شرط إيراني يعقد محادثات فيينا.. وتحذيرات من سياسة حافة الهاوية

يقول دبلوماسيون غربيون إن التوصل إلى اتفاق ممكن، ما يظهر المزيد من التفاؤل لأول مرة منذ ديسمبر المنصرم، عندما تركت مطالب إيران المفاوضات على شفا الفشل.

شرط إيراني يعقد محادثات فيينا.. وتحذيرات من سياسة حافة الهاوية

السياق

تحاول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إحياء الاتفاق النووي الإيراني، إلا أن إحدى أكبر العقبات التي تواجه المساعي الأمريكية، مطالبة طهران بأن تقدم الولايات المتحدة ضمانًا، بأنها لن تنسحب مرة أخرى من الاتفاقية، وتعيد فرض العقوبات.

وقال دبلوماسيون مشاركون بالمحادثات في النمسا، في تصريحات لصحيفة وول ستريت، إن الطلب الإيراني، جاء كرد فعل على انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي لعام 2015، مشيرين إلى أنه هدف سياسي بالغ الأهمية، لحكومة الرئيس الإيراني الجديد المتشدد.

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن الولايات المتحدة قالت باستمرار إنه لا يمكن لأي رئيس أن يقيد يد من يخلفه قانونًا من دون معاهدة تحتاج إلى حشد دعم ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، بينما قالت الولايات المتحدة إن المحادثات الحالية، يجب أن تظل مركزة على استعادة اتفاق 2015، وليس السعي للحصول على التزامات جديدة من الجانبين.

تأتي المواجهة بشأن الضمانات، وسط تصريحات مسؤولين أمريكيين وأوروبيين من مؤشرات على إحراز تقدم في محادثات فيينا، التي تضم إيران والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين.

 

مزيد من التفاؤل

ويقول دبلوماسيون غربيون إن التوصل إلى اتفاق ممكن، ما يظهر المزيد من التفاؤل لأول مرة منذ ديسمبر المنصرم، عندما تركت مطالب إيران المفاوضات على شفا الفشل.

ويتطلع المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون بشكل خاص إلى منتصف فبراير المقبل، كلحظة مناسبة لتقرير ما إذا كانت الدبلوماسية قد استنفدت، بحسب «وول ستريت جورنال» التي قالت إن هناك تقدمًا في التفاصيل الدقيقة، بما في ذلك كيفية رفع العقوبات، وكيف ستقلص إيران أنشطتها النووية، وكيف يمكن تنفيذ اتفاق على مدى أشهر؟

إلا أنه مع ذلك، يحذر دبلوماسيون غربيون، من أنه لا يزال يتعين اتخاذ مجموعة من القرارات السياسية الأساسية، بشأن العقوبات والخطوات النووية وتسلسل الاتفاقية، بينما يخشى كثيرون ما إذا كانت طهران مستعدة لعقد صفقة بسرعة كافية.

من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان: «هذه المفاوضات تتقدم ببطء شديد، بحيث لا يمكن التوصل إلى نتيجة».

بينما قال سعيد خطيب زاده، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: «الدبلوماسيون يحرزون تقدمًا في فيينا، لكن لا تزال هناك قضايا رئيسة تتطلب قرارات سياسية معينة (..) على واشنطن أن تعلن قراراتها بشأن القضايا المتبقية ورفع العقوبات».

ومن خلال المطالبة بالتزام الولايات المتحدة الصارم باتفاق، تسلط مخاوف إيران الضوء على نقطة ضعف رئيسة في اتفاقية 2015، فلم يتم التوقيع على الصفقة كمعاهدة مع ضمانات قانونية واضحة.

 

تعهد أمريكي

وعندما بدأت المحادثات الربيع الماضي، لاستعادة الاتفاق، وضعت إيران تعهدًا أمريكيًا بعدم ترك الصفقة مرة أخرى على قائمة رغباتها، إلى جانب مطالب أخرى مثل التعويض عن انسحاب واشنطن عام 2018، إلا أن الدبلوماسيين الغربيين شعروا بأن تلك المطالب كانت إلى حد كبير للاستهلاك المحلي، وأنه من المرجح أن تخفض إيران طلباتها.

وعدلت طهران في ظل الحكومة الإيرانية السابقة موقفها، قائلة إنها تريد ضمانًا بأن واشنطن ستبقى في الصفقة طالما كان الرئيس بايدن في منصبه، ليعود الفريق الجديد، بقيادة الرئيس إبراهيم رئيسي، إلى طلب الضمان الدائم الأصلي.

وفي الأسابيع الأخيرة، يقول دبلوماسيون غربيون إنهم بدأوا ينظرون إلى المطالبة بالضمانات، على أنها هدف حاسم لمفاوضي رئيسي، بينما قال دبلوماسيان غربيان إن ضمان عدم شعور خامنئي بالحرج مرة أخرى، بسبب الانسحاب الأمريكي المستقبلي، يبدو أنه هدف سياسي رئيس.

 

غياب الضمانات

وقال علي فائز، مدير مشروع إيران في Crisis Group: «في غياب الضمانات، يخشى الكثيرون في طهران، أن يكون تخفيف العقوبات غير فعال، وغير مستدام، وربما يضر بالاقتصاد الإيراني، لأن شبح إعادة فرض العقوبات يطارد التخطيط طويل الأمد».

إلا أن واشنطن بدأت في الأشهر الأخيرة الرد على مخاوف إيران، ففي الأول من نوفمبر، على هامش اجتماع مجموعة العشرين في روما، أصدر بايدن والقادة البريطانيون والفرنسيون والألمان بيانًا يهدف إلى معالجة مخاوف إيران بشكل مباشر، كما يقول دبلوماسيون.

وقال القادة: «بهذه الروح، نرحب بالتزام الرئيس بايدن الواضح بإعادة الولايات المتحدة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة، والبقاء في حالة امتثال، لأن إيران تفعل الشيء نفسه».

 

مطالب بسيطة

من جانبه، قال كارل كالتنثالر، أستاذ العلوم السياسية ومدير الدراسات الأمنية بجامعة أكرون، إن الجانبين الأمريكي والإيراني أوضحا أنهما قد يغادران المفاوضات، إذا بدا أنهما لن يتوصلا إلى ما سيقبله أي من الجانبين، مشيرًا إلى أن الطرفين لا يثقان ببعضهما.

وردا على سؤال عن تأثير بعض التصريحات المتناقضة في محادثات فيينا، أضاف: «ليس من المستغرب أن نرى أشياء مختلفة تقولها دول مختلفة (..) هذه عملية تفاوض معقدة، حيث يوجد العديد من البلدان المشاركة، التي تأتي في المفاوضات بمصالح ووجهات نظر مختلفة».

 

صفقة مؤقتة

وتابع أستاذ العلوم السياسة: أعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءها هم إلى حد كبير في الصف نفسه، في ما يتعلق بما يريدون تحقيقه من المفاوضات (..) هناك الكثير من الشائعات التي تدور حول المواقف المتغيرة والتسامح من الأطراف المتفاوضة».

وأشار كالتنثالر إلى التعليق الرسمي على صفقة مؤقتة، مؤكدًا أنه من الصعب للغاية معرفة ما إذا كان هناك أي صحة للشائعات، فالموقف العام لفريقي التفاوض الأمريكي والإيراني، لا يخبرنا بالضرورة بوضوح 100% بما قد يقبلانه في صفقة مؤقتة أو أي نوع آخر من الصفقات.

وأكد البروفيسور الأمريكي، أن كلًا من الجانبين يستغل خطر نفاد الوقت، لمحاولة الحصول على تنازلات من الآخر، لا أعتقد أن هناك موعدًا محددًا لانتهاء المفاوضات، كلا الجانبين يريد اتفاقًا، إلا أنه لا توجد طريقة للتنبؤ بتاريخ انتهاء يمثل أي شيء أكثر من مجرد تخمين ».

«منطقيًا، يبدو أن الحوار المباشر سيكون أكثر فاعلية مما يحدث الآن، لكن هناك أيضًا مشكلة تتمثل في أن المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة، ستكون تراجعًا للجانب الإيراني»، بحسب كالتنثالر الذي عبَّـر عن عدم اعتقاده بأن الحكومة الإيرانية الحالية على استعداد لذلك.

وشدد على أن الولايات المتحدة وإيران تحاولان الضغط على بعضهما، لكن علينا أيضًا أن نتذكر أن المحادثات النووية، ليست القضية الوحيدة التي تفرق بينهما.

 

إسرائيل على الخط

وبسؤاله عن الكيفية التي ستؤثر بها تصرفات إسرائيل في نتيجة محادثات فيينا، قال: «لا أعتقد أن إسرائيل يمكن أن تعرقل المحادثات بما تقوله، لقد كانت إسرائيل واضحة مع حكومة الولايات المتحدة، بأنها تعارض المحادثات وأي فكرة صفقة مع إيران، يمكن أن تمنحها المزيد من الوصول إلى الأموال، وهذا لم يمنع إدارة بايدن من محاولة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة».

لكن إذا فشلت المحادثات، قد تصبح المنطقة أكثر انعدامًا للأمن، بحسب البروفيسور الأمريكي، الذي قال إن المحادثات النووية ليست حلاً سحريًا لانعدام الأمن في المنطقة، مشيرًا إلى أنه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فإن المنطقة ستبقى غير آمنة.

وأكد أن إدارة بايدن اتخذت موقفًا مختلفًا تجاه إيران مقارنةً بإدارة ترامب، مشيرًا إلى أنها لا تميل إلى ضغوط شديدة لإدخال إيران في صفقة كما كان ترامب يأمل أن يفعل.

وبينما أشار إلى أنه في بعض الأحيان تعتقد الحكومات أن الأمر يستحق المخاطرة، حذر من أن سياسة حافة الهاوية من قبل أي طرف في المفاوضات، يمكن أن تنتهي بشكل سيئ.