايد تجاه النساء والفتيات، ولم يشعر قادة الحركة بأي عواقب لهذه الأفعال، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى تمكين المتشددين من المضي قدماً في تنفيذ أجندتهم"، وتساءلت: "إذا لم نستخدم نفوذ حظر السفر، فلماذا فُرض من الأساس؟".

ولفتت المجلة إلى أنه خلال أقل من عام من وجودها في السلطة، منعت طالبان الفتيات من دخول المدارس، وفرضت شكل الملابس التي على النساء ارتداؤها، كما أنه في أفغانستان اليوم، كما كان في التسعينيات، باتت المرأة بحاجة إلى مرافق لمغادرة المنزل.

وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة الأفغانية والدبلوماسية السابقة، التي تعمل في معهد رادكليف بجامعة هارفارد الأمريكية، أصيلة وارداك: "نتحدث عن حظر طالبان من السفر، لكن حظر السفر الحقيقي هو ذلك المفروض على الأفغانيات اللائي بالكاد يُسمح لهن بالخروج من منازلهن، ورغم ذلك فإن الحركة تتمتع بجميع مزايا السفر التي تريدها".

 

تهديد الأمم المتحدة

ولا تملك ورداك، التي هربت من أفغانستان بعد استيلاء طالبان على السلطة، الأوراق التي تمكنها من السفر خارج الولايات المتحدة، مشيرة إلى مفارقة تتمثل في عدم قدرتها على الذهاب إلى المؤتمرات الدولية للدفاع عن حقوق المرأة الأفغانية، في حين أن قادة طالبان المسؤولين عن قمع هذه الحقوق، لا يواجهون هذه المشكلة.

ويتساءل دبلوماسيون وخبراء عما إذا كان تهديد الأمم المتحدة بحظر السفر سيكون له أي تأثير في طالبان، لأن المجتمع الدولي لم تعد لديه "العصا والجزرة" لعرضهما على طالبان لتغيير مسارها.

بينما يعتقد دبلوماسيون آخرون أن كل مظاهر التواصل مع طالبان انتهت، إذ يقول المبعوث الأفغاني الحالي لدى الأمم المتحدة في جنيف، ناصر أنديشا: "على مدى الأشهر العشرة الماضية، يستخدم المجتمع الدولي كل الوسائل الممكنة للتعامل مع طالبان، لكن للأسف يبدو أن جميع الجهود تقترب من طريق مسدود، إذ يبدو هذا الطريق مليئاً بالوعود المنكوثة وخيبات الأمل العميقة".

 ويمثل أنديشا الحكومة الأفغانية السابقة المعترف بها دولياً، التي أطاحتها طالبان، إذ لم تسمح الأمم المتحدة لممثلي الحركة بشغل مقاعد الحكومة الأفغانية في محافلها الدولية، حيث لا يوجد بلد يعترف حالياً بحكومة طالبان.

وأضافت المجلة: "كانت الجماعة المسلحة قد أمضت العشرين سنة الماضية في حشد التمرد العنيف، ووعدت بإعادة فرض رؤيتها المتطرفة للحكم الإسلامي، والآن، في أعقاب انتصارها ووصولها إلى الحكم، لديها سلطات الحكومة، ومليارات الدولارات من المساعدات الدولية تحت تصرفها، وهو ما يمثل مزيجاً خطيراً".