أزمة تونس.. مرسوم رئاسي بتشكيل مجلس مؤقت للقضاء وحظر إضراب القضاة
عميد المحامين التونسيين إبراهيم بودربالة، قال في مقابلة مع السياق، إن الرئيس قيس سعيد اتخذ قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، باعتباره المسؤول الأول في البلاد، وهو المسؤول الأول عن سلامة تطبيق الأحكام، وعن سلامة تطبيق القانون.

السياق
بعد أسبوع من حل الرئيس التونيس قيس سعيد، المجلس الأعلى، أعلن مرسوم رئاسي تونسي صدر اليوم الأحد، تشكيل مجلس أعلى مؤقت للقضاء، سيتولى اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء.
وبحسب المرسوم الرئاسي التونسي، فإن مجلس القضاء الأعلى المؤقت الذي شكله الرئيس سعيد، سيتولى اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته، بينما يحق للرئيس طلب إعفاء كل قاض يخل بواجباته المهنية.
المرسوم الجديد يحظر على القضاة «الإضراب وكل عمل جماعي منظم من شأنه إدخال اضطراب أو تعطيل في سير العمل العادي بالمحاكم»، بينما يحق للرئيس الاعتراض على ترقية القضاة أو تسميتهم.
ونص الفصل التاسع من المرسوم الرئاسي المتعلق بإحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء، الصادر في الصحيفة الرسمية بتونس، على «تحجير الإضراب على القضاة من مختلف الأصناف، وحظر كل عمل جماعي منظم من شأنه إدخال اضطراب أو تعطيل في سير العمل العادي بالمحاكم».
تفاصيل القرار
ومنح المرسوم الرئاسي المتعلق بإحداث مجلس أعلى مؤقت للقضاء، رئيس الجمهورية الحق في طلب إعفاء كل قاض يخل بواجباته المهنية بناءً على تقرير معلل من رئيس الحكومة أو وزير العدل، بينما قال الفصل 20 من هذا المرسوم إن المجلس المعني المؤقت للقضاء يصدر فورًا قرارًا بالإيقاف عن العمل ضد القاضي المعني، ويبت في طلب الإعفاء في أجل أقصاه شهر واحد من تاريخ التعهد بعد توفير الضمانات القانونية للمعني بالأمر، وفي حال عدم البت، في الأجل المحدد لرئيس الحكومة أو وزير العدل التعهد بالملف لإجراء الأبحاث اللازمة خلال خمسة عشر يومًا قبل إحالته على رئيس الجمهورية، الذي له عندئذ سلطة اتخاذ قرار الإعفاء.
وبحسب الصحيفة الرسمية، فإن الأمر الرئاسي نص على إحداث مجلس يتمتع بالاستقلالية الوظيفية والإدارية والمالية، يُشرف على شؤون القضاء العدلي والإداري والمالي، يحل محل المجلس الأعلى للقضاء، ويسمى المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، على أن يكون مقره العاصمة التونسية.
المجلس المؤقت للقضاء العدلي، يتألف من «الرئيس الأول لمحكمة التعقيب: رئيس، وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب: نائب رئيس، وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية: مقرر، رئيس المحكمة العقارية: عضو.
تأليف المجلس
كما يتكون المجلس من ثلاثة قضاة متقاعدين من القضاء العدلي، مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية، لا يمارسون أي وظيفة أو مهنة أخرى، يعينون بأمر رئاسي: أعضاء.
بينما يتألف المجلس المؤقت للقضاء الإداري من «الرئيس الأول للمحكمة الإدارية: رئيس، رئيس الدائرة التعقيبية الأقدم في خطته على ألا يكون وكيلًا للرئيس الأول: نائب رئيس - مندوب الدولة العام الأقدم في خطته: مقرر، ورئيس الدائرة الاستئنافية الأقدم في خطته: عضو، وثلاثة قضاة متقاعدين من القضاء الإداري مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والاستقلالية لا يمارسون أي وظيفة أو مهنة أخرى، يعينون بأمر رئاسي: أعضاء.
القضاة يحتجون
إلا أن قرارات الرئيس، لم ترق للقضاة، فأعلنت جمعية القضاة التونسين، مساء السبت، تكوين خلية أزمة للتشاور في إدارة المرحلة المقبلة، مشيرين إلى أن إعلان حلّ المجلس الأعلى للقضاء -بصفته مؤسسة دستورية مستقلة تسهر على حسن سير القضاء وتضمن مبدأ الفصل بين السلطات- يشكل تدخلًا مباشًرا في السلطة القضائية، وإلغاءً لضمانات وآليات استقلال القضاء، وفقًا للدستور والمعايير الدولية.
وأكدت جميعة القضاة، أن السلطة التأسيسية الأصلية هي التي أحدثت المجلس الأعلى للقضاء كمؤسسة دستورية، بما لا يمكن معه لكل السلطات الحالية المساس بوجوده، مجددين رفضهم المساس بمقتضى المراسيم بالبناء الدستوري للسلطة القضائية خارج إطار مبادئ الشرعية والتأسيس لوضع يتعارض مع الدستور ومع مصلحة العدالة وحقوق المواطنين والضمانات الهيكلية والوظيفية المكفولة للقضاة.
وأكدوا أن المجلس الأعلى للقضاء -بتركيبته الحالية- المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية، ويرفضون تنصيب أي هيكل بديل له، مجددين رفضهم ما وصفوها بـ«الضغوط والتهديدات» ضد القضاة وحملات التشهير والاتهام بالفساد من دون أي دليل.
ودعوا رئيس الجمهورية إلى التراجع عن قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، والإذن لوزير الداخلية برفع ما وصفوه بـ«الحصار» عن مقر المجلس، محملين إياه المسؤولية كاملة عن حفظ الموجودات به، لا سيما الملفات الخاصة بالقضاة وكل التسجيلات والمحامل الإلكترونية.
لكن عميد المحامين التونسيين إبراهيم بودربالة، قال إن الرئيس قيس سعيد اتخذ قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، باعتباره المسؤول الأول في البلاد، وهو المسؤول الأول عن سلامة تطبيق الأحكام، وعن سلامة تطبيق القانون.
وأضاف، في مقابلة مع "السياق"، أن هيئة المحامين سوف تدرس المرسوم الرئاسي "و إذا لاحظنا أنه وقع تدخل أو محاولة الهيمنة على السلطة القضائية، سنبين موقفنا في اللحظة المناسبة، ولا نخشى في ذلك لومة لائم".
تعكير الأجواء
من جهة أخرى، وفي محاولة من حركة النهضة التونسية لتعكير الأجواء، حثت أنصارها على المشاركة في وقفة احتجاجية الأحد، ضد قرارات الرئيس سعيد، في العاصمة التونسية.
ودعت حركة النهضة -في بيان- مَنْ وصفتهم بـ«المناضلين» وكل القوى الوطنية، إلى المشاركة بقوة في الوقفة الاحتجاجية بشارع محمد الخامس (أمام مدينة الثقافة).
إلا أن التونسيين كانوا لحركة النهضة بالمرصاد، فنفذت هيئة الدفاع عن السياسيين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي مساء السبت وقفة احتجاجية، على مقربة من مقر سكن رئيس البرلمان المجمد وحركة النهضة راشد الغنوشي، للمطالبة بكشف حقيقة الاغتيالات.
واتهمت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، حركة النهضة بالمسؤولية السياسية عن اغتيال بلعيد وبامتلاكها روابط وثيقة بجماعات متشددة متورطة في أعمال إرهابية، ومع مدبري الاغتيال لشكري بلعيد وبتسيير جهاز أمني سري واختراق أجهزة الدولة.
اتهامات لحركة النهضة
يأتي ذلك، بينما أحاطت قوات الأمن بمقر سكن الغنوشي في منطقة حي الغزالة بولاية أريانة قرب العاصمة، ومنعت المحتجين الذين تجمعوا بساحة الشهيد محمد البراهمي، من الاقتراب منه.
من جانبه، قال رضا الرداوي، عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، إن الهيئة تملك وثائق تدين الغنوشي بالتواطؤ في عمليات الاغتيال، مشيرًا إلى أن الهيئة وعائلتي بلعيد والبراهمي -الذين حضر بعضهم في الوقفة الاحتجاجية- يتهمون الغنوشي وحركة النهضة بممارسة ضغوط على القضاء، لتعطيل سير التحقيقات في الاغتيالات.
أرملة البراهمي مباركة عواينية، طالبت بدورها عائلات ضحايا الإرهاب من الأمن والجيش وعائلات الشباب، الذين أرسلوا إلى مناطق النزاع في الخارج، بالوقوف إلى جانب هيئة الدفاع.