وضع صحي كارثي في تونس.. وتحذيرات من توظيف سياسي للأزمة
السياسة تسمِّم أزمة كورونا في تونس.. وضع صحي كارثي وتحذيرات رئاسية

السياق
محاولات لتوظيف أزمة كورونا لغايات سياسية، تصريحات من الرئيس التونسي قيس سعيد، سلَّطت الضوء على تحول أزمة كورونا في البلد الأفريقي، إلى أزمة سياسية، تحاول فيها الأطراف المتنافسة «تفجير» تونس من الداخل.
وقال الرئيس التونسي، خلال ترؤسه، اجتماعًا عاجلًا عن الوضع الصحي، إن بلاده في حالة حرب ضد هذه الجائحة، مشيرًا إلى أنه لا مجال لمراكز قوى، تتنافس في السيطرة على تونس، أو تفجيرها من الداخل.
فلا مجال لدول داخل الدولة، بل إن تونس دولة واحدة، أضاف الرئيس سعيد، مطالبًا بـ«قراءة نقدية» لسبب تردي الوضع في بلاده، التي سجَّلت اليوم السبت أعلى حصيلة وفيات، منذ تفشي الوباء في مارس 2020.
الصحة ليست بضاعة
وقال الرئيس التونسي، في تصريحات نشرتها الرئاسة التونسية، عبر صفحتها في «فيسبوك»، إن صحة المواطن ليست بضاعة، تتقاذفها قوى أو مجموعات ضغط، وليست من قبيل الأسهم في الشركات التجارية، تحكمها قوانين العرض والطلب، مشيرًا إلى أن بلاده عانت كثيرًا بسبب هذه الجائحة، والجوائح السياسية التي لا تقتضي لقاحًا، بل مضادات حيوية تضع حدًا لهذه الأوضاع المتردية.
أخطاء كارثية
وأمر الرئيس سعيد، بمراجعة الاختيارات التي أثبتت التجربة أنها خاطئة أو منقوصة، بعد فشل التصدي لجائحة كورونا، مؤكدًا أنه «سيسهر بنفسه على كل التفاصيل، حتى يتحمَّل كل طرف مسؤولياته».
كثرت الأخطاء في الفترة الأخيرة وكثر التردد، نتيجة لدخول بعض اللوبيات، وأعي جيدًا ما أقول، لإفساد جملة من الإجراءات، يقول سعيد، محذِّرًا من أن الوضع الصحي في تونس كارثي.
حلول عاجلة
الرئيس التونسي، قال إن أكثر من مليون جرعة، ستصل قريبًا إلى تونس، وسيتم تلقيح 5 ملايين تونسي في الأسابيع المقبلة، مؤكدًا أن الرئاسة ستبذل جهودًا غير مسبوقة، في الإحاطة بالمرضى.
تصريحات سعيد، جاءت بعد ساعات من تصريحات أخرى مماثلة له، أكد فيها أن الوضع الحالي في البلاد «نتيجة لاستثمار البعض في مآسي التونسيين، لتحقيق غايات سياسية»، محذِّرًا مَنْ «أجرم» في حق الشعب التونسي، بأنه سيتحمَّل مسؤوليته كاملة أمام القانون.
وضع مقلق
وفي ترجمة، لاجتماع الرئيس التونسي بمسؤولين رفيعي المستوى، زار رئيس الحكومة هشام المشيشي ولاية زغوان، التي تواجه وضعًا صحيًا مقلقًا.
وقال المشيشي، في تصريحات صحفية، إن المعركة التي تواجهها تونس، وحيدة وهي تجمع كل التونسيين، في محاولة لهزيمة هذا الوباء، مطالبًا الجميع بلتقي لقاح كورونا.
إنقاذ الشعب
كما طالب المسؤول التونسي، بترك المعارك السياسية جانبًا، وتكاتف الجميع في الميدان لـ«إنقاذ شعبنا»، كاشفًا عن بعض الصعوبات التي تواجهها المؤسسات العلاجية في تونس، من نقص التجهيزات، واهتراء البنية التحتية، وغيرهما من المشكلات الأخرى.
التجاذبات السياسية
وكان رئيس لجنة الصحة بالبرلمان التونسي، العياشي زمال، قال في تصريحات صحفية، إن التجاذبات السياسية، ساهمت في تفشي كورونا، مشيرًا إلى أن مواجهة الجائحة تأثَّرت سلبا بالأزمة السياسية، ما أدى إلى ما وصفه بـ«الإخفاق الكبير في التعامل مع الأزمة».
ورغم أنه قال إن فتح الحدود، من دون اتخاذ إجراءات احترازية، كان خطًأ جسيمًا، فإنه توقَّع انفراجة في أزمة كورونا خلال شهرين، لأن الضغط يقل الآن على المستشفيات، على حد قوله.
أرقام رسمية
وتواجه تونس وضعًا صحيًا حرجًا، وأعنف موجات وباء كورونا التي ضربت البلاد منذ مارس 2020، وسجَّل فيها البلد الأفريقي أرقامًا قياسية في الإصابات والوفيات، آخرها اليوم بتسجيلها 317 وفاة، وهي أعلى حصيلة، يتم الابلاغ عنها في يوم واحد، ناهيك عن تسجيل 5624 إصابة جديدة بالفيروس، ليناهز بذلك إجمالي الإصابات 564 ألفًا.
وقال الطبيب رفيق بوجدارية، رئيس قسم الطوارئ بمستشفى أريانة، في تصريحات صحفية، إن الوضع لا يزال صعبًا لكنه في استقرار، مشيرًا إلى نسبة إشغال قصوى لأسِرَّة المستشفى، الذي يعمل بكل طاقته لإسعاف مرضى كورونا.
وتوقَّع بوجدارية، بداية تراجع الأعداد خلال أسبوعين أو ثلاثة.
مساعدات دولية
وتسلَّمت تونس، 150 ألف جرعة من لقاحات كورونا، ومعدات ومستلزمات طبية، من مملكة بلجيكا، في إطار مساهمتها بدعم جهود تونس، لمجابهة تفشي الجائحة.
وكانت فرنسا سلَّمت تونس، نِصف مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، لمساعدتها في تسريع حملة التطعيم المتعثِّـرة منذ منتصف مارس الماضي.
تضاف هذه الشحنة، إلى شحنة تضمَّنت 300 ألف جرعة، وشحنة بـ324 ألف جرعة منحتها باريس لتونس ،عبر مبادرة «كوفاكس» لمنظمة الصحة العالمية، ليصبح إجمالي اللقاحات الممنوحة من فرنسا، أكثر من مليون و100 ألف جرعة.
وتلقَّت تونس مئات الآلاف من الجرعات، عبر المساعدات الدولية، مع وعود أيضًا بإمدادات أخرى، لا سيما مليون جرعة من السعودية.
وستمكِّن هذه الإمدادات، مع الشراءات المباشرة للدولة، من توسيع حملة التطعيم ضد كورونا، لدى أغلبية الفئات العمرية والقطاعات العمالية، بما يمنع تفشي العدوى.