عودة نتنياهو لرئاسة وزراء إسرائيل.. ماذا تعني؟
بدأ زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو -الجمعة- مفاوضات مع حلفائه، لتشكيل حكومة يرجّح بأن تكون الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.

السياق
يتجه بنيامين نتانياهو الذي شغل منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ إسرائيل، لتولي السلطة مجددا بعد فوزه في الانتخابات التشريعية مع كتلته اليمينية.
وبدأ زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو -الجمعة- مفاوضات مع حلفائه، لتشكيل حكومة يرجّح بأن تكون الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
واستخدم نتنياهو في حملته الانتخابية هذه السنة سيارة زجاجية مجهزة أمنيا أطلق عليها اسم "بيبيموبيل" بوحي من سيارة البابا "باباموبيل"، وقد جاب بها أنحاء البلاد.
ورغم أنه يخضع لمحاكمة بتهم تتعلق بالفساد، يرى خبراء سياسيون أن قواعد حزب الليكود الذي يتزعمه ستبقى داعمة له.
وهي المرة الأولى التي خاض فيها الانتخابات منذ أربع سنوات، وهو على رأس المعارضة، لا السلطة التي أطيح منها في العام 2021 على يد ائتلاف منوّع.
ونشرت صحيفة يديعوت أحرونوت اليومية الإسرائيلية، الأكثر انتشارًا، صورًا لنتانياهو مع إيتمار بن غفير، الشخصية اليمينية المتطرفة التي يبدو أنها ستصبح لاعباً رئيساً في الحكومة الجديدة، وتساءلت "إلى أين يتجهون؟".
وفاز نتانياهو بأغلبية مقاعد الكنيست، وأظهرت النتائج حصول حزب الليكود برئاسته على 32 مقعدًا، و18 مقعدًا للحزبين المتدينين المتشددين "يهودوت هتوراه" لليهود الاشكناز الغربيين وحزب شاس لليهود الشرقيين (سفراديم)، و14 مقعدًا لتحالف اليمين المتطرف "الصهيونية الدينية".
وبذلك تكون الكتلة اليمينية برئاسة نتانياهو حصلت على 64 مقعدًا، أي أغلبية مستقرة في البرلمان المؤلف من 120 مقعدًا، لتسدل الستار على حقبة غير مسبوقة من الجمود السياسي.
وكتبت سيما كادمون، وهي محللة وكاتبة في صحيفة يديعوت أحرونوت، الجمعة: "ستكون حكومة غير مسبوقة".
وأضافت: "معظم الحقائب الوزارية المهمة ستكون في أيدي المتعصبين... الجميع يعلمون أنه إذا تم تنفيذ جزء بسيط مما وعدت به الأحزاب، حال كانوا جزءًا من الحكومة الجديدة، سيكون هذا بلدًا مختلفًا بنظام حكم مختلف".
أما بالنسبة لرئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لبيد، زعيم حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) الوسطي فتشير النتائج إلى حصوله على 24 مقعدًا لحزبه و51 لكتلته مع حلفائه.
يبدأ نتانياهو توزيع الحقائب الوزارية على شركائه في التحالف، وهذا يعني منح حقائب مهمة لأعضاء تكتل الصهيونية الدينية اليميني المتطرف، الأمر الذي يعد سابقة.
توزيع الحقائب
أصدر نتانياهو بالفعل تعليمات إلى ياريف ليفين، عضو اللكيود الأكثر تشددًا وحليفه المقرّب، لبدء محادثات مع الصهيونية الدينية بشأن الحقائب الوزارية.
من جهته، طالب الزعيم اليميني المناهض للعرب إيتمار بن غفير الذي طالما دعا إلى ضم إسرائيل للضفة الغربية، بتولي حقيبة الأمن العام، وهو منصب سيجعله مسؤولًا عن الشرطة.
وجدد بن غفير دعواته للأجهزة الأمنية، لاستخدام مزيد من القوة في مواجهة الفلسطينيين.
وقال بن غفير ليلة الانتخابات: "حان الوقت لنعود أسياد بلادنا".
وصرح بتسلئيل سموتريتش من الصهيونية الدينية، بأنه يريد أن يصبح وزيرًا للدفاع.
أما حزب شاس اليهودي الشرقي المتشدد برئاسة ارييه درعي، الذي فاز بـ11 مقعدًا فيتوقع أن يلعب دورًا محوريًا في مفاوضات الائتلاف، وتتركّز أنظار درعي على وزارتي الداخلية أو المالية.
شرعية دولية
وقال شلومو فيشر من "معهد سياسة الشعب اليهودي" في القدس لوكالة فرانس برس، إن نتانياهو يدرك أن دفع شخصيات يمينية إلى مناصب رئيسية قد "يضر" بعلاقاته في الخارج.
وقال إن "نتانياهو لا يريد أن يقود بن غفير ودرعي الدفة، فهو حريص للغاية ولا يريد أن يفقد شرعيته الدولية(...) أعتقد أنه يمكن أن يحاول توسيع تحالفه لتقليل نفوذهم".
وذكرت إذاعة إسرائيل باللغة العربية -حسب مصادرها- الجمعة، أن "نتانياهو لا يرغب في المخاطرة بمنح مَن وصفتهم بممثلي اليمين المتطرف، مثل إيتمار بن غفير، حقائب سيادية، ولذلك يسعى لإقناع خصميه يائير لبيد وبيني غانتس بالانضمام إلى حكومة برئاسته ليتجنب عزلة دولية".
وبحسب الإذاعة فإن "نتانياهو لا يستبعد إمكانية التوجه إلى رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس، ليكون عنصر موازنة أمام المتطرفِين اليمينيين".
وهنأ عدد من القادة الأجانب نتانياهو على فوزه، لاسيما الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي قال عبر "تويتر" إنه يتمنى "فتح صفحة جديدة بالتعاون مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة".
وأشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أيضًا بنتانياهو بمنشورات في "تويتر".
وكتب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان عبر "تويتر" "يا له من انتصار عظيم لبنيامين نتانياهو في إسرائيل"، واصفًا الأخير بأنه "صديق المجر".
وتحدث نتانياهو عبر الهاتف مع قادة المجر ورومانيا والنمسا، بحسب مكتبه.
ومع ذلك فإن الحلفاء التقليديين لإسرائيل كانوا أكثر حذرًا.
فبينما رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية التكهن بشأن تشكيل الحكومة، قال إن واشنطن تأمل "أن يواصل جميع مسؤولي الحكومة الإسرائيلية مشاركة قيم المجتمع الديمقراطي المنفتح، بما في ذلك التسامح والاحترام للجميع في المجتمع المدني، خاصة الأقليات".
كما دعت المملكة المتحدة "جميع الأطراف الإسرائيلية إلى الامتناع عن اللغة التحريضية وإبداء التسامح والاحترام للأقليات" في بيان صدر بعد ساعات قليلة من رفضها لمقترحات رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، بشأن نقل سفارة المملكة المتحدة في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.
جاءت نتيجة الانتخابات وسط تصاعد العنف في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إن طائراته المقاتلة استهدفت -فجر الجمعة- موقعًا لتصنيع الصواريخ في قطاع غزة، ردًا على إطلاق صواريخ عدة باتجاه إسرائيل.