واشنطن بوست: العالم يقترب من حرب نووية

بعد نحو 3 عقود، فإن احتمال نشوب صراع نووي بين الولايات المتحدة وروسيا، وبشكل متزايد بين الولايات المتحدة والصين، أصبح مرتفعًا بشكل خطير

واشنطن بوست: العالم يقترب من حرب نووية
الولايات المتحدة وروسيا تتدربان يوميًا على خوض حرب نووية

ترجمات - السياق

"لا يمكن الانتصار بحرب نووية وينبغي عدم خوضها"، هكذا انتهت الحرب الباردة، بتوقيع بيان مشترك، أصدره الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان وزعيم الاتحاد السوفييتي السابق ميخائيل غورباتشوف عام 1985، فهل مازال العالم متمسكًا بهذا الاتفاق، أم أن الأحداث العالمية الأخيرة، تكشف أن خطر نشوب صراع نووي يقترب؟

قال جون وولفستهال، مستشار الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، عندما كان نائبًا للرئيس باراك أوباما، تعليقًا على تلك العبارة التي استهل بها مقاله بصحيفة واشنطن بوست: ريغان وغورباتشوف أتبعا القول بالفعل، إذ قلَّصا ترسانات الأسلحة في بلديهما، وحظرا أشدها خطورة.

وأضاف وولفستهال: بعد نحو 3 عقود، فإن احتمال نشوب صراع نووي بين الولايات المتحدة وروسيا، وبشكل متزايد بين الولايات المتحدة والصين، أصبح مرتفعًا بشكل خطير، مشددًا على أنه "ما لم تُتخذ خطوات ملموسة لنزع فتيل التوتر، والحد من الاعتماد على الأسلحة النووية، فإن الأمر قد ينتهي بالولايات المتحدة إلى التورط في حرب نووية يجب ألا تخوضها".

أوكرانيا وتايوان

وحذر المسؤول الأمريكي السابق، من أنه قد تخرج التجاذبات حول أوكرانيا أو تايوان عن السيطرة، مشيرًا إلى أن روسيا أطلقت الأسبوع الماضي تهديدات "مبطنة" بنشر مزيد من الأسلحة النووية الميدانية، داخل أوكرانيا وحولها.

لكن الأسوأ من ذلك، أن الولايات المتحدة وروسيا والصين تستحث الخطى، لتحديث أو تعزيز قدراتها النووية والصاروخية، مثلما تفعل بريطانيا والهند وباكستان وكوريا الشمالية، وفق وولفستهال، الذي يعمل حاليًا كبير المستشارين في مجموعة "غلوبال زيرو" وهي مبادرة تهدف إلى التخلص من الأسلحة النووية.

وأمام هذه المخاوف، أشار إلى أنه كان من الطبيعي أن يرحب المجتمع الدولي بالبيان الصادر في 3 يناير الجاري من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا"، وتبنت فيه لأول مرة البيان "التاريخي" لريغان وغورباتشوف عام 1985.

ورغم رفضهما المعلن لحرب نووية، فإن الولايات المتحدة وروسيا تتدربان يوميًا على خوض حرب من هذا القبيل، كما أن الدولتين تستثمران بكثافة في الأسلحة النووية، بحسب وولفستهال.

عالية القيمة

وكشف وولفستهال، أن الولايات المتحدة تضع أهدافًا عسكرية روسية وصينية عالية القيمة نصب عينيها، إذ يعتقد قادة أمريكيون أن تدميرها ستكون له نتائج "إيجابية"، مشيرًا إلى أن روسيا في المقابل تفعل الشيء نفسه، مع أهداف أمريكية وأخرى في أوروبا.

وقال وولفستهال: الهدف من ذلك السيطرة على "ساحة المعركة"، وتحقيق نتيجة يمكن للقادة السياسيين والعسكريين، اعتبارها "انتصارًا"، متسائلًا: "إذا لم تكن هذه حربًا نووية فما هي؟".

وأضاف: "عندما يتعلق الأمر بالأسلحة النووية، يجب أن تكون الولايات المتحدة دقيقة بشأن نيتها"، مشيرًا إلى أنه من الممكن أن تكون التصريحات أداة قوية، في الحد من المخاطر النووية.

وأردف: "من الحكمة التقليدية أن أمريكا أوقفت الغزو السوفيتي لأوروبا الغربية، بإعلانها أنها مستعدة لاستخدام الأسلحة النووية رداً على مثل هذا الهجوم"، مشيرًا إلى أن الشيء نفسه يمكن أن يعمل في الاتجاه المعاكس، إذ يمكن أن يؤدي تبني دور أكثر محدودية للأسلحة النووية، إلى تقليل القلق من أن دولة ما قد تتجاوز العتبة النووية، في وقت مبكر من الصراع.

وأكد وولفستهال، أن وضوح هذا الموقف، المدعوم بالتغييرات في العمليات والقوات لجعلها ذات مصداقية، يمكن أن يقلل من مخاطر الاستباق النووي.

سياسة بايدن

وعن سياسة بايدن بشأن الأسلحة النووية، قال مستشار الرئيس الأمريكي السابق: إن إدارة بايدن بصدد نشر تقرير مراجعة الوضع النووي، الذي يحدد سياساتها في هذا الشأن، ومع ذلك، فإن الزعم بأن واشنطن تعارض خوض حرب نووية، بينما تسعى لإنفاق أكثر من 1.3 تريليون دولار خلال العقود الثلاثة المقبلة في تحديث ترسانتها النووية، أمر يضر بمصداقية الولايات المتحدة.

وشدد على أن تحديث موسكو لبرنامجها النووي، والإشارات على أن الصين تسعى بشكل متزايد إلى شكل من أشكال التكافؤ النووي مع روسيا والولايات المتحدة، يقوِّض أكثر من قيمة بيان 3 يناير، الذي وقعته الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن بشأن "تحجيم التنافس النووي"، مشيرًا إلى أنه رغم أن هذا البيان كان خطوة في الاتجاه الصحيح ، فإن الكلمات تظل فارغة بل وخطيرة، إذا لم تتبعها أفعال ملموسة.

وقال: التحديد الدقيق للوقت الذي ستستخدم فيه الدول الأسلحة النووية، إحدى طرق تخفيف الضغط، إن لم يكن القضاء عليه، إلا أنه شدد على ضرورة بذل المزيد من الجهد، للحد من مخاطر الاشتباكات التي يمكن أن تتصاعد إلى صراع نووي.

على سبيل المثال -حسب وولفستهال- ينبغي للدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، والدول الأخرى الحائزة للأسلحة النووية، أن تعتمد وتنفذ أدوات مجربة لإدارة المخاطر، للتعامل مع التحديات الجديدة في الفضاء الكوني، والفضاء السيبراني، والدفاعات الجوية والصاروخية والأسلحة التقليدية، التي أصبحت أكثر دقة.

وأوضح أنه من الممكن أن يشمل ذلك رفع حالة التأهب للأسلحة، وتقليص برامج التحديث، والسعي إلى تخفيضات ملزمة للقوات النووية، واعتماد معايير يمكن ملاحظتها بشأن الأسلحة الأخرى، التي تهدد بتقويض الاستقرار.

وختم وولفستهال، تحليله قائلًا: "خطر اندلاع حرب نووية يظل أمرًا حقيقيًا جدًا، ومن ثم فإن رفض خوضها بكل أشكالها، يجب أن يكون أدنى خيار يمكن لبايدن أن يتبناه، ذلك أن إخفاقه في ذلك، لن يؤدي إلا إلى تفاقم سباق التسلح الحالي، بين الولايات المتحدة وروسيا والصين".