كوريا الشمالية تطلق 23 صاروخًا... وسيول تعُد ذلك غزوًا لأراضيها

أطلقت كوريا الشمالية 23 صاروخًا على الأقل الأربعاء، سقط أحدها قرب المياه الإقليمية الكورية الجنوبية، ما استدعى ردًا من سيول.

كوريا الشمالية تطلق 23 صاروخًا... وسيول تعُد ذلك غزوًا لأراضيها

السياق

في تطور خطير، أطلقت كوريا الشمالية 23 صاروخًا على الأقل الأربعاء، سقط أحدها قرب المياه الإقليمية الكورية الجنوبية، ما استدعى ردًا من سيول، إذ ندد الرئيس يون سوك-يول بـ"اجتياح أرضي بحكم الواقع".

كذلك أطلقت وابلًا من القذائف المدفعية باتّجاه "المنطقة العازلة" البحرية، في إطار ما وصفه خبراء بأنه جزء من رد "عدواني ويمثّل تهديدًا"، من بيونغ يانغ على المناورات العسكرية الجوية المشتركة واسعة النطاق، التي تجريها الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.

واجتاز صاروخ بالستي قصير المدى، نُسب إلى كوريا الشمالية، خط الحدود الشمالي، الذي يشكل الحدود البحرية بين البلدين، ما أطلق إنذارًا بحصول غارة جوية، فطلب من سكان جزيرة أولونغدو الكورية الجنوبية النزول إلى ملاجئ تحت الأرض.

وأفاد الجيش الكوري الجنوبي بأنها "المرة الأولى منذ انقسام شبه الجزيرة" الكورية مع توقف معارك الحرب الكورية عام 1953 التي يسقط فيها صاروخ كوري شمالي على هذه المسافة القريبة من المياه الإقليمية لكوريا الجنوبية.

وشدد يون على أن "الاستفزاز الكوري الجنوبي يشكل اجتياحًا أرضيًا بحكم الواقع، لصاروخ اجتاز خط الحدود الشمالي، للمرة الأولى منذ الانقسام" على ما جاء في بيان للرئاسة.

وسقط الصاروخ الأقرب إلى الحدود الكورية الجنوبية، في مياه تقع على بعد 57 كيلومترًا شرقي البر الرئيس لكوريا الجنوبية، على ما أوضح جيش سيول، الذي أكد أن ما حصل "كان نادرًا جدًا ولا يمكن قبوله".

وأعلن الجيش الكوري الجنوبي أن بيونغ يانغ أطلقت سبعة صواريخ بالستية قصيرة المدى و16 صاروخًا، آخر ستة منها صواريخ أرض-جو.

كذلك، أطلقت وابلاً من القذائف المدفعية باتّجاه "منطقة عازلة" في البحر أقيمت عام 2018 في مسعى لخفض حدة التوتر بين البلدين، خلال فترة حراك دبلوماسي لم تأتِ بنتيجة.

 

استفزازات كوريا

وقال الباحث لدى "معهد آسيان للدراسات السياسية" غو ميونغ-هيون إن سلسلة عمليات الإطلاق مثّلت "استفزازات ضد كوريا الجنوبية"، مضيفًا: "لن أفاجأ إذا أدت إلى اختبار نووي".

بدورها، أعلنت كوريا الجنوبية أنها أطلقت ثلاثة صواريخ أرض-جو في البحر باتّجاه شمال الحدود البحرية بين البلدين.

ودعا الرئيس يون إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي، وأمر باتخاذ تدابير "سريعة وصارمة لكي تؤدي الاستفزازات الكورية الشمالية إلى ثمن واضح" بالنسبة لبيونغ يانغ.

وأغلقت كوريا الجنوبية بعض الممرات الجوية فوق بحر الشرق المعروف أيضًا ببحر اليابان، ووجّهت خطوط الطيران المحلية إلى تغيير مساراتها "لضمان سلامة الركاب المتجّهين إلى الولايات المتحدة واليابان".

من جهتها، دعت روسيا -الأربعاء- إلى التهدئة. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين: "نحث جميع الأطراف للمحافظة على الهدوء... على جميع أطراف هذا النزاع تجنُّب اتّخاذ أي خطوات من شأنها أن تؤدي إلى زيادة التوتر".

 

العاصفة اليقظة

يأتي إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية، بينما تنظم سيول وواشنطن أكبر تدريب عسكري جوي مشترك في تاريخهما باسم "العاصفة اليقظة" (Vigilant Storm) التي تشارك فيها مئات الطائرات الحربية من الجيشين.

ووصف الماريشال باك جونغ شون، سكرتير حزب العمال الحاكم في كوريا الشمالية، هذه التدريبات بأنها "استفزازية وعدائية" على ما جاء في تقرير نشرته -الأربعاء- الصحافة الرسمية الكورية الشمالية.

وأضاف أن هذه المناورات تذكر بـ"عاصفة الصحراء" وهو الاسم الذي أطلق على العمليات العسكرية لتحالف قادته الولايات المتحدة ضد العراق عامي 1990 و1991 بعد غزوه الكويت.

وقال باك، على ما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية كاي سي إن إيه، "حال حاولت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية استخدام القوات المسلحة ضد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية فإن الوسائل الخاصة في القوات المسلحة (لكوريا الشمالية) ستنجز مهمتها الاستراتيجية فورًا".

وأضاف باك: "ستواجه الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية عندها وضعًا رهيبًا، وستدفعان أفظع ثمن في التاريخ".

 

وضع خطير

وقال شيونغ سيونغ-تشانغ، الباحث في مؤسسة سيجونغ إن الصواريخ التي أطلقتها كوريا الشمالية –الأربعاء- تشكل "أكثر عرض قوة عدائية وتهديدًا على الجنوب منذ عام 2010". وأوضح لوكالة فرانس برس: "الوضع خطير وغير مستقر وقد يفضي إلى نزاع مسلّح".

وفي مارس 2010 فجرت غواصة كورية شمالية طرادًا كوريًا جنوبيًا، ما أدى إلى قتل 46 بحارًا كان 16 منهم في الخدمة العسكرية الإلزامية.

وفي نوفمبر من السنة نفسها، قصفت بيونغ يونغ جزيرة كورية جنوبية حدودية، ما أدى إلى قتل جنديين شابين.

جاء إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية –الأربعاء- بعد سلسلة من عمليات الإطلاق وصفتها بيونغ يانغ بأنها تدريبات نووية تكتيكية.

وتحذر واشنطن وسيول -بشكل متكرر- من أن بيونغ يانغ قد تجري تجربة نووية جديدة، ستكون السابعة في تاريخها.

وقال بارك وون-غون، الأستاذ في جامعة أوها لوكالة فرانس برس: "يبدو أن بوينغ يانغ أنجزت أقوى إجراء ردع... هذا تهديد خطير".

وتتزامن عمليات إطلاق الصواريخ الكورية الشمالية مع فترة حداد وطني تعيشها جارتها الجنوبية، بعد قتل أكثر من 150 شخصًا، معظمهم شابات في العشرينات، بتدافع وقع في سيول السبت.

وقال أستاذ في جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول، يدعى يانغ مو-جين لـ "فرانس برس": إن ذلك يكشف "أولويات كوريا الشمالية الواضحة".

وأضاف: "ترى بيونغ يانغ على الأرجح أن لا سبب لديها لأخذ مأساة إتايوان (الشارع حيث وقع التدافع) في الاعتبار، إذ إن أكبر مناورات جوية على الإطلاق بين سيول وواشنطن، تجرى في جميع الأحوال".