فورين بوليسي: تهديد أمريكا بالحرب.. السبيل الوحيد للسلام مع إيران
لم تعد طهران تأخذ واشنطن على محمل الجد، ولكن من أجل إحياء الاتفاق النووي، يجب أن يكون التهديد بالتصعيد العسكري على الطاولة.

ترجمات-السياق
قالت مجلة فورين بوليسي: إن نهج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تجاه إيران، يستند إلى استعادة الاتفاق النووي لعام 2015 والقيود التي يفرضها على البنية التحتية النووية الإيرانية حتى عام 2030، إذ تعتقد الإدارة أنه بمجرد تحقيق ذلك، سيكون لديها الوقت للتفاوض بشأن صفقة "أطول وأقوى" تستطيع معالجة قضايا طهران الخاصة بالصواريخ البالستية وسلوكها العدواني في المنطقة.
وأضافت المجلة الأمريكية، في تحليل للسفير دينيس روس، الذي شغل مناصب عليا في الأمن القومي الأمريكي، في عهد الرؤساء رونالد ريجان وجورج بوش وبيل كلينتون وباراك أوباما، أن الإيرانيين أظهروا أنهم لن يكونوا شركاء في خطط البيت الأبيض، لكنهم، بدلاً من ذلك، جعلوا برنامجهم النووي أكثر تهديداً، وأثاروا تساؤلات عما إذا كان هناك رد دبلوماسي مناسب، إذ لم يقتصر الأمر على منع الإيرانيين للوكالة الدولية للطاقة الذرية، من الوصول إلى بيانات مراقبة أنشطة التخصيب، لكنهم اتخذوا خطوات ليس لها غرض مُبرَّر، تمثلت في تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60%.
وأشار روس، إلى أن طهران أعلنت أن هذه الأعمال كانت رداً على أعمال تخريب، ورد أنها إسرائيلية، ضد منشآتها ومصانعها التي تعمل وتنتج أجهزة طرد مركزي، لتخصيب اليورانيوم، لكن ذلك كان ذريعة لاتخاذ إجراءات، لا علاقة لها بالاستخدام السلمي للطاقة النووية، وفقاً للكاتب.
روس، الذي كان مبعوث وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط، قال: رغم أنه من المؤكد استخدام إيران هذه الإجراءات لتجاوز عتبات خطيرة، فإن هذه الحجة تغفل نقطة أساسية، هي أن الايرانيين توقعوا رد فعل ضعيف، من الولايات المتحدة أو الأعضاء الآخرين في مجموعة 5+1، بما في ذلك الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة، مشيرًا إلى أن طهران كانت على حق في ذلك، لأنه لم تكن هناك أي عواقب على تصرفاتها.
واعتبر روس، أن عدم شعور طهران بالخوف، بالشكل الذي يمكنها من تحقيق طموحاتها النووية، أمر خطير للغاية، قد ينتج عنه سوء تقدير من إيران، إن كانت الولايات المتحدة قد ترد عسكرياً، ما قد يجعل التوصل إلى نتيجة دبلوماسية أقل احتمالاً.
وأضاف: "إذا أرادت الولايات المتحدة تقليل مخاطر نشوب صراع ومنح الدبلوماسية فرصة للنجاح، يتعين على إدارة بايدن، جعل إيران تشعر بالخوف من رد الفعل الأمريكي، وممارسة الضغط بشكل أكثر فاعلية، وهو ما سيؤثر بالطبع أيضاً في الإسرائيليين، ويقلل من حاجتهم المتصورة للعمل بشكل مستقل".
وتساءل روس: "كيف يمكن لإدارة بايدن تغيير حساباتها الخاصة بإيران، في الوقت الذي أعلن فيه الإيرانيون أنهم سيعودون إلى المحادثات في فيينا؟ قائلاً إنها ستحتاج إلى دمج وتنظيم عدد من التحركات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاستخباراتية والعسكرية، وأكد أنه على المستوى السياسي، فإن الإدارة بحاجة إلى التركيز على عزل الإيرانيين، إذ إنه خلال الانسحاب من الاتفاق النووي، من دون خطة بديلة، عزلت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب -بطريق الخطأ- الولايات المتحدة، وليس طهران.
ولفت روس، إلى أن الأمر الذي يربط مجموعة 5 + 1 هو الرغبة في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية، واستخدام الدبلوماسية لتحقيق هذا الهدف، لذا فإنه من المهم إظهار التزام واشنطن بالدبلوماسية، وكذلك الالتزام بالحديث عن الأمور التي قد تهدد استمرار استخدامها لهذا الحل، لكن تحقيق هذا التوازن يتطلب سياسة إعلانية، تنذر إيران بالخطر الذي قد تواجهه، كما ينبغي على إدارة بايدن، أن تقول إنه في حال أدت إيران إلى وضع يكون فيه التوصل إلى نتيجة دبلوماسية أمراً مستحيلاً، فإنها ستخاطر ببنيتها التحتية النووية.
أما من الناحية الاقتصادية، فإنه ينبغي للولايات المتحدة ألا ترفع العقوبات، لكن يمكن لبايدن أن يعرض مرة أخرى، منح إعفاءات لمشتريات النفط الإيراني لبلدان محددة، أو الوصول إلى بعض الأصول الإيرانية المجمَّدة، مقابل وقف التخصيب فوق 3.67% ووقف إنتاج اليورانيوم وإنهاء عرقلة مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حسب الكاتب.
ولفت روس، إلى أنه على المستوى العسكري، يجب على الولايات المتحدة استخدام القيادة المركزية الأمريكية، لإجراء تدريبات مشتركة مع إسرائيل والدول العربية، بما في ذلك دمج الدفاعات ضد الهجمات البالستية، واستخدام الوسائل والأسلحة الإلكترونية لإيقاف إطلاق الصواريخ، ومحاكاة الرد على هجمات القوارب الصغيرة.
وفي نهاية تحليله، قال روس: يتعين على بايدن التراجع عن إظهار أن واشنطن لن تتصرف عسكرياً مع طهران، أو أنها ستمنع إسرائيل من ذلك، مضيفاً أنه إذا كانت واشنطن تريد أن تجعل استخدام القوة ضد البرنامج النووي الإيراني أقل احتمالاً، فإنه من الضروري استعادة الردع، إذ يجب أن يعتقد قادة إيران، أن الولايات المتحدة أو إسرائيل، ستستخدمان القوة العسكرية لتدمير استثماراتهم الهائلة في البرنامج النووي، إذا استمروا في تبني المسار الحالي، ورفضوا التوصل إلى نتيجة تفاوضية، مشيراً إلى أن هذه ليست المرة الأولى، التي يكون فيها التهديد باستخدام القوة ضرورياً، لتجنُّب استخدامها.