الجوع أخطر من الحرب.. أفغانستان على شفا مجاعة لم يشهدها العالم
يواجه أكثر من 20 مليون أفغاني، يمثلون -بحسب تقديرات الأمم المتحدة- نِصف سكان أفغانستان، خطر الموت من الجوع والفقر

ترجمات – السياق
فاطمة طفلة في الثامنة من عمرها، عيناها شاحبتان وملابسها ممزقة، باعتها أمها لرجل عمره أضعاف عمرها ليتزوجها، حتى تستطيع أسرتها تدبير حاجاتها اليومية بدلًا من الجوع.
تقول كريستينا لامب، مراسلة صحيفة صنداي تايمز البريطانية، إنها عملت على مدى 35 عامًا مراسلة، لكنها لم ترى معاناة بهذا القدر، في إشارة إلى الأوضاع المأساوية في أفغانستان، بعد ما يقرب من 6 أشهر في ظل حكم حركة طالبان المتشددة.
مرضى وجوعى
تقول كريستينا عن مأساة الطفلة فاطمة: "في مسكنهم ذي الجدران الطينية غربي العاصمة الأفغانية كابل، تجلس الطفلة على الأرض حول موقد غير مشتعل، مع والديها وإخوتها وخالتها وأجدادها، وجميعهم يرتجفون وجوعى ومرضى بالسعال".
وتضيف: رأيت خالتها المصابة بمرض السل، لكن لم يكن لديها مال لعلاجها، بينما كانت تحمل صورة لابنها الأكبر ملطخًا بالدماء، بعد أن قُتل على يد شخص آخر.
الجوع أخطر من الحرب
وأشارت كريستينا لامب، إلى أن الجوع في أفغانستان، أخطر من الحرب ذاتها، قائلة: "يُخشى على ملايين الأفغان الموت من الجوع، أكثر مما كان يخشى عليهم من الحرب".
وأضافت مُبينة كم المأساة التي يعانيها الشعب الأفغاني، في ظل حكم طالبان: "على مدى 35 عامًا مراسلة أجنبية، غطيت أحداث مجاعات تخللها تفشي أمراض ووفيات، لكنني لم أشهد مأساة بحجم بلد بكل طبقاته الاجتماعية... كل ذلك يحدث أمام أعيننا، ولا نستطيع تخفيف حدته على الضحايا".
الاختيار...!
وتذهب الصحفية في تقريرها، إلى الحديث عن بيع الأبناء الذي بات ظاهرة في أفغانستان، قائلة: تحت وطأة الجوع والفقر الشديدين، اضطر الأفغاني لالا جان إلى عرض اثنتين من بناته -إحداهما لا تزال في سن الرضاعة إذ لم تتجاوز شهرها الثالث- للبيع، حتى تستطيع بقية العائلة الاستمرار على قيد الحياة.
ونقلت "صنداي تايمز" عن لالا جان قوله: "مضطر للاختيار بين بيع ابنتي وموت باقي أعضاء الأسرة من الجوع"...!
وأشارت الصحيفة البريطانية، إلى أن أسرة لالا جان، ذات الثلاثين فردًا، تعيش على ثماني قطع من الخبز يوميًا، هي كل ما تحصل عليه من مساعدات.
سيطرة الجوع
وأوضحت أن لالا جان كان عامل يومية، إذ يكسب نحو 2.20 دولار يوميًا، قبل أن تسيطر حركة طالبان على السلطة في أغسطس الماضي، ومن يومها لم يعد يحصل على أي شيء، وفي المقابل فقدت العملة المحلية نحو نِصف قيمتها، وسجلت الأسعار ارتفاعًا جنونيًا.
وحسب الصحيفة، ترتبط أزمة الجوع في أفغانستان، بسلسلة من العوامل جعلت البلاد تعاني هذا المستوى الخطر، إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، مشيرة إلى أنه منذ يونيو 2021، قفز سعر دقيق القمح 53% وزيت الطهي 39% والسكر 36%، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
20 مليون جائع
في هذا الوضع المأساوي، يواجه أكثر من 20 مليون أفغاني، يمثلون -بحسب تقديرات الأمم المتحدة- نِصف سكان أفغانستان، "خطر الموت من الجوع والفقر".
وأشار التقرير إلى أن أفغانستان تتعرَّض لموجة جفاف هي الأشد على الإطلاق، خلال السنوات الماضية، وموجة أخرى من الطقس شديد البرودة، وسقوط الثلوج، ما يفاقم المأساة.
وأوضحت الصحيفة أنه في ظل ذلك، تتوقف المساعدات الأجنبية لهذا البلد، الذي يعيش على المساعدات كونه أحد أفقر بلدان العالم، وقد مزقته الحرب وقطعت أوصال الملايين من أبنائه.
وحسب الصحيفة، فإن معظم الأمهات لديهن القصص المروعة نفسها من الجوع وبيع الأطفال، حيث لم يتمكن أزواجهن من العثور على عمل، فتضاءل نظام الأسرة الغذائي، وقالت بعض الأمهات، إنهن لا يأكلن ما يكفي لإرضاع الأطفال، كما أن الأطفال الأكبر سناً بقليل غالباً ما يحصلون على قطع صغيرة من الخبز والشاي.
يذكر أن الأمم المتحدة أكدت أن 97% من السكان قد يغرقون في الفقر بحلول منتصف العام الجاري، خصوصًا بعدما لامس الانهيار الاقتصادي كل جوانب الحياة في البلاد تقريبًا.
تعليق المساعدات
وأشارت كاتبة التقرير، إلى أن ما يزيد حجم المأساة أيضًا، انقسام المجتمع الدولي بشأن تقديم المساعدات لهذا البلد، الذي تحكمه جماعة إرهابية، تقاتل قوات حلف الناتو منذ 20 عامًا، ومعظم أعضائها مدانون بالإرهاب.
وتبين كريستينا في تقريرها، أنه "لا خلاف على طبيعة طالبان المتشددة"، لكن الأوضاع المأساوية تتطلب تحركًا سريعًا من المجتمع الدولي، قبل فوات الأوان.
وفي المقابل، نقلت عن عبدالقهار بلخي، نائب المتحدث باسم طالبان، قوله: "تعليق المساعدات لا يضر غير الناس... لا يضرني ولا يضر القيادة".
يذكر أنه بعد سيطرة طالبان، جمَّدت الولايات المتحدة أصول البنك المركزي في أفغانستان، وفرضت عقوبات مالية، ما شلّ النظام المصرفي، كما منعت البنوك الناس من سحب مدخراتهم، ولم يعد بإمكان الأفغان، الذين يعملون في الخارج، إرسال الأموال إلى أوطانهم، بينما أغلقت إيران وباكستان -حيث كان الأفغان يذهبون تقليديًا للبحث عن عمل في الأوقات الصعبة- حدودهما.