ما مصير اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل حال عودة نتنياهو إلى السلطة؟

اتفاق ترسيم الحدود يواجه شبح اتفاقيات أوسلو... ماذا يعني فوز نتنياهو؟

ما مصير اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل حال عودة نتنياهو إلى السلطة؟

السياق

بعد أيام من توقيع اتفاق ترسيم الحدود «التاريخي» بين لبنان وإسرائيل، ووسط إشادة البلدين بالتوصل لهذه النقطة من التفاهم، بدا الاتفاق مهددًا بنقضه.

ووقعت لبنان وإسرائيل في 18 أكتوبر الماضي، اتفاقًا بوساطة أمريكية لترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها، بعد مفاوضات شاقة، أفضت إلى تسوية «تاريخية» بين دولتين، كانت فترات الحروب بينهما أكثر من السلام.

إلا أنه بعد أيام من ذلك الاتفاق، الذي لم يجف الحبر الذي كتب به، يبدو أنه في طريقه إلى التلاشي، خاصة بعد أن أظهرت النتائج الأولية للانتخابات الإسرائيلية، أن حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو وحلفاؤه المحتملون من الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة، يتجهون لتحقيق أغلبية حاكمة في البرلمان.

فبعد فرز ما يقرب من 70% من أصوات الناخبين في انتخابات هي الخامسة، التي تشهدها إسرائيل في أقل من أربع سنوات، منحت النتائج الأولية لفرز أصوات الناخبين، نتنياهو أفضلية حصرية لتشكيل الحكومة بحصول معسكره على ما لا يقل عن 65 من مقاعد الكنيست الـ 120.

 

ماذا يعني ذلك؟

بهتاف «الملك»، استقبل نتنياهو اللحظة التي طالما انتظرها منذ مطلع عام 2019، بابتسامة خفيفة على وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، الذي ظلت قبضته القوية على حزبه «الليكود» الذي قرر أن يكون مرشحه لرئاسة الحكومة من دون منازع.

وتتويجًا لثلاثة أعوام، بدت جهود رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق تؤتي أكلها، بعد ترشيح حزبه له لخوض الانتخابات، ومن ثم فوزه وتحالفه بالأغلبية في البرلمان، ما يتيح له إجراء أي تعديلات على اتفاقيات يراها لا تصب في صالح بلاده.

وبعودة نتنياهو، تخوف اللبنانيون والإسرائيليون المؤيدون لاتفاق ترسيم الحدود، من أن يتجه رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق لنقضه، خاصة أنه انتقده كثيرًا، عادًا إياه خضوعًا لحزب الله.

تلك التخوفات زادت وتيرتها الأسبوع الماضي، إثر تصدره استطلاعات الرأي، وتصريحاته التي تلت ذلك، التي تعهد فيها بـ«تحييد» اتفاق الحدود البحرية، الذي وقع حديثًا مع لبنان، إذا استعاد منصبه في الانتخابات.

وقال نتنياهو لراديو الجيش «غالاتس»: سأتصرف كما فعلت مع اتفاقات أوسلو، مشيرًا إلى الاتفاقية الدبلوماسية في حقبة التسعينيات، التي أيدت إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهي النتيجة التي عارضها معظم حياته المهنية، وأكد أنه في عهده «لم يتم إلغاء اتفاقيات أوسلو بل تحييدها».

ويضع اتفاق الحدود البحرية، الذي تفاوض عليه رئيس الوزراء المؤقت يائير لابيد، نهاية لنزاع حدودي طويل الأمد.

وبموجب الشروط النهائية، تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على حقل غاز كاريش، الذي بدأ العمل.

ويمنح خط الترسيم السيطرة على حقل غاز قانا المجاور للبنان، رغم أن إسرائيل ستحتفظ بحصة في تطويرها وستتلقى مدفوعات أرباح من شركة تأجير قانا.

وقال لابيد عن الاتفاق، إنه سيعزز أمن إسرائيل، ويضخ المليارات في الاقتصاد الإسرائيلي، ويضمن استقرار حدودنا الشمالية.

وكجزء من الاتفاقية، قدمت إدارة بايدن ضمانات أمنية مكتوبة لحكومة لابيد، مؤكدة الدعم الأمريكي حال خرق لبنان أو حزب الله الصفقة.

كما يتعهد خطاب الضمان بدعم الجهود المبذولة، لمنع وصول أرباح الجانب اللبناني إلى أيدي حزب الله.

 

ماذا عن خرق إسرائيل للاتفاقية؟

ذلك التساؤل أجاب عنه رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، الأربعاء، مشيرًا إلى أن لبنان لا يخشى على اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل إذا فاز نتنياهو.

وقال ميقاتي في تصريحات لوكالة رويترز، إن الضمانات الأمريكية ستحمي اتفاق الحدود البحرية مع إسرائيل، حال فوز رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بأغلبية في الانتخابات.

وبينما قال الوسيط الأمريكي في اتفاق ترسيم الحدود عاموس هوكشتاين، لحظة التوقيع، إنه يتوقع صمود الاتفاق في مواجهة الانتخابات الإسرائيلية وانتقال السلطة إلى رئيس جديد في لبنان، أبدى ميقاتي -كذلك- ثقته بصمود الاتفاق.

وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال، إن «بلاده لا تخشى تغيير السلطة في إسرائيل، إن فاز نتنياهو أو غيره»، مشيرًا إلى أنه «لا أحد باستطاعته أن يقف في وجه هذا الموضوع».

ميقاتي قال إن «الاتفاق أصبح في عهدة الأمم المتحدة»، مشيرًا إلى أن لبنان ملتزم بهدا الاتفاق الذي أودع في الأمم المتحدة (...) لا نعتقد أن أحدًا يمكن أن يزيح قيد أنملة هذا الموضوع».

وعن وجود بند جزائي في النص، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال: إنه «ليس لدينا بند جزائي، هناك الأمم المتحدة وكفالة الولايات المتحدة بتنفيذ هذا الاتفاق، صار في عهدتهم. لا شيء مباشر بين البلدين (...) نحن أودعنا... والولايات المتحدة هي الكفيلة، وبإذن الله ما في مشكلة».

 

نسخة أممية

كانت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، قالت في 27 أكتوبر الماضي، إن الأمم المتحدة تسلمت نسخة من الاتفاق والإحداثيات البحرية الموقعة من البلدين في مقر البعثة الأممية في الناقورة.

وبينما وصفت توقيع الاتفاق، بأنه «إنجاز تاريخي على مستويات عدة»، أكدت المسؤولة الأممية أنها ستودع وثائق الترسيم لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

وأعربت عن أملها بأن يكون الاتفاق خطوة لبناء الثقة لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتأمين المنافع الاقتصادية للبلدين، شددت على أن الاتفاق يفتح صفحة جديدة للبنان، بما قد يساعد في زخم إيجابي لبناء توافق على المصلحة الوطنية للبلاد.