إعلان الجزائر... تأكيد لضرورة حماية الأمن القومي العربي والحياد في حرب أوكرانيا
إعلان الجزائر طالب بضرورة توحيد الجهود للحفاظ على المصالح العربية المشتركة، والتموقع كفاعل مؤثر في رسم معالم نظام دولي جديد، يقوم على العدل والمساواة السيادية بين الدول.

السياق
في ختام قمة «لم الشمل» التي اجتمع خلالها القادة العرب خلال يومين، لمناقشة عدد من القضايا «المهمة» على الساحتين الإقليمية والدولية، صدر «إعلان الجزائر».
ذلك الإعلان الذي طالب بضرورة توحيد الجهود للحفاظ على المصالح العربية المشتركة، والتموقع كفاعل مؤثر في رسم معالم نظام دولي جديد، يقوم على العدل والمساواة السيادية بين الدول، اتخذ من القضية الفلسطينية قضية مركزية، معلنًا عدم انحياز الدول العربية لأي من طرفي النزاع في الحرب الأوكرانية.
القضية الفلسطينية
أكد البيان مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.
وشدد على تمسك القادة العرب بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها، والتزامهم بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي العربية، بما فيها الجولان السوري ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية، وحل الصراع العربي الإسرائيلي على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام والقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
البيان أكد ضرورة تبني ودعم توجه دولة فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ودعوة الدول التي لم تعترف بدولة فلسطين إلى ذلك، مشيدًا بالجهود العربية المبذولة في سبيل توحيد الصف الفلسطيني والترحيب بتوقيع الفلسطينيين على إعلان الجزائر المنبثق عن مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية.
الأوضاع في الوطن العربي
البيان تطرق إلى أوضاع الوطن العربي، مؤكدًا ضرورة تعزيز العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وبكل أبعاده السياسية والاقتصادية والغذائية والمائية والبيئية، والمساهمة في حل وإنهاء الأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية، بما يحفظ وحدة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها وسيادتها على مواردها الطبيعية.
ورفض البيان التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية، مؤكدًا التمسك بمبدأ الحلول العربية للمشكلات العربية عبر تقوية دور جامعة الدول العربية في الوقاية من الأزمات وحلها بالطرق السلمية، والعمل على تعزيز العلاقات العربية.
وأعرب عن التضامن مع الشعب الليبي ودعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية من خلال حل ليبي، يحفظ وحدة وسيادة ليبيا ويصون أمنها وأمن جوارها.
وأكد دعم الحكومة الشرعية اليمنية ومباركة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، ودعم جهود التوصل لحل سياسي للأزمة اليمنية وفق المرجعيات المعتمدة، مع التشديد على ضرورة تجديد الهدنة الإنسانية كخطوة نحو تحقيق تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه وأمن دول الخليج العربي، ورفض جميع أشكال التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية.
وعن الأزمة السورية، أكد البيان ضرورة وجود دور جماعي للدول العربية، للمساهمة في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ومعالجة كل تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية والاقتصادية، بما يضمن وحدة سورية وسيادتها ويحقق طموحات شعبها ويعيد لها أمنها واستقرارها ومكانتها إقليميًا ودوليًا.
ورحب البيان بتنشيط الحياة الدستورية في العراق بما في ذلك تشكيل الحكومة والإشادة بجهودها لتحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية وتجسيد آمال وتطلعات الشعب العراقي.
وجدد البيان التضامن مع لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره ودعم الخطوات التي اتخذتها لبسط سيادتها على أقاليمها البرية والبحرية، والإعراب عن التطلع لأن تقوم لبنان بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وأن يقوم مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد للبلاد.
وجدد البيان الدعم للصومال من أجل توطيد دعائم الأمن والاستقرار عبر مساهمة الدول العربية في تعزيز القدرات الوطنية الصومالية في مجال مكافحة الإرهاب وتمكينه من الاستجابة للتحديات التي يواجهها.
البيان أكد ضرورة دعم الجهود المتواصلة لتحقيق حل سياسي بين جيبوتي وإريتريا في ما يتعلق بالخلاف الحدودي وموضوع الأسرى الجيبوتيين، إضافة إلى تأكيد ضرورة المساهمة في دعم الدول العربية التي مرت أو تمر بظروف سياسية وأمنية واقتصادية صعبة.
وأكد البيان ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط وفقًا للمرجعيات المتفق عليها، ودعوة الأطراف المعنية إلى الانضمام وتنفيذ معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
عصرنة العمل العربي المشترك
أكد البيان ضرورة الالتزام بالمضي قدمًا في مسار تعزيز وعصرنة العمل العربي المشترك والرقي به إلى مستوى تطلعات وطموحات الشعوب العربية.
وثمن المقترحات البناءة التي تقدمت بها الجزائر لتفعيل دور جامعة الدول العربية في الوقاية من النزاعات وحلها، وتكريس البعد الشعبي وتعزيز مكانة الشباب.
أكد البيان ضرورة إطلاق حركية تفاعلية بين المؤسسات العربية الرسمية وفعاليات المجتمع المدني بجميع أطيافه، من خلال فضاءات لتبادل الأفكار والنقاش المثمر.
وشدد على ضرورة الالتزام بمضاعفة الجهود لتجسيد مشروع التكامل الاقتصادي العربي وفق رؤية شاملة تكفل الاستغلال الأمثل لمقومات الاقتصادات العربية وللفرص الثمينة التي تتيحها.
وأكد أهمية تضافر الجهود من أجل تعزيز القدرات العربية الجماعية في مجال الاستجابة للتحديات المطروحة على الأمن الغذائي والصحي ومواجهة التغيرات المناخية.
العلاقات مع دول الجوار والشراكات
أكد البيان ضرورة بناء علاقات سليمة ومتوازنة بين المجموعة العربية والمجتمع الدولي، بما فيه محيطها الإسلامي والإفريقي والأورو-متوسطي، على أسس احترام قواعد حسن الجوار والثقة والتعاون المثمر والالتزام المتبادل.
وشدد على ضرورة تأكيد أهمية منتديات التعاون والشراكة التي تجمع جامعة الدول العربية بمختلف الشركاء الدوليين والإقليميين كفضاءات مهمة للتشاور السياسي.
الأوضاع الدولية
وشدد البيان على أن التوترات المتصاعدة على الساحة الدولية تسلط الضوء أكثر من أي وقت مضى على الاختلالات الهيكلية في آليات الحوكمة العالمية وعلى الحاجة الملحة لمعالجتها ضمن مقاربة تكفل التكافؤ والمساواة.
وأكد ضرورة مشاركة الدول العربية في صياغة معالم المنظومة الدولية الجديدة لعالم ما بعد وباء كورونا والحرب في أوكرانيا.
البيان أشار إلى ضرورة الالتزام بمبادئ عدم الانحياز وبالموقف العربي المشترك من الحرب في أوكرانيا الذي يقوم على نبذ استعمال القوة والسعي لتفعيل خيار السلام عبر الانخراط الفعلي لمجموعة الاتصال الوزارية العربية في جهود بلورة حل سياسي للأزمة.
وثمن سياسة تحالف "أوبك بلس" لضمان استقرار الأسواق العالمية للطاقة واستدامة الاستثمارات في هذا القطاع الحساس ضمن مقاربة اقتصادية تضمن حماية مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء.
وأكد ضرورة توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله وتجفيف منابع تمويله والعمل على تعبئة المجتمع الدولي ضمن مقاربة متكاملة الأبعاد تقوم على الالتزام بقواعد القانون الدولي وقرارات الأمم.
وطالب الشركاء بعدم السماح باستخدام أراضيهم كملاذ أو منصة للتحريض أو لدعم أعمال إرهابية ضد دول أخرى.
ورحب البيان بالتحركات والمبادرات التي قامت وتقوم دول عربية للحد من انتشار الإسلاموفوبيا وتخفيف حدة التوترات وترقية قيم التسامح واحترام الآخر.
وثمن الدور "المهم" الذي تقوم به الدول العربية في معالجة التحديات الكبرى التي تواجه البشرية على غرار التغيرات المناخية والإشادة بمبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أطلقتها السعودية.
التظاهرات الدولية الكبرى
وأكد البيان أهمية اضطلاع الدول العربية بدور بارز في تنظيم التظاهرات الدولية الكبرى التي تشكل محطات رئيسة ومهيكلة للعلاقات الدولية.
وأعلن دعم استعداد مصر لاحتضان الدورة (27) لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لتغير المناخ، وعبر عن دعمه لمساندته لدولة قطر التي تتأهب لاحتضان نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم.
وأكد البيان دعمه لاستضافة المغرب للمنتدى العالمي التاسع لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، يومي 22- 23 نوفمبر 2022 بمدينة فاس، ودعمه -كذلك- لدولة الإمارات العربية المتحدة في التحضير لاحتضان الدورة (28) لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لتغير المناخ، ودعمه ترشيح الرياض لاستضافة معرض إكسبو 2030.
وقبل إعلان البيان الختامي، تحدث عدد من القادة العرب عن عدد من القضايا العربية، مؤكدين ضرورة الوحدة العربية، لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
أحد هؤلاء المتحدثين، كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الذي قال إن بلاده تضع نصب عينها تماسك الكيان العربي، وصونه وحمايته، وستظل دائماً حاضرة دعماً لكل الدول العربية.
وأكد أن «ما قد يؤلم أشقاءنا بالمغرب العربي سيمتد إلى مصر والمشرق العربي ودول الخليج»، مشيرًا إلى أن عدم الاستقرار في دول المشرق أو فلسطين إنما تمتد آثاره إلى المغرب العربي، وأن تهديد أمن الخليج تهديد لنا جميعاً.
وأضاف أن «أمننا القومي العربي كل لا يتجزأ، فالأخطار التي تداهم الدول العربية واحدة، وترتبط في مجملها بتهديد مفهوم الدولة الوطنية، وتدخل قوى إقليمية أجنبية في شؤون المنطقة من خلال تغذية النزاعات، وصولاً إلى الاعتداء العسكري المباشر على بعض الدول العربية".
وشدد على أن ضمان قوة وحدة الصف العربي خطوة أساسية على صعيد تأسيس علاقات جوار إقليمي مستقيمة تستند إلى مبادئ غير قابلة للمساومة وملزمة للجميع.
وأكد أن الدول العربية في حاجة لمزيد من العمل العربي الجماعي حتى في التعامل مع الأزمات الجديدة التي جاءت لاحقة علي القضية الفلسطينية، في ليبيا وسوريا واليمن والعراق والسودان، وإلا سيظل أمن وسلم الشعوب في تلك الدول مهددين بتجدد ويلات تلك الأزمات.
من جانبه، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن بلاده تعاني اقتصاديًا وحياتيًا واجتماعيًا وبيئيًا، وتحارب الأوبئة بأقل الإمكانات، مشيرًا إلى أن الأزمة الاقتصادية الأسوأ، نالت من المؤسسات ووضعت أغلبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وتسببت بهجرة الكثير من الطاقات الشابة.
وأشار إلى أن لبنان نجح مؤخرًا، في التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود الجنوبية لمنطقته الاقتصادية الخالصة، معبرًا عن آماله بأن يكون ذلك بداية مسار يقود إلى ازدهار لبنان ورخاء اللبنانيين والتوافق على انتخاب رئيس جديد يلم شمل اللبنانيين.
تصنيف الحوثي... إرهابية
بدوره، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد محمد العليمي، إلى تصنيف عربي لميليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية، دعماً لقرار مجلس الدفاع الوطني وبناء على الحقائق وقرار مجلس الجامعة رقم 8725، على مستوى المندوبين الصادر بتاريخ 23 يناير من العام الجاري، والمصدق عليه في وقت لاحق من المجلس الوزاري.
وطمأن العليمي في كلمته التي ألقاها، الأربعاء، أمام مؤتمر القمة العربية، المجتمعين الإقليمي والدولي من المخاوف المرتبطة بتداعيات التصنيف الإرهابي للميليشيات الحوثية، مشيرًا إلى أن التحول في استراتيجية تعامل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة الشرعية مع هذه الجماعة الإرهابية يراعي كل الشواغل وفق آليات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار الحقائق والواقع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني.
وأكد أنه آن الآوان للقيام بعمل عربي جماعي في اليمن قائم على حقائق التهديد للأمن القومي، ومحاولات سلخ اليمن عن نسيجه الخليجي والعربي، وتحويله إلى نقطة انطلاق إيرانية لتهديد الأمن القومي العربي، وإمدادات الطاقة العالمية.
عزل إيران
وشدد على أن حرمان هؤلاء الإرهابيين من ملاذات آمنة ومنابر تعبوية، وتجفيف مصادر تمويلاتهم، وتفكيك أيديولوجياتهم سيكون بداية الطريق لهزيمتهم واستعادة مسار السلام الحقيقي والمستدام، على أن ذلك لن يكتمل من دون مواجهة وعزل النظام الإيراني الذي يمنح الإرهابيين الملاذ، والسلاح، والمال، والاعلام.
وأكد ضرورة دعم الجهود لمنع التدخلات الإيرانية المدمرة في شؤون اليمن، بما في ذلك التصدي لشحنات الأسلحة، ونقل الخبرات العسكرية، والأفكار الهدامة التي توثقها أدلتنا الدامغة، والتقارير الدولية المتعاقبة.