تلويح رئيس الوزراء السوداني بالاستقالة.. حقيقة أم مناورة؟
أيام يسير فيها السودان على صفيح ساخن، بحسب مراقبين، اختلفوا على تأثير الاستقالة المحتملة لرئيس الوزراء والهدف منها، فبينما قال البعض إنها مناورة من حمدوك، لكسب بعض الزخم في ملفات عليها خلاف بين الشقين المدني والعسكري، أكد آخرون أن الاستقالة نهائية من رئيس الحكومة، في محاولة للبعد عن المشهد الذي بات معقدً

السياق
تطورات على الساحة السودانية، غلفت الساعات المنصرمة، تاركة تساؤلات عن كيفية تجاوز البلد الإفريقي العقبات التي تعترض طريقه، نحو إنهاء المرحلة الانتقالية.
فبعد تلويح رئيس الحكومة السودانية عبدالله حمدوك، بعزمه تقديم استقالته، أعلن رئيس المجلس السيادي السوداني عبدالفتاح البرهان، الشروع في الإجراءات العملية للانتخابات في يونيو 2023.
وقال مصدر في مكتب رئيس الوزراء حمدوك، إن الأخير أبلغهم بالاستعداد لعملية تسليم الملفات للأمانة العامة لمجلس الوزراء، إلا أن مصادر أخرى تحدثت لوسائل إعلام محلية، عن أن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ونائبه الفريق دقلو، التقيا حمدوك قبل يومين، في محاولة على ما يبدو لإثنائه عن قراره بالرحيل.
وساطات إقليمية
إلا أن قيادات سودانية قالت إنها نجحت، بالتعاون مع وساطات إقليمية ودولية، في إثناء حمدوك عن قرار الاستقالة من رئاسة الوزراء الأسبوع الماضي، بينما عاد الأخير وتمسك بقراره بالرحيل عن الحكومة.
أيام يسير فيها السودان على صفيح ساخن، بحسب مراقبين، اختلفوا على تأثير الاستقالة المحتملة لرئيس الوزراء والهدف منها، فبينما قال البعض إنها مناورة من حمدوك، لكسب بعض الزخم في ملفات عليها خلاف بين الشقين المدني والعسكري، أكد آخرون أن الاستقالة نهائية من رئيس الحكومة، في محاولة للبعد عن المشهد الذي بات معقدًا.
وبينما قال مراقبون، إن استقالة حمدوك لن تغير من الأمر شيئًا، كون القوى السياسية الموجودة حاليا لم تعر إعادته إلى منصبه أي اهتمام، أكد آخرون، أن مغادرة حمدوك، ستعقد الأوضاع، وتبعده عن العودة إلى مسار الانتقال الديمقراطي.
في غضون ذلك، حاول حمدوك عقد لقاء مشترك مع قوى الحرية والتغيير، إلا أن قياديًا، قال إن الائتلاف رفض طلبًا قدم بصورة غير مباشرة، من رئيس الوزراء عبدالله حمدوك لعقد اجتماع مشترك.
وقاطع «الحرية والتغيير»، رئيس الحكومة السودانية، بعد توقيعه اتفاقًا سياسيًا مع رئيس المجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان في 21 نوفمبر الماضي، عاد حمدوك، بموجبه إلى منصبه، إضافة إلى إطلاق سراح قادة الحرية والتغيير من المعتقلات.
وقال عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير معتز صالح، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن رئيس حزب الأمة فضل الله برمة ناصر، عرض على لجنة تابعة للحرية والتغيير مقترحًا من المكون العسكري، بالعودة إلى ما قبل 25 أكتوبر الماضي، إلا أن الحرية والتغيير أكدت رفضها، مشيرة إلى أنها تجاوزت محطة 25 أكتوبر، في إشارة إلى إجراءات البرهان في ذلك التاريخ، من عزل الحكومة وفرض حالة الطوارئ.
انتخابات مبكرة
وفي محاولة للخروج من الوضع المأزوم، أعلن مجلس السيادة السوداني، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، الشروع في الإجراءات العملية للانتخابات المقبلة، التى تفضي إلى ترسيخ الانتقال الديمقراطي، إلى جانب ضمان مشاركة المواطنين في اختيار حكومة منتخبة عبر صناديق الاقتراع، بنهاية الجدولة التى أعدتها المفوضية القومية للانتخابات، التى تبدأ مطلع يناير المقبل وتنتهي في يوليو 2023.
وأوضحت عضو مجلس السيادة، الناطقة الرسمية باسم المجلس سلمى عبدالجبار، أن المجلس استمع إلى شرح وافٍ من المفوضية للإرث التاريخي للعملية الانتخابية.
وأوصى المجلس ببدء التوعية الانتخابية عبر وسائل الإعلام، وتوفير المطلوبات اللوجستية والمواد الانتخابية، بحسب سلمى عبدالجبار التي قالت إن المجلس اطلع على تقرير مفصل عن الأوضاع بإقليم دارفور قدمه عضو المجلس الدكتور الهادي إدريس، الذي كان في زيارة للإقليم استغرقت أسبوعين.
وأمن المجلس على انعقاد اجتماع المجلس الأعلى المشترك للترتيبات الأمنية بولايات دارفور قريبًا، كما وجَّه جهات الاختصاص بالتحري عما يتم تداوله فى الأوساط الإعلامية بشان حادثة الاغتصاب في حراك 19 من الشهر الجاري.
قرارات البرهان
وفي 25 أكتوبر الماضي، أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني قرارًا بحل الحكومة واعتقال عدد من الشخصيات، إلا أنه سرعان ما أطلق سراح الكثيرين، بعد وساطات محلية وإقليمية ودولية.
وفي 21 نوفمبر، وقَّع رئيس الحكومة عبدالله حمدوك، ورئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان، مسودة اتفاق سياسي في القصر الجمهوري، أعيد بموجبه الأول رئيسًا للحكومة.
ونص الاتفاق، على أن الوثيقة الدستورية هي المرجعية الأساسية لاستكمال الفترة الانتقالية، وعلى أن الشراكة الانتقالية بين المدنيين والعسكريين، أساس استقرار السودان.
كما نص على أن مجلس السيادة الانتقالي، هو المشرف على تنفيذ الفترة الانتقالية، ووضع ضمانات لانتقال السلطة إلى حكومة مدنية، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتنفيذ اتفاق سلام جوبا واستكمال استحقاقاته.
وشدد الاتفاق السياسي، على ضرورة الإسراع في استكمال مؤسسات الحكم الانتقالي، وبدء حوار بين القوى السياسية لتأسيس المؤتمر الدستوري، وإعادة هيكلة لجنة تفكيك نظام البشير مع مراجعة أدائها، والعمل على بناء جيش قومي موحد.
إلا أن الاتفاق لم يلبث أن يجف حبره، حتى أعلن حمدوك، في خطاب قبل أيام، بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر، إن السودان يواجه تراجعًا كبيرًا في مسيرة الثورة، ما يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، وينذر ببداية الانزلاق نحو الهاوية.