بعد أن تخلت عنهم واشنطن... روسيا تجند قوات أفغانية خاصة للقتال في أوكرانيا
كشفت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، أن روسيا جنَّدت عددًا كبيرًا من القوات الخاصة الأفغانية للقتال في أوكرانيا، بعد أن تخلت عنهم الولايات المتحدة.

ترجمات - السياق
كشفت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، أن روسيا جنَّدت عددًا كبيرًا من القوات الخاصة الأفغانية للقتال في أوكرانيا، بعد أن تخلت عنهم الولايات المتحدة.
ونقلت الوكالة عن ثلاثة جنرالات أفغان سابقين، أن أفرادًا من القوات الخاصة الأفغانية، الذين قاتلوا إلى جانب القوات الأمريكية، ثم فروا إلى إيران بعد الانسحاب الفوضوي للولايات المتحدة من أفغانستان العام الماضي، يُجندون من قِبل الجيش الروسي للقتال في أوكرانيا.
ووفقًا للجنرالات فإن الروس يريدون جذب الآلاف من أفراد قوات الكوماندوز الأفغانية السابقة إلى "فيلق أجنبي" من خلال عرض رواتب شهرية بـ 1500 دولار ووعود بملاذات آمنة لهم ولعائلاتهم لتجنُّب الترحيل إلى ديارهم، حيث يخشون على حياتهم من بطش حركة طالبان، التي تحكم البلاد منذ الانسحاب الأمريكي.
دور فاغنر...!
ونقلت "أسوشيتد برس" عن أحد الجنرالات الثلاثة، ويدعى عبدالرؤوف أرغانديوال، قوله: إن هؤلاء الجنود لا يريدون القتال، لكنهم لا يملكون أي خيارات أخرى، مضيفًا أن العشرات من الكوماندوز في إيران، الذين راسلهم يخشون الترحيل أكثر من غيرهم، ويطلبون منه حلولا أخرى تثنيهم عن قرارهم، متابعًا: "يسألونني... أعطني حلاً... ماذا علينا أن نفعل؟ إذا عدنا إلى أفغانستان، فإن طالبان ستقتلنا".
وكشف أرغانديوال أن عملية التجنيد تتم بواسطة قوة المرتزقة الروسية المعروفة باسم (فاغنر)، مشيرًا إلى أن أحد المجندين أرسل له التالي: "تحصل على تدريب عسكري في روسيا شهرين، ثم تذهب إلى المعركة".
بينما قال هبة الله علي زاي -وهو أحد الجنرالات الثلاثة- وآخر قائد للجيش الأفغاني قبل تولي طالبان زمام الأمور: إن هذه الجهود كانت مدعومة أيضًا من قِبل قائد سابق في القوات الخاصة الأفغانية، عاش في روسيا ويتحدث اللغة الروسية.
وكشف أن الكثير من جهود التجنيد الروسية تركز على مدينتي طهران ومشهد، والأخيرة تقع بالقرب من الحدود الأفغانية.
وحسب وكالة الأنباء الأمريكية، تأتي أخبار التجنيد الروسي، بعد أشهر من تحذيرات جنود أمريكيين، قاتلوا مع القوات الأفغانية الخاصة، من نية طالبان قتل هؤلاء الجنود المتحالفين مع واشنطن، وأنهم قد ينضمون إلى أعداء الولايات المتحدة للانتقام منها أو للحفاظ على حياتهم.
بينما حذر تقرير قدَّمه الحزب الجمهوري للكونغرس في أغسطس الماضي، من الخطر المتمثل في أن ينتهي الأمر بقوات الكوماندوز الأفغانية -التي دربتها القوات البحرية الأمريكية- بالتخلي عن معلومات التكتيكات الأمريكية إلى تنظيم الدولة (داعش) أو إيران أو روسيا، أو القتال من أجلهم.
كان نواب جمهوريون، قد حذروا من إمكانية استفادة روسيا والصين وإيران من جهود أفراد سابقين في أجهزة الأمن الأفغانية، لديهم معرفة حساسة بكيفية سير العمليات الأمريكية، وبقوا في البلاد بعد انتهاء عمليات الإجلاء الأمريكية، سواء عبر التجنيد أم الإكراه، وقالوا إن إدارة الرئيس جو بايدن أخطأت بعدم منحهم الأولوية خلال الإجلاء.
وقال الأعضاء الجمهوريون في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، في تقرير بمناسبة الذكرى الأولى لاستيلاء طالبان على كابل في أغسطس الماضي: "هذا الاستنتاج صحيح بشكل خاص نظرًا إلى التقارير التي تفيد بأن بعض العسكريين الأفغان السابقين فروا إلى إيران".
وقال التقرير إن إدارة بايدن أخفقت في منح الأولوية لإجلاء أفراد القوات الخاصة الأفغانية، الذين دربتهم الولايات المتحدة وغيرهم من وحدات النخبة الأخرى أثناء عملية سحب القوات الأمريكية ،في عملية شابتها الفوضى لإجلاء الأجانب والأفغان المعرضين للخطر من مطار كابل الدولي من 14 إلى 30 أغسطس 2021.
ونقلت الوكالة الأمريكية عن مايكل مولروي -وهو ضابط متقاعد من وكالة المخابرات المركزية خدم في أفغانستان- قوله: إن ما يحصل كان في إطار المتوقع، لأن الولايات المتحدة لم تفِ بوعودها تجاه هؤلاء الجنود، مضيفًا أن الكوماندوز الأفغان كانوا مقاتلين شرسين وذوي مهارات عالية.
وتابع مولروي: "لم نخرج هؤلاء الأفراد من أفغانستان كما وعدنا، والآن لا أريد أن أراهم في أي معركة، خصوصًا في أوكرانيا".
تجنيد مستمر
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن مجلة فورين بوليسي كانت قد ذكرت -الأسبوع الماضي- تفاصيل هذه الجهود -تجنيد القوات الخاصة الأفغانية من قِبل الروس- بناءً على معلومات من مصادر عسكرية وأمنية أفغانية لم تسمّها.
وحسب الوكالة الأمريكية، يأتي التجنيد أيضًا في الوقت الذي تتأرجح فيه القوات الروسية من التقدم العسكري الأوكراني، ومع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعبئة وُصفت بالمتعثرة، دفعت بما يقرب من 200 ألف روسي إلى الفرار من البلاد هربًا من الخدمة العسكرية.
من جانبها، لم تعلق وزارة الدفاع الروسية على الأمر، في حين رفض متحدث باسم يفغيني بريغوزين، الذي اعترف مؤخرًا بأنه مؤسس مجموعة فاغنر، فكرة بذل جهد مستمر لتجنيد أفغان سابقين ووصفها بأنها "هراء مجنون".
كما لم ترد وزارة الدفاع الأمريكية أيضًا على طلب للتعليق من وكالة أسوشيتد برس، لكن مسؤولاً كبيرًا أشار إلى أن التجنيد لم يكن مفاجئًا، لأن فاغنر حاولت وجندت أفرادًا في دول أخرى.
وبينت وكالة الأنباء الأمريكية، أنه ليس من الواضح عدد أفراد القوات الخاصة الأفغانية الذين فروا إلى إيران، والذين استدرجهم الروس بعد ذلك، لكن أحدهم أخبر وكالة أسوشييتد برس بأنه كان يتواصل من خلال خدمة الدردشة عبر واتس آب مع قرابة 400 من الكوماندوز الذين يفكرون في العروض الروسية.
وقال جندي الكوماندوز: إن كثيرين مثله يخشون الترحيل وغاضبون من الولايات المتحدة لتخليها عنهم.
وأوضح، أن العرض يتضمن تأشيرات روسية له ولأطفاله الثلاثة وزوجته الذين ما زالوا في أفغانستان، مشيرًا إلى أنه عُرض على آخرين تمديد تأشيراتهم في إيران، لافتًا إلى أنه كان ينتظر ليرى ما سيقرره الآخرون في مجموعات واتس آب، لكنه يعتقد أن الكثيرين سيقبلون الصفقة في النهاية.
واستطرد الكوماندوز السابق، الذي طلب عدم كشف هويته لأنه يخشى على نفسه وعائلته: "اعتقدنا أنهم قد ينشئون برنامجًا خاصًا لنا، لكن لم يفكر أحد فينا... لقد تركونا جميعًا في أيدي طالبان".
بينما كشف عدد من قدامى المحاربين الأمريكيين -الذين قاتلوا مع القوات الخاصة الأفغانية- أن نحو 12 جنديًا أفغانيًا، أبلغوهم بأن طالبان تفتش البيوت بحثًا عن الكوماندوز الذين ما زالوا في البلاد، ليعذبوهم أو يقتلوهم، أو يفعلون الشيء نفسه مع أفراد الأسرة.
وحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، فإن أكثر من 100 جندي أفغاني سابق وضباط استخبارات وشرطة قتلوا أو "اختفوا" قسرًا بعد ثلاثة أشهر فقط من تولي طالبان حكم البلاد، رغم وعود بالعفو.
ووثقت الأمم المتحدة في تقرير صدر منتصف أكتوبر المنصرم، 160 حالة إعدام خارج نطاق القانون و178 حالة اعتقال لمسؤولين حكوميين وعسكريين سابقين في أفغانستان.
وقال شقيق أحد الجنود الأفغان في إيران، الذي قَبِل العرض الروسي ويدعى مراد: إن تهديدات طالبان تجعل الرفض صعبًا، وأضاف أن شقيقه اضطر للاختباء ثلاثة أشهر بعد سقوط كابل، وتنقل بين منازل أقاربه بينما كانت طالبان تفتش منزله.
وقال مراد، الذي لم يذكر اسمه كاملاً خوفًا من أن تلاحقه طالبان: "لم يكن أمام أخي خيار آخر سوى قبول العرض، لم يكن هذا قرارًا سهلاً بالنسبة لي".
وخلصت الوكالة الأمريكية، إلى أن ما يقدر بـ 20.000 إلى 30.000 من القوات الخاصة الأفغانية قاتلوا مع الأمريكيين خلال الحرب التي استمرت عقدين، ولم ينقل سوى بضع مئات من كبار الضباط جوًا عندما انسحب الجيش الأمريكي من أفغانستان، مشيرة إلى أنه نظرًا لأن العديد من الكوماندوز الأفغان لم يعملوا بشكل مباشر مع الجيش الأمريكي، فإنهم لم يكونوا مؤهلين للحصول على تأشيرات أمريكية خاصة.