بعد حسم نتائج الانتخابات العراقية.. ما مصير تشكيل الحكومة؟

بعد تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، فإن أغلبية المؤشرات تؤكد قرب التيار الصدري من تشكيل الحكومة المقبلة.

بعد حسم نتائج الانتخابات العراقية.. ما مصير تشكيل الحكومة؟

السياق

بعد أن حسمت المحكمة الاتحادية، نتائج الانتخابات التشريعية العراقية، التي أجريت في أكتوبر، توالت ردود الفعل من القوى السياسية، بين مرحب ورافض بينما أعلنت أخرى عدم مشاركتها في الحكومة المقبلة، فهل العراق على موعد مع أزمة متجددة بسبب الانتخابات، أم ينجح البلد الآسيوي في المضي قدمًا في تشكيل حكومة تحظى بموافقة شعبية.

ويرى مراقبون عراقيون، أن تشكيل الحكومة الجديدة لن يكون هينًا، ولن يحدث قريبًا، وأشاروا إلى أن هناك تحديدات عدة مرتبطة بهذا الأمر، أبرزها التدخلات الخارجية، وتصاعد التهديدات الأمنية، سواء من المليشيا الموالية لإيران أم تنظيم داعش الإرهابي.

 

تحديات أمنية

بعد ساعات من التصديق على نتائج الانتخابات التشريعية التي عُقدت في أكتوبر الماضي، وضمن جهود أمنية لضبط الأرض، تمهيدًا لاستكمال العملية السياسية، أعلن جهاز الاستخبارات بوزارة الداخلية العراقية، اعتقال 6 إرهابيين من عائلة قيادي بتنظيم داعش في نينوى، يدعى طالب رضوان الحمدون المكنى "أبو ليث الأنصاري".

وعن مخاوف تصاعد الهجمات الإرهابية، بعد التصديق على نتائج الانتخابات، أكد الخبير الأمني العراقي طارق حرب لـ"السياق"، أن بغداد استطاعت القضاء على تنظيم داعش، ولفت إلى أن ما يحدث الآن "حالات فردية".

واستدل بالوضع الأمني الراهن قائلًا: "لم تنفجر سيارة مفخخة منذ سنوات في العراق، في حين كان قبل سنوات كل يوم تنفجر سيارات وليس واحدة"، بحسب قوله.

بيد أن المخاوف الحقيقية، مرتبطة بتحركات المليشيات المسلحة الموالية لإيران، وهو ما بدا واضحًا في هجوم مجهولين على مبنى لشركة صينية، تعمل في مجال النفط جنوبي البلاد.

ورجح مصدر أمني عراقي، أن هذا الهجوم يحمل بصمات المليشيات الموالية لإيران، إذ نفذت هجومًا تخريبيًا، ولاذت بالفرار قبل وصول قوات الأمن.

 

حكومة وطنية

الباحث والمحلل السياسية العراقي على الكاتب، أكد في تصريحات لـ"السياق"، أنه بحسب المعطيات المتوفرة وبعد تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، فإن أغلبية المؤشرات تؤكد قرب التيار الصدري من تشكيل الحكومة المقبلة".

ويرى الكاتب أن "الصدر سيمضي باتجاه تشكيل حكومة أغلبية طالما ردد بتشكيلها، كما لن يحيد عن ذلك المسار، لأن الظروف الآنية وطبيعة الشارع الاحتجاجي الغاضب، تفرضان ضرورة قطع الطريق على تكرار السيناريوهات التي عضدت المحاصصة الحزبية وتقاسم المناصب".

وعما إذا كان التيار الصدري سيتحالف مع الأحزاب الكردية، أكد المحلل السياسي العراقي لـ"السياق"، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني هو الحليف الأقرب إلى الصدر في المشهد السياسي الحاضر، وتابع أن الأكراد أفصحوا عن ذلك جهاراً، لأن هناك علاقة ودية تربط الجانبين منذ سنوات، تدفع باتجاه تحولها نحو مشروع سياسي موحد.

وفي ما يتعلق بالشخص المتوقع تكليفه بتشكيل الحكومة، يرى الكاتب، أن مصطفى الكاظمي أحد أهم المرشحين بقوة للحصول على الولاية الثانية، لكنه عاد ونوه إلى أن "المتغيرات وطبيعة المفاوضات بين الأطراف الفائزة قد تفرضان متغيرات جديدة من الممكن أن تضيف اسمًا آخر".

أما القوى الخاسرة، وتحديدًا الأحزاب والتيارات المنضوية تحت ما يسمى "الإطار التنسيقي"، فأوضح أنها "لن تستطيع أن تذهب بالمشهد السياسي أكثر مما بذلته في الأسابيع الماضية التي تلت إعلان نتائج الانتخابات"، ويوضح علي الكاتب أنها "تدرك الآن أن المماطلة والتشكيك وكيل التهم لتوقيف نتائج انتخابات أكتوبر... أصبحت مستحيلة".

 

حلبة مصارعة

محمد أرسلان الخبير العراقي المتخصص في الجماعات الإرهابية، قال لـ"السياق"، إن الوضع في العراق يشبه "حلبة مصارعة"، لافتًا إلى أنه لا يمكن إغفال تهديدات الأحزاب والمليشيات المدعومة من إيران، حال عدم إعادة النظر في نتائج الانتخابات أو حتى إعادة الانتخابات.

وفي ما يتعلق بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، أكد أرسلان، أنها ستكون "مرتبطة بنتائج محادثات فيينا بشأن الاتفاق النووي الإيراني"، منوهًا إلى أن طهران تستخدم البيئة الأمنية بالعراق، كورقة ضغط في مفاوضاتها مع الغرب.

واعتبر الخبير العراقي أن "عدم الاتفاق في اجتماعات فيينا، ستكون له تداعيات على تشكيل الحكومة العراقية"، وربط بين التصعيد الإيراني الغربي في الاتفاق النووي، ومحاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، حيث تسببت هذه العملية في الضغط على إيران، لرفع يدها من العراق أو توجيه الاتهام لها مباشرة بهذه العملية، عبر اتهام حزب الله العراقي المرتبط بإيران بشكل مباشر.

وأشار إلى أن عدم إعلان نتائج التحقيقات الأمنية الخاصة بعملية الاغتيال هذه، مرتبط أيضاً بالاتفاق النووي.

وعن الشخصية المتوقع توليها رئاسة الحكومة، أكد أرسلان أن "الكل متفقون تقريباً على بقاء الكاظمي في منصبه، وتحديدًا من القوى الإقليمية العربية، بجانب أوروبا وأمريكا".

وهنا، يؤكد الخبير العراقي أن "تشكيل الحكومة لم يعد شأنًا عراقيًا داخليًا، بقدر ما له علاقة بالتموضعات والاصطفافات الجديدة التي تحدث في المنطقة"، لافتًا إلى أن "الفصائل والأحزاب المحسوبة على إيران تحدد موقفها وموقعها النهائي في العملية السياسية الداخلية، وفق أجندة إيران ورؤيتها، وليس من منطلق وطني، وهو ما سيكون حجر زاوية، ليس في تشكيل الحكومة المقبلة فحسب، بل في مستقبل البلاد والعملية السياسية برمتها".