عالمة أمريكية تشكك في ميتافيرس مارك زوكربيرج.. وتحذر: ضرره أكثر من نفعه

أوضحت ميسيري أن هناك الكثير من الأساطير المنتشرة في التكنولوجيا، التي منها الأسطورة القائلة إن التكنولوجيا غير سياسية، مؤكدة أنها ليست كذلك، لأنها تجسد قيم ووجهات نظر أولئك الذين طوروها.

عالمة أمريكية تشكك في ميتافيرس مارك زوكربيرج.. وتحذر: ضرره أكثر من نفعه

ترجمات - السياق

شككت عالمة الأنثروبولوجيا في جامعة ييل ليزا ميسيري، بآراء مؤسس شركة فيسبوك "ميتا" مارك زوكربيرج بشأن عالم "الميتافيرس"، محذرة من أن ضرره سيكون أكثر من نفعه.

وأضافت ميسيري، في مقابلة مع "ييل نيوز"، أنه يجب أن يشعر الجميع بالقلق من الأفكار التي يعرضها مؤسس "ميتا"، مشيرة إلى أنه لأمر مزعج أن يكون لفرد واحد الكثير من الهيمنة على هذه التكنولوجيا.

الحدود التالية للإنسانية

وتقول الجامعة إن ميسيري، وهي أستاذة مساعدة في قسم الأنثروبولوجيا بكلية الآداب والعلوم، أولت اهتماماً كبيراً الخريف الماضي، عندما أعلن زوكربيرج خططه لاستثمار المليارات في إنشاء عالم "ميتافيرس" الرقمي الافتراضي، الذي يدعي أنه "الحدود التالية للإنسانية".

وأشارت الجامعة إلى أن ميسيري تعمل على دراسة الأماكن التي تنتج فيها التكنولوجيا والعلوم، وكيف يبني العلماء والمهندسون عوالم جديدة من خلال أبحاثهم وابتكاراتهم، كما يركز بحثها الحالي على صناعة الواقع الافتراضي(VR) ، التي تنتج بعض التكنولوجيا التي ستكون أساسية في عالم "الميتافيرس"، وكتبت في مقال بموقع  Wired أن "رؤية المجتمع ستكون محدودة للغاية في يد زوكربيرج".

وتعمل ميسيري على كتاب جديد عن الأشخاص والأماكن والتخيلات، التي تشكل الواقع الافتراضي وعالم المحاكاة، وهي حاصلة على جائزة صندوق عائلة Poorvu للابتكار الأكاديمي لعام 2021، التي تكرم المتميزين في التدريس المبتكر بين أعضاء هيئة التدريس في جامعة ييل.

وأعربت ميسيري -خلال المقابلة- عن أملها بتبديد الأساطير المتعلقة بالتقدم التكنولوجي، وضرورة التوصل إلى فهم أكثر دقة للأضرار التي تنشرها، قائلة إنه إذا تمكنا من فهم الأضرار بشكل أفضل، ربما يمكننا رؤية طريقنا نحو مستقبل أفضل.

وأوضحت ميسيري أن هناك الكثير من الأساطير المنتشرة في التكنولوجيا، التي منها الأسطورة القائلة إن التكنولوجيا غير سياسية، مؤكدة أنها ليست كذلك، لأنها تجسد قيم ووجهات نظر أولئك الذين طوروها.

وتابعت: "نحاول أيضاً إزالة الغموض عن فكرة أن مجرد بناء تقنية جديدة يوفر عالماً أفضل، فلماذا سمحنا لأنفسنا بتصديق ذلك؟ ولماذا يؤدي إنشاء برامج جديدة، على سبيل المثال، إلى جعل العالم مكاناً أفضل بالضرورة؟ هناك بالتأكيد تقنيات يمكنها تحسين العالم، لكن لا يوجد شيء متأصل في التكنولوجيا الجديدة يجعل العالم أفضل".

دراسة الواقع الافتراضي

وبسؤالها عن سبب اهتمامها بدراسة الواقع الافتراضي، قالت ميسيري: "بدأت التفكير في الواقع الافتراضي عام 2015، وفي تلك المرحلة، كنت أنهي كتابي الأول، الذي ركز على الفضاء الخارجي وعلماء الكواكب والفلك الذين يبحثون عن كواكب بعيدة، وقد تساءل هذا الكتاب عما إذا كانت فكرة (الوجود) يمكن أن ترقى إلى مستوى الكوكب، وهل يمكن نقل مفهومنا عن الوجود إلى كواكب بعيداً عن نظامنا الشمسي؟، فقد أردت دراسة نوع آخر من العلوم أو التكنولوجيا، يسمح لي بمواصلة التساؤل عن كيف يغير العلم والتكنولوجيا معنى الوجود في مكان ما، ويبدو أن الواقع الافتراضي يجيب عن هذا السؤال بشكل مباشر".

وعما وصفته "ييل نيوز" باحتلال زوكربيرج لعناوين الصحف بخططه لتطوير عالم الميتافيرس، قالت ميسيري: عندما يستخدم زوكربيرج هذا المصطلح، فإنه يتخيل عالماً نكون فيه جميعاً مجهزين بطريقة ما بأجهزة رقمية، سواء كان ذلك من خلال النظارات أو العدسات اللاصقة أو أي شيء آخر، ما يوفر الوصول إلى مكان يدمج الأماكن الفعلية والرقمية بسلاسة لأغراض اجتماعية، لكن في الوقت الحالي، يؤدي ارتداء نظارة الواقع الافتراضي (VR) إلى إدخال مرتديها في عالم افتراضي، وهناك أيضاً الواقع المعزز (AR) الذي يكون المستخدم في عالمه الحقيقي ولكن مع إضافة بعض المؤثرات".

وأضافت: "بالنسبة إلى زوكيربيرج، فإن ميتافيرس دمج بين الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) بسلاسة، يتضمن أيضاً التعامل والتواصل الاجتماعي مع آخرين يسكنون هذا الميتافيرس، ولكن بعيداً عن زوكربيرج، فإنه ما زال معنى عالم الميتافيرس قيد المناقشة، إذ إنه موجود في الغالب كفكرة تسويق وعلامة تجارية فقط".

الهيمنة على التكنولوجيا

وبسؤالها عما يقلقها بشأن خطط زوكربيرج، قالت ميسيري: "عندما تحدث عن الميتافيرس، فإنه وضع رؤية لكيفية ارتباط البشر ببعضهم، والتواصل الاجتماعي في المستقبل، ولكن بالنظر إلى حجم الأموال التي يرغب في استثمارها بهذه الرؤية، يجب أن نشعر جميعاً بالقلق، إذ إنه لأمر مزعج أن يكون لفرد واحد الكثير من الهيمنة على هذه التكنولوجيا"، وتساءلت: "ماذا يعرف زوكربيرج عن الاتصال البشري؟ فهو مهندس ومبرمج رائع، ومن الواضح أنه رجل أعمال ماهر، لكنه أثبت مراراً وتكراراً أنه لا يملك سوى القليل من الفهم الحقيقي لما يعنيه أن يكون الشخص اجتماعياً أو أن يبني المجتمع".

وتابعت: "لقد أنشئ موقع فيسبوك في البداية، كمكان للرجال يقيمون فيه ما إذا كانت النساء جذابة أو غير جذابة، فهل هذه هي فكرة زوكيربيرج عما يعنيه أن يكون الشخص اجتماعياً؟ أنا متأكدة من أنه أصبح أكثر نضجاً، لكن يجب أن نشعر بالقلق من احتمال سيطرة شركته على الميتافيرس، لأنه حينها سيمثل نموذجه الخاص للمجتمع البشري".

وعما إذا كان يمكن للعالم الاستفادة من تقنية الواقع الافتراضي والواقع المعزز، قالت ميسيري إن بحثها يركز على المشاريع التي تهدف إلى فعل الخير، مشيرة إلى أن "الفكرة الأساسية أنه يمكنك فعلياً تجسيد حياة شخص آخر ومن خلال ذلك ستتعرف إلى شخص مختلف عنك وتصبح شخصاً أفضل، ولذلك فإنني -بصفتي امرأة بيضاء- يمكنني تجربة الواقع الافتراضي، والحصول على نظرة ثاقبة لما يعنيه أن تكون رجلاً أسود، أو كشخص غني، أو كيف يكون الحال عندما تكون فقيراً، وما إلى ذلك".

وأضافت: "لكن من المحتمل أيضاً أن تكون هذه الافتراضات العِرقية والجنسية والاقتصادية في هذه التجارب إشكالية، لذا فقد بدأت التشكك في هذه التجارب رغم حُسن نيتها، فهل يمكننا حقاً أن نصبح أكثر تعاطفاً مع الآخرين بمجرد ارتداء نظارة VR  والاستمتاع بتجربة منعزلة؟".

وقالت: "عبر بحثي، لم أشعر بالراحة تجاه هذه الادعاءات، وأعتقد أن الكثير من تجارب التعاطف هذه، تبعدك عن الذين يجب أن تسعى إلى فهمهم بشكل أفضل، ودائماً ما أؤكد للطلاب أن التكنولوجيا وحدها، حتى وإن كانت مثيرة مثل الواقع الافتراضي، لا يمكنها إصلاح المشكلات المجتمعية".

الاتصال البشري

ورأت ميسيري أنه رغم ذلك، فإن هناك استخدامات مفيدة محتملة للواقع الافتراضي، إذ يمكن أن يكون أداة تعليمية فعالة، لكن فقط عند استخدامه داخل المجتمع وليس بديلًا له، قائلة: "إذا كان بإمكان أستاذ الجامعة استخدام نظارة الواقع الافتراضي، لتوضيح نقطة في المنهج بشكل أفضل، واستخدام هذه التجربة للتفاعل مع الطلاب على مستوى أعمق، ذلك يعد استخداماً رائعاً للتكنولوجيا، ولذا فإن السؤال المهم الآن هو: هل يمكن للواقع الافتراضي والتكنولوجيا، بشكل عام، أن يحلا محل الحاجة إلى الاتصال البشري، أم أنهما يكملان بعضهما، وهو ما أفضِّله؟".