هل يجب على الولايات المتحدة دعم الحركات الانفصالية في الصين؟

قد يأتي دعم الحركات الانفصالية في التبت أو تركستان الشرقية بنتائج عكسية لكن واشنطن لديها خيارات أخرى

هل يجب على الولايات المتحدة دعم الحركات الانفصالية في الصين؟

ترجمات - السياق

تساءلت مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية عمّا إذا كان يجب على الولايات المتحدة دعم الحركات الانفصالية في الصين، قائلة إنه غالباً ما تصور جمهورية الصين الشعبية، على أنها موحدة ومتآلفة، رغم أنها ليست كذلك.

وأضافت المجلة، في تقرير، أنه بينما يضاعف الرئيس "شي" جهوده لقلب النظام الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية، ربما حان الوقت لصُناع السياسة الأمريكيين للتفكير خارج الصندوق، واعتبار أن الواجهة التي تظهرها الصين -باعتبارها دولة موحدة- قد تنطوي على ضعف قد يمكن واشنطن من تبني استراتيجيات جديدة.

الصين ليست الاتحاد السوفيتي

وقالت المجلة، "لم تكن الولايات المتحدة تحترم وحدة خصمها، لنأخذ الاتحاد السوفييتي على سبيل المثال، إذ لم تعترف الولايات المتحدة باحتلال الاتحاد لدول البلطيق عام 1940 (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا)، كما أنه بعدما استولت الإمبراطورية اليابانية على منشوريا، أعلن وزير الخارجية هنري ستيمسون أن الولايات المتحدة لن تعترف بالتغييرات الإقليمية التي تحدث بالقوة.

وعام 1959، صنَّف الكونجرس أرمينيا وأذربيجان وجورجيا بأنها من الدول الأسيرة، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية عندما أصبح واضحاً أن جوزيف ستالين لم يكن حليفاً، دعمت الولايات المتحدة حركات المقاومة العنيفة في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي".

ووفقاً للمجلة، فإن الصين بالطبع ليست الاتحاد السوفييتي، إذ استمتع السوفييت بصورة الجمهوريات المتنوعة عِرقياً ولغوياً، لكنها كانت متحدة على فكرة مشتركة، إلا أن الصين، على النقيض من ذلك، تصور نفسها على أنها دولة قومية متجانسة ممثلة لجميع الصينيين، لكن هذا الوصف مجرد هراء، حيث باتت تايوان تحت سيطرة البر الرئيسي للصين منذ أقل من عقدين على مدى الأربعمائة عام الماضية، كما طورت هونج كونج أيضاً هوية منفصلة، ومع ذلك، من الناحية التاريخية، ربما تكون أكثر المناطق تميزاً في الصين هي تركستان الشرقية (أو شينجيانج كما تسميها الصين) والتبت، فهناك، قد لا تكون الولايات المتحدة قادرة على دعم الحركات الانفصالية، لكن إعادة النظر في السيادة الصينية، يمكن أن توفر فرصاً جديدة لها.

 

قمع شينجيانج 

أصبحت شينجيانغ اليوم في الأخبار، باعتبارها موقعاً للإبادة الجماعية التي ترعاها بكين ضد شعب الأويجور، فالقمع الصيني للمنطقة ليس جديدًا، إذ عززت أسرة تشينغ سيطرتها على جزء كبير مما يُعرف الآن بشينجيانغ في القرن الثامن عشر. 

لم تكن شينجيانج وحدها التي تتعرَّض للقمع، فالتبت أيضاً مثال صارخ على الغزو الاستعماري الصيني، فمع ضعف أسرة تشينغ خلال القرن التاسع عشر، أصبحت التبت مستقلة نظرياً، وباتت نقطة محورية في تنافس القوى العظمى، نهاية القرن، حيث سارع كل من روسيا والبريطانيين للحصول على موقع استراتيجي في آسيا، وعلى هذه الخلفية، أطاحت أسرة تشينغ عام 1910 الدالاي لاما، بينما أطاحت ثورة شينهاي بين عامي 1911 و1912 أسرة تشينغ، واعتذرت الحكومة الجمهورية الجديدة وعرضت إعادة الدالاي لاما، لكنه رفض الخضوع للحكم الصيني وأعلن استقلال التبت، وعام 1950، غزا الشيوعيون الصينيون التبت، وفرضوا اتفاقية أخضعت حكمها الذاتي للسيادة الصينية، وفي غضون عقد من الزمن، أجبروا الدالاي لاما على الذهاب للمنفى في دارامسالا، الهند، وعلى مدى العقود اللاحقة، شنت الحكومة الصينية حملة لاستئصال ثقافة التبت، إذ فجَّر الشيوعيون الصينيون أو دمَّروا أكثر من 6 آلاف دير.

دعم الانفصال

وتساءلت المجلة: هل دعم الانفصال هو الحل؟ وهل ينبغي للولايات المتحدة أن تدعم الحركات الانفصالية لدى الأويجور والتبتيين، أم تسعى لاستغلال خطوط الصدع العرقية الأخرى؟ قائلة إن هناك سابقة للدعم الأمريكي للانفصاليين التبتيين، إذ ساعدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) في الخمسينيات في تدريب العملاء التبتيين، لكن في النهاية تلاشت المساعدات، لأن الحكومة في المنفى ظلت ملتزمة بالحكم الذاتي داخل جمهورية الصين الشعبية أكثر من التزامها بالاستقلال، ومع ذلك، قد يتخذ الدالاي لاما الجديد موقفاً مختلفاً في السنوات المقبلة.

وأضافت: "في الوقت الحالي، لن ينجح الدعم العسكري والمالي للحركات الانفصالية، كما أنه قد يأتي بنتائج عكسية، ومع ذلك هناك خيارات أخرى، إذ يمكن لوزارة الخارجية إعادة النظر في السيادة على التبت، كما أنه يمكن للوزارة أن تنظر أيضاً في تحسين وضع الكونجرس العالمي للأويجور، ففي حين أنه ليس انفصالياً، إلا أنه يدعو لتحديد المستقبل السياسي لتركستان الشرقية، وقد ترحب واشنطن أيضاً بالتمثيل السياسي المباشر لمنغوليا الداخلية.

ورأت المجلة أن الصين إمبراطورية أكثر منها دولة قومية، قائلة إن الإمبراطوريات تنهار، لذا فإنه لا سبب يمنع الولايات المتحدة من الضغط على طبقاتها الداخلية، وأشارت إلى أنه في العقود الماضية، لم يتردد الحزب الشيوعي الصيني في السعي لاستغلال حركة تحرير السود في الولايات المتحدة لتحقيق مكاسب لبكين، لذا فإنه يجب على وزارة الخارجية، بل يجب على البيت الأبيض والكونجرس أيضاً، تركيز الانتباه على المنشقين والناشطين في شينجيانج، والتبت ومنغوليا الداخلية وهونج كونج لتعزيز وضعهم.

وفي نهاية تقريرها، قالت المجلة إن بكين قد تعتقد أنها حددت المعايير في العلاقة الثنائية بينها وبين الولايات المتحدة، لكن بعد قمة أنكوراج الأخيرة، من الواضح أن بكين لا تأخذ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على محمل الجد، كما أن زيارة الأخير المحتملة إلى بكين في فبراير 2022 لن تغير ذلك، لذا فإنه حان الوقت للإدارة الحالية، أو الإدارة التالية، لتغيير قواعد اللعبة إذا كانوا يأملون وقف هجوم الصين المباشر على النظام الليبرالي بعد الحرب العالمية الثانية.