محو الأمية الدينية واعتماد وثيقة أبوظبي التاريخية... هل تنجح دعوة زعماء الأديان في إنهاء الصراعات؟
ثمَّن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري -في تصريحات خاصة لمنصة السياق- دور مؤتمر القادة الدينيين بكازاخستان، موضحًا أنه فرصة لتعزيز التسامح الديني وقبول الآخر والإيمان بالتنوع والتعددية

السياق
شهدت العاصمة الكازاخية نور سلطان، أكبر تجمع لزعماء وقيادات الأديان فى العالم. حيث عقدت أعمال مؤتمر "دور قادة الأديان العالمية والتقليدية في التنمية الروحية والاجتماعية للبشرية في فترة ما بعد وباء كوفيد-١٩" بمشاركة الرمزين الدينيين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرانسيس الثاني بابا الفاتيكان.
ويعد مؤتمر "قادة الأديان " الذي افتتحه الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توقايف، حدثا هاما تحتضنه دولة كازاخستان مرة كل ٣ سنوات، إيمانا بالدور الكبير الذي يلعبه القادة الدينيين في نشر الوسطية وتعزيز الحوار ومكافحة التعصب الديني بمجتمعاتهم.
دعوة موحدة أطلقها أكثر من ١٠٨ زعماء وقادة الأديان من جميع أنحاء العالم ونص عليها البيان الختامي للمؤتمر، للتصدي للجماعات المتطرفة التى تتاجر بالدين وتستخدمه لتحقيق مصالحها، مؤكدين في ذلك على أهمية الثقافة الدينية الصحيحة ي تحصين الشباب والمجتمعات من الأفكار المتطرفة والهدامة.
محو الأمية الدينية
كما وجهوا دعوة لمحو الأمية الدينية باعتبار أن الجهل بحقائق الأديان وطبيعتها أحد السبل التى تسهم في استقطاب بعض الشباب تجاه التطرف، فضلا عن تأكيدهم على أهمية التربية الدينية الصحيحة وفهم صحيح الدين باعتباره صمام أمان الشباب والمجتمعات من استهداف الجماعات المتطرفة.
و اعتمد المشاركون في المؤتمر السابع لزعماء الأديان بكازاخستان، وثيقة أبو ظبي للأخوة الإنسانية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، والبابا فرنسيس الثاني بابا الكنيسة الكاثوليكية في ٤فبراير ٢٠١٩.
ونص البيان الختامي للمؤتمر على أهمية وثيقة الإخوة الإنسانية التاريخية في تعزيز السلم والحوار والتفاهم والاحترام المتبادل بين جميع البشر.
المشترك الإنساني
من جانبه، ثمن الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف المصري في تصريحات خاصة لمنصة "السياق"، الدور الذي يقوم به مؤتمر القادة الدينيين بكازاخستان معتبرا أنه فرصة لتعزيز روح التسامح الديني وقبول الآخر والإيمان بالتنوع والتعددية.
ولفت وزير الأوقاف المصري إلى تأكيد المشاركون بالمؤتمر على أهمية تعزيز المشترك الإنساني وأسس العيش المشترك والتعاون فيما يخدم الإنسان كونه إنسانا دون النظر إلى دينه أو جنسه أو لونه أو عرقه أو لغته.
الغزو الأخلاقي والحروب
المستشار محمد عبد السلام أمين عام مجلس حكماء المسلمين ورئيس اللجنة الدولية للأخوة الإنسانية قال لمنصة "السياق"، إن هذا المؤتمر يأتي في وقت بالغ الأهمية خاصة في ظل ما يواجهه عالمنا اليوم من تحديات كبيرة، خاصة بعد جائحة كورونا، إذ تصاعدت نبرات مخيفة في هذا الوقت مثل الغزو الأخلاقي والحروب والصراعات، لتأتي هذه المؤتمرات لتؤكد على أهمية دور رجال وزعماء الأديان في إحلال السلام وتعزيز التعايش الإنساني بين الناس جميعًا.
ويتوقف "عبد السلام " عند كلمات القادة المشاركين وفي مقدمتهم أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وما حملته من دلالات إذ ركزت على أهمية الحوار وتحقيق الإخاء والسلام بين قادة الأديان ومن ثم بين جميع الناس.
فضلا عن التفاعل الكبير مع دعوة الإمام الطيب لقادة الأديان للجلوس حول مائدة حوار حقيقي وجاد لاستعراض وتحديد الأولويات والمشاكل التي تعاني منها البشرية وتسبب أزمات حقيقية أخلاقية واقتصادية وسياسية كبيرة؛ ودعوة البابا إلى أهمية العودة إلى الدين لأنه يمثل محورًا وركنًا كبيرًا وهامًا في تحقيق صناعة السلام.
كما أكد أمين عام مجلس حكماء المسلمين، على أن اختتام المؤتمر جاء أكثر أهمية من خلال دعوة إلى الاهتمام بالفقراء والبائسين وتنقية الشعور الديني وتوجيه النشاط الديني في الأديان المختلفة إلى الاتجاه الإنساني ، وتوجت نجاحات هذا المؤتمر بما أسفر عنه من توصيات مهمة جاء في مقدمتها اعتماد ١٠٨ من قادة وزعماء الأديان في العالم وثيقة أبوظبي التاريخية للأخوة الإنسانية.
تعزيز التنمية الروحية
من جانبه أكد الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) فى تصريح خاص لمنصة "السياق" أن الدورة السابعة لمؤتمر قادة الأديان العالمية والتقليدية بكازاخستان، تكتسب أهمية كبيرة، نظرا لانعقادها في وقت يتأهب فيه العالم للخروج من براثن جائحة أودت بحياة الملايين، وأكدت احتياجنا للتآزر والعمل المشترك لتعزيز التنمية الروحية والاجتماعية، انطلاقا من دور الأديان في تعزيز قيم التسامح والتعايش.
وأشار إلى أن الحضور رفيع المستوى للمؤتمر من جانب القيادات الدينية العالمية يعطيه زخما كبيرا، ويمنح بُعدا عالميا كونيا لما سيقدمه من رؤى جديدة ترسم خريطة طريق لتدارك تداعيات الجائحة، اتصالا بالجهود الكبيرة التي بذلها قادة الأديان خلالها، من خلال مبادرات استجابت إلى تطلع البشرية صوب مآثر الروح وكنوز التعاليم الدينية السمحة، بما تشيعه من طمأنينة في الأفئدة، مشيدا باستضافة كازاخستان لهذا الملتقى العالمي الكبير، وجهودها في إدارة التنوع الثقافي.
وأضاف المدير العام للإيسيسكو، أن حرص المنظمة على المشاركة في هذا المؤتمر الدولي الكبير تأتي انطلاقا من الدور الذي تضطلع به الإيسيسكو، في ظل رؤيتها الجديدة وتوجهاتها الاستراتيجية، التي تتبنى تعزيز بناء السلام وترسيخ قيم التعايش والحوار الحضاري بين الجميع لبناء المجتمعات المزدهرة التي نريد، القادرة على مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق التنمية المستدامة، وتعمل المنظمة على تحقيق هذه الأهداف من خلال برامج عملية مبتكرة ومشاريع واقعية تستهدف الشباب والأجيال الجديدة بشكل خاص.
وقال الدكتور المالك، إنه دعا في كلمته خلال المؤتمر إلى ضرورة التآزر الإنساني، وإيلاء أهمية أكبر لمجالات الصحة والتعليم وبناء قدرات الشباب في عالم ما بعد الجائحة.
وأشار إلى أبرز مبادرات الإيسيسكو الواعدة في هذا السياق، ومنها عقد المنتدى الافتراضي الدولي حول دور القيادات الدينية في مواجهة الأزمات، الذي خلص إلى اعتماد وثيقة عالمية للتضامن الأخلاقي في أوقات الأزمات، وبرنامج الإيسيسكو لتدريب الشباب على القيادة من أجل السلام والأمن، والذي تخرج منه في الدورة الأولى 30 شابا وفتاة أصبحوا سفراء الإيسيسكو للسلام، وستنطلق دورته الثانية خلال شهر أكتوبر المقبل من جمهورية غامبيا بمشاركة 50 شابا وفتاة من أنحاء العالم.