عشية استئناف مفاوضات فيينا.. ما الخيارات الأمريكية والإيرانية وماذا عن الخطة ب؟
تجتمع أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة مجددًا في فيينا، بعد ما يقرب من ستة أشهر لمناقشة العودة المتبادلة إلى الصفقة من الولايات المتحدة وإيران، لكن الفجوة منحت وقتًا لتجذر عقبات جديدة.

السياق
على أنغام تحذيرات أمريكية وتلويحات بخيارات أخرى، تستأنف الولايات المتحدة وحلفاؤها المحادثات النووية الإيرانية، غير متأكدين من الطريقة التي ستتعامل بها حكومة طهران الجديدة مع المفاوضات، بينما الآفاق المستقبلية لا يسودها التفاؤل.
وتجتمع أطراف خطة العمل الشاملة المشتركة مجددًا في فيينا، بعد ما يقرب من ستة أشهر لمناقشة العودة المتبادلة إلى الصفقة من الولايات المتحدة وإيران، لكن الفجوة منحت وقتًا لتجذر عقبات جديدة.
وأعلنت إيران مزيدًا من التقدم في تخصيب اليورانيوم، ما يقلل الوقت الذي تحتاجه طهران لتطوير سلاح نووي، إذا اختارت ذلك، في إعلان يهدف بوضوح إلى منح إيران نفوذًا عند وصولها إلى فيينا لإجراء محادثات.
وقالت «سي إن إن بوليتيكس»، في تقرير، إن الأطراف التي في الاتفاقية -بما في ذلك ألمانيا والمملكة المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا- تشارك في المحادثات، للمطالبة باستئناف المفاوضات من حيث توقفت.
وقالت مصادر أوروبية لشبكة سي إن إن، إنها تتوقع أن يتعامل الإيرانيون مع الاجتماع على أنه «الجولة الأولى»، في الوقت الذي أعرب فيه مسؤولون أمريكيون عن مخاوف مماثلة.
وسترسل حكومة إبراهيم رئيسي، مجموعة جديدة من المفاوضين إلى فيينا، شددوا على الحاجة إلى تخفيف العقوبات الأمريكية، وليس الامتثال للاتفاق، في حين قال المسؤولون الأمريكيون إنهم ليس لديهم أي خطط، لتقديم حوافز لإيران.
لا وقت للاختيار
وبحسب «سي إن إن»، فإن كبار المسؤولين الأمريكيين حذروا مرارًا وتكرارًا من أنه إذا استمر التقدم في برنامج إيران النووي وقدرات التخصيب، فقد يجعلون فوائد خطة العمل الشاملة المشتركة موضع نقاش، وهو تطور يفرض على الولايات المتحدة بحث خيارات أخرى.
من جانبه، قال بريت ماكغورك، منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حوار المنامة، الذي نظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: «ما زلنا نأمل أن تجد الدبلوماسية طريقة (..) لكن إذا لم تجد طريقة، فنحن مستعدون لخيارات أخرى».
وأوضح ماكغورك: «ما من شك في أننا لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي (...) وعندما يتعلق الأمر بالقوة العسكرية لتغيير السلوك، فهذا هدف غامض إلى حد ما لقوة عسكرية، وعندما يتعلق الأمر بالقوة العسكرية لمنع دولة من الحصول على سلاح نووي ، فهذا هدف قابل للتحقيق للغاية».
وقال المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، روب مالي ، في تغريدة بعد اجتماع 18 نوفمبر مع حلفاء الشرق الأوسط والأطراف الأوروبية في الاتفاق، إن «إيران يمكن أن تختار أحد مسارين: استمرار التصعيد النووي والأزمة، أو العودة المتبادلة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، ما يوفر فرص العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية».
وقالت مصادر مطلعة على الاستعدادات للمحادثات، إن الأطراف راقبت زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران الأسبوع الماضي، معتبرة أنها مؤشر على نهج إيران في محادثات فيينا، مشيرة إلى أن جروسي أبلغ مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن المحادثات «غير حاسمة».
إحدى القضايا الخلافية المتبقية، أن إيران ترفض دخول مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لمراقبة الوصول إلى منشأة إنتاج أجهزة الطرد المركزي في كاراج، التي تشير التقارير إلى استئناف عملياتها.
وقال غروسي في اجتماع لمجلس المحافظين: «هذا يؤثر بشكل خطير في قدرة الوكالة على استعادة استمرارية المعرفة في ورشة عمل كاراج، التي تم الاعتراف على نطاق واسع بأنها ضرورية في ما يتعلق بالعودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة».
وأشارت جمعية الحد من الأسلحة، إلى أن رفض إيران السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بتركيب كاميرات جديدة أو تأكيد عدم استئناف الإنتاج، قد يقوِّض محاولات تنشيط خطة العمل الشاملة المشتركة ونظام التحقق الصارم الخاص بها، إذا لم يكن من المحتمل استكمال سجلات برنامج إيران النووي.
وقالت هيئة مكافحة الفساد، إن رفض طهران منح حق الوصول إلى كرج، يثير أيضًا تكهنات وقلقًا بشأن ما تفعله إيران.
لا خيار
وأبلغت البعثة الأمريكية لدى المنظمات الدولية في فيينا، اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأنه «إذا لم تتم معالجة عدم تعاون إيران على الفور ... لا سيما استعادة استمرارية المعرفة في كرج، لن يكون أمام المجلس خيار سوى الاجتماع مرة أخرى بشكل غير عادي، في جلسة قبل نهاية العام الجاري لمعالجة الأزمة».
في غضون ذلك، أعلنت إيران أن مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% زاد إلى 66 رطلاً (30 كيلوجرامًا) وزادت أيضًا كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، في مستويين أقرب بكثير إلى اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، الذي يتم تخصيبه بنسبة تزيد على 90%.
وبحسب جمعية الحد من التسلح، فإن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% يشكل نحو 90% من العمل اللازم للتخصيب حتى يصل إلى درجة صنع الأسلحة.
وتقول هيئة مكافحة الفساد، إنه مع نمو مخزونات إيران، يتضاءل الوقت الذي يستغرقه إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب للاستخدام في صنع قنبلة واحدة.
وبحسب «سي إن إن»، فإن التخصيب كان محدودًا بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، التي تركتها الولايات المتحدة من جانب واحد في مايو 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، إلا أن إيران استأنفت التخصيب العام الماضي، للضغط على الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات.
اقتراح غير مؤكد
وعكس المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، الغموض المحيط بالمحادثات المستأنفة في 22 نوفمبر، ووصف العودة المتبادلة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، بأنه «اقتراح غير مؤكد».
وفي اليوم التالي، قال برايس للصحفيين في واشنطن: «نأمل أن تظهر الحكومة الجديدة في إيران في فيينا، وأن تكون مستعدة للتفاوض بحسن نية للبناء على التقدم الذي تم إحرازه في السنة السابقة (..) بجولات المفاوضات».
لكنه أضاف أن «الولايات المتحدة كانت واضحة للغاية، في أننا لسنا مستعدين لاتخاذ خطوات أحادية الجانب، فقط من أجل استئناف المحادثات».
وقالت مصادر مطلعة على الاستعدادات للمحادثات لشبكة سي إن إن: إن الولايات المتحدة وحلفاءها ليسوا في نقطة يبدأون منها عرض إجراءات بناء الثقة لإيران، لكن أحد المسؤولين قال إن هناك احتمالًا أن تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها باستخدام هذه الإجراءات كطريق.
وأوضحت مصادر أمريكية وأوروبية أنه نتيجة لذلك، لن تناقش الحوافز لإيران في اجتماعات هذا الأسبوع في فيينا، حيث ستركز الولايات المتحدة وحلفاؤها على قياس درجة الحرارة والسعي للتقدم من حيث توقفوا قبل أشهر.
الخطة ب
وتقول «سي إن إن»، إن كل من يشارك في المحادثات على دراية بالساعة الموقوتة، بينما تقول مصادر للشبكة الأمريكية، إنه لا يزال هناك وقت للتوصل إلى اتفاق، لكن من المرجح أن ينتهي بنهاية العام المقبل.
وفي الوقت الحالي، قالت المصادر، إنه لا توجد «خطة ب» صعبة وسريعة حتى الآن.
ويقول منتقدو الاتفاق، إن إدارة بايدن ضحت بالنفوذ من خلال تخفيف الضغط على إيران، بينما تبني برنامجها النووي.
وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «سياسة إدارة بايدن تجاه إيران فاشلة، ومن دون تصحيح كبير للمسار، ستؤدي إما إلى أسلحة نووية إيرانية، وإما إلى حرب لوقف هذا التطور».
وجادل دوبويتز بأن نهج الإدارة سيسمح لإيران بإعادة البناء باتجاه «حالة نهائية قاتلة» بمسارات للأسلحة النووية وبنية تحتية نووية قوية، مشيرًا إلى أن إسرائيل لن يكون أمامها خيار سوى استخدام القوة العسكرية، لوقف الأسلحة النووية الإيرانية، قبل أن تصل طهران إلى هذه الحالة القاتلة.
وأكد ذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قائلًا، إن إسرائيل ستكون مستعدة للتحرك إذا لزم الأمر، مشيرًا إلى أنه إذا كانت هناك عودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، فمن الواضح أن إسرائيل ليست طرفًا في الاتفاقية وليست ملزمة بها.
واشتكى بينيت من أنه بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015 «نمت دولة إسرائيل ببساطة، كنا مشغولين بأشياء أخرى، سوف نتعلم من هذا الخطأ، سنحافظ على حريتنا في التصرف»، على حد قوله.
وحاول المسؤولون الغربيون، أن يؤكدوا للإسرائيليين أن الهجمات على البرنامج النووي الإسرائيلي ليست مفيدة عندما يكون الهدف هو التوصل إلى حل شامل، خاصة عندما يسرع الإيرانيون قدرتهم على إعادة البناء بعد الهجمات، بحسب مصادر مطلعة على محادثات إيران.