اختراق هواتف واعتداءات جسدية.. طالبان تسحق احتجاجًا يطالب بحقوق المرأة الأفغانية
لم يكتفِ المسلحون بإطلاق النار على المتظاهرات، بل هددوهن، واصفين إياهن بدمى الغرب، والعاهرات، بينما قالت إحدى المتظاهرات، إن أعضاء طالبان اعتدوا أيضًا على المارة، أثناء تصوير الاحتجاج واستولوا على هواتفهم.

السياق
«تصعيد مقلق وغير قانوني»، هكذا وصفت منظمة حقوقية، قمع حركة طالبان المسلحة العنيف، لمظاهرة في العاصمة الأفغانية كابل، لدعم حقوق المرأة نهاية الأسبوع الماضي، ما أعاد للأذهان، تاريخ الحركة المؤسف والرافض لأي حرية تعبير في أفغانستان.
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش، في تقرير، إن أعضاء حركة طالبان المسلحين كانوا حاضرين، عندما تجمعت النساء في مكان مخطط له في 16 يناير الجاري، ما عزز مخاوف المنظمين، من أن السلطات اخترقت اتصالاتهم.
وبحسب المنظمة، فإن البعض فروا عندما رأوا حركة طالبان، لكن نحو 25 امرأة بدأن مسيرة إلى جامعة كابل كما كان مخططًا، إلا أن الحركة المسلحة أطلقت النار صوب المتظاهرين.
اعتداءات جسدية
ولم يكتفِ المسلحون بإطلاق النار على المتظاهرات، بل هددوهن، واصفين إياهن بـ«دمى الغرب، والعاهرات»، بينما قالت إحدى المتظاهرات، إن أعضاء طالبان اعتدوا أيضًا على المارة، أثناء تصوير الاحتجاج واستولوا على هواتفهم.
ومع وصول المتظاهرين إلى جامعة كابل، كانت مجموعة أكبر من طالبان تنتظر في شاحنات صغيرة وحاصرت النساء، بحسب اثنتين من المتظاهرات، قالتا لـ«هيومن رايتس ووتش»، إن أعضاء طالبان استخدموا جهازًا كهربائيًا، لصدم أحدهما مع متظاهرين آخرين.
وبينما كان المحتجون يحاولون الفرار من محاصرة طالبان، رُشوا بمادة كيميائية مثل رذاذ الفلفل، الذي تسبب في تهيج شديد في الجلد والعينين والجهاز التنفسي، بحسب المتظاهرتين اللتين تحدثتا إلى «هيومان رايتس ووتش».
وقالت متظاهرة ثالثة، إنها لا تزال تعاني السعال وتهيج الجلد المؤلم بعد 24 ساعة، مشيرة إلى أن أعضاء طالبان ضربوها واعتدوا جسديًا على متظاهرين آخرين، بينما تبع أعضاء الحركة المسلحة بعض المتظاهرات، عندما بدأن العودة إلى ديارهن.
حقوق النساء
ومنذ الاستيلاء على أفغانستان في 15 أغسطس 2021، تراجعت حركة طالبان عن دعم حقوق النساء والفتيات، بما في ذلك منع وصول العديد من النساء إلى التعليم والعمل، ما أدى إلى تنظيم نشطاء حقوق المرأة سلسلة من الاحتجاجات، ردت طالبان عليها بحظر أي تظاهرات غير مصرح بها.
وبحسب «هيومان رايتس ووتش»، فإن القانون الدولي لحقوق الإنسان، يحمي الحق في التجمع السلمي، ويطالب السلطات -على جميع المستويات- بتسهيل هذه التجمعات وتجنُّب القيود غير الضرورية، أو غير المتناسبة المفروضة عليها.
وتحظر المعايير الدولية، استخدام القوة غير الضرورية أو المفرطة ضد المتظاهرين، بينما يقول دليل الأمم المتحدة بشأن الأسلحة الأقل فتكًا في إنفاذ القانون، إنه ينبغي عدم استخدام الأسلحة الكهربائية والمواد الكيميائية المهيجة، في حالات المقاومة السلبية البحتة لأوامر المسؤولين.
لم تكن المرأة الأفغانية العادية وحدها، التي هُضمت حقوقها تحت حكم حركة طالبان المسلحة، بل إن القاضيات الأفغانيات، تحدثن في تصريحات سابقة لـ«سي إن إن»، عن مخاوف أولادهن من تصفية أمهاتهن على يد الحركة المسلحة.
مرمى السهام
وقالت قاضية، رفضت الإفصاح عن هويتها لدواعي السلامة، إنها اضطرت إلى مغادرة مكان عملها حين سقطت كابل، مشيرة إلى أنها لم تتمكن من العودة إلى مكتبها، الذي يحتوي على جميع ملفات عملها ومعلوماتها الشخصية، وهو أكثر ما يرعبها.
تلك القاضية، كانت واحدة من 250 أخريات، أمرن بعدم العودة إلى العمل من قبل طالبان، ما أدى إلى هروب العشرات منهن خارج البلاد، بينما أجبر من بقين على الاختفاء، بحسب ما قالته القاضية فانيسا رويز من الرابطة الدولية للقضاة.
قاضية أخرى رفضت الإفصاح عن هويتها، قالت إنها تتنقل وأسرتها من منزل إلى آخر كل بضعة أيام لتجنُّب تعقُّبها، لاسيما أنها تلقت تهديدات هاتفية بالانتقام والقتل، بعد وصول طالبان إلى كابل، مشيرة إلى أن «المجرمين الذين حكمنا عليهم بالسجن، يسعون ورائي وعائلتي».
منع السفر
كانت حركة طالبان المسلحة، منعت النساء في أفغانستان، في ديسمبر المنصرم، من السفر لمسافات تزيد على 45 ميلاً، ما لم يرافقهن أحد أفراد الأسرة الذكور، بحسب وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي قالت إنه ينبغي عدم توفير وسيلة نقل للراغبات في السفر لأي شيء، غير المسافات القصيرة إذا كن بمفردهن، وأصرت على عدم توفير النقل إلا لمن يرتدين الحجاب الإسلامي.
وقال المتحدث باسم الوزارة صادق عاكف مهاجر في ذلك الوقت: «ينبغي ألا تُعرض على النساء اللاتي يسافرن أكثر من 45 ميلاً (72 كيلومترًا) توصيلة إذا لم يرافقهن أحد أفراد الأسرة المقربين»، محددًا أنه يجب أن يكون قريبًا من الذكور.
وقالت صحيفة ديلي ميل، في تقرير ترجمته «السياق»، إن الإرشادات، المتداولة على شبكات التواصل الاجتماعي، تأتي بعد أسابيع من مطالبة الوزارة للقنوات التلفزيونية الأفغانية، بالتوقف عن عرض المسلسلات الدرامية والمسلسلات التي تصور فيها نساء، كما دعت الوزارة الصحفيات التليفزيونات، إلى ارتداء الحجاب أثناء التقديم.
وأشارت إلى أن التوجيه الجديد للوزارة، الذي يمنع النساء من السفر بمفردهن مسافات طويلة، نص على توقف الناس عن تشغيل الموسيقى في سياراتهم.