ضربة جديدة لإخوان تونس... التحقيق مع الغنوشي والعريض في ملف تسفير التونسيين
استدعاء الغنوشي والعريض، يأتي بعد ساعات من قرار أصدرته النيابة العامة، بإيقاف الناطق الرسمي السابق لأنصار الشريعة المحظور سيف الدين الرايس وقيادي بارز من التنظيم ذاته.

السياق
ضربة جديدة وجَّهتها الدولة التونسية لتنظيم الإخوان، الذي ما زال يترنح من الضربات المتلاحقة التي تستهدف أعضاءه، بعد أن فتح البلد الإفريقي ملف تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر، خلال «العشرية السوداء» التي حكم فيها التنظيم.
تلك العشرية، التي كما كانت إيذانًا لتمكين التنظيم من تونس، بعد أن تغلغل أعضاؤه في مفاصلها، كانت جرائمه فيها -كذلك- سبب ملاحقته وذريعة للدولة لاقتلاع جذوره.
جديد الملف
نقلت وكالة رويترز، عن مسؤولين في حزب النهضة التونسي قولهم، إن الشرطة استدعت رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والقيادي في الحركة علي العريض للاستجواب –الاثنين- في تحقيق عن «إرسال إرهابيين إلى سوريا».
تصريحات المسؤولين أكدها الغنوشي، الذي قال إنه سيمثل أمام تحقيق للشرطة –الاثنين- مضيفًا أنه ليس على عِلم بالسبب.
استدعاء الغنوشي والعريض، يأتي بعد ساعات من قرار أصدرته النيابة العامة، بإيقاف الناطق الرسمي السابق لأنصار الشريعة المحظور سيف الدين الرايس وقيادي بارز من التنظيم ذاته، على خلفية شبكات تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب خارج تونس.
وبحسب وسائل إعلام تونسية، فإن فرقة أمنية اتجهت إلى ولاية القيروان، لاقتياد الرايس وزميله، تمهيدًا لإيقافهما وسماع أقوالهما في ملف تسفير التونسيين لبؤر التوتر، في قرار يأتي بعد أيام من إيقاف رجل الأعمال، النائب السابق محمد فريخة، على ذمة التحقيقات المتعلقة بالقضية ذاتها، ولكون الرجل يمتلك شركة طيران تحوم حولها الشبهات في تنظيم رحلات من تونس إلى بؤر التوتر.
إيقافات أمنية
كما يأتي بعد أيام، من إصدار النيابة العامة قرارًا بإيقاف محافظ سابق لمطار تونس قرطاج الدولي 5 أيام قابلة للتمديد، على ذمة القضية نفسها.
وفي سياق متصل، زعم الإخواني والقيادي في حركة النهضة التونسية نور الدين البحيري، أن تلك الإيقافات لن تلهي المواطنين عن قرار «الزيادة القاتلة» في أسعار الوقود والغاز المنزلي.
وأوضح القيادي الإخواني، عبر «فيسبوك»، أنه بعد «تعمد بعض وسائل الإعلام ترويج أنه تمت دعوتي لسماعي أمام إحدى الفرق الأمنية –الاثنين- يهمني تاكيد أن هذا الخبر كاذب وعار من الصحة»، مشيرًا إلى أن قوة الترويج له ليست أكثر من محاولة «فاشلة لإلهاء الناس عن نشر قرار الزيادة القاتلة في أسعار الوقود والغاز المنزلي».
يأتي ذلك، بينما أدانت حركة النهضة التونسية الإيقافات المتتالية لأعضائها، مطالبة بوقف ما وصفته بـ«التوظيف السياسوي الرخيص والحملات الإعلامية المغرضة لقضايا كيدية، والكف عن استهداف الحركة وقياداتها، عبر تلفيق التهم والإيقافات العشوائية للتشفي والتنكيل، وصرف أنظار الرأي العام عن قضاياه وهمومه ومطالبه المشروعة، وسط وضع اقتصادي منهار».
وبينما لم تكشف الحركة -بالدليل القاطع- براءة أعضائها من التهم الموجهة إليهم، استمرت في التشكيك بمؤسسات الدولة التونسية ورئيسها، من دون أن تقدم أي حلول للأوضاع الحالية، متناسية أن ما وصلت إليه تونس حاليًا من أوضاع اقتصادية متردية، كان تنظيم الإخوان -الذي جثم على السلطة قرابة عشر سنوات- السبب فيه.
ملف شائك
تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر يعد أحد أكثر الملفات سخونة في البلد الإفريقي، الذي اتخذ واجهة سياسية في الفترة الأخيرة، بعد تنحية تنظيم الإخوان من المشهد التونسي، إثر القرارات التي أصدرها الرئيس قيس سعيد.
ويعود الملف إلى عام 2017، بعد أن شكلت تونس لجنة برلمانية للتحقيق في الشبكات المتورطة بتجنيد وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر خارج تونس للقيام بأعمال إرهابية.
عام 2019، شكلت تونس اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب، التي قالت -في تقرير رسمي- إن عدد التونسيين في بؤر التوتر بلغ قرابة ثلاثة آلاف، عاد منهم إلى تونس 1000 إرهابي، بين 2011 وأكتوبر 2018.
إلا أن الملف شهد حراكًا كبيرًا بعد أن تقدمت النائبة السابقة في البرلمان التونسي فاطمة المسدي، وعضو لجنة التحقيق البرلمانية في شبكات التسفير التي تشكلت عام 2017، بملف اتهمت فيه قيادات من حركة النهضة برئاسة راشد الغنوشي بتعطيل أعمال اللجنة، قبل أن تقدم استقالتها منها.
إلا أنها عادت بعد القرارات الاستثنائية التي أصدرها الرئيس التونسي في يوليو 2021، لطرح ملف التسفير أمام القضاء العسكري، الذي أحاله إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
وفي 7 فبراير الماضي، استدعى القضاء العسكري النائبة السابقة، لتقديم شهادتها، فوجهت اتهامات مباشرة، إلى قيادات في حركة النهضة، التي كانت قد اشتكت المسدي إلى القضاء التونسي.
ووجهت إلى بعض قيادات الإخوان، بينهم البرلماني الإخواني السابق ورجل الأعمال محمد فريخة، بتورط شركته في تسفير الشباب إلى سوريا، بينما قدمت لجنة تسفير الشباب أدلة قاطعة قالت إنها تدينه وشركته.
معاملات استثنائية
الأمر نفسه، أكده كاتب عام نقابة أمن مطار تونس قرطاج الدولي السابق عصام الدردوري، الذي قال في تصريحات صحفية، إن شركة فريخة التي تدعى «سيفاكس» حصلت على معاملات استثنائية بالمطارات التونسية لإعفاء مسافريها من بعض إجراءات التفتيش والتدقيق التي كان يخضع لها باقي المسافرين.
بدوره، قال رئيس كتلة حزب نداء تونس في البرلمان المنحل، إن حركة النهضة متورطة سياسيًا في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، مشيرًا إلى أنها وفرت الغطاء السياسي للملف.
وأوضح البرلماني التونسي السابق، أن قرابة 40 نائبا في برلمان 2014 رفعوا قضية وكلفوا القضاء بفتح ملف الغرفة السوداء في وزارة الداخلية بعهد وزير الداخلية التابع للنهضة علي العريض، وكذلك ملف الجهاز السري للحركة، إلا أن القضاء لم يحرك ساكنًا.