في تحد لأمريكا.. سوريا تنضم إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية
دخول سوريا المبادرة كان متوقعًا، حيث برزت بكين في وقت مبكر كواحدة من الدول المؤيدة سياسيًا للرئيس السوري بشار الأسد، عندما اندلع الصراع في البلاد عام 2011

ترجمات - السياق
ذكرت مجلة نيوزويك الأمريكية، أن انضمام سوريا رسميًا إلى مبادرة "الحزام والطريق التجارية الصينية العابرة للقارات، تحدٍ واضح للعقوبات الأمريكية الصارمة، على أمل تأمين شريان حياة للاستثمار المربح في بلد لا يزال يتمزق، بسبب الحرب التي دخلت عامها الحادي عشر.
كان رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي السوري، فادي الخليل، وقَّع مع السفير الصيني في سوريا، فنغ بياو، مذكرة تفاهم في إطار مبادرة "الحزام والطريق".
وقال تقرير نشرته وكالة الأنباء السورية، إن هذه الخطوة من شأنها الإسهام في فتح آفاق واسعة من التعاون، مع الصين وعدد من الدول الشريكة بالمبادرة، في إطار تبادل السلع والتكنولوجيا ورؤوس الأموال، وتنشيط حركة الأفراد إلى جانب التبادل الثقافي.
وأوضحت المجلة، أن الصين ضمت نحو 150 دولة، أو أكثر من ثلاثة أرباع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى مبادرة الحزام والطريق، مشيرة إلى أن نحو 32 منظمة دولية تشارك في شبكة من المشاريع، التي تعود بالتجارة والاستثمار في جميع أنحاء العالم.
دول مؤسسة
وأشارت "نيوزويك" إلى أن المبادرة حصلت على اسمها من طريق الحرير القديم، الذي كان يمر عبر آسيا، حيث كان الشرق الأوسط ملتقى طرق إلى إفريقيا وأوروبا.
وعن ذلك، حسب المجلة الأمريكية، أوضح خليل أن "سوريا كانت من الدول المؤسسة لطريق الحرير القديم، خصوصًا مدينتي حلب وتدمر، لذا فإننا سنحيي هذا الطريق من خلال الانضمام إلى هذه المبادرة"، مشيرًا إلى أن الصفقة ستسهم في "تعزيز التعاون المشترك بين البلدين الصديقين".
ورأت المجلة أن "دخول سوريا المبادرة كان متوقعًا، حيث برزت بكين في وقت مبكر كواحدة من الدول المؤيدة سياسيًا للرئيس السوري بشار الأسد، عندما اندلع الصراع في البلاد عام 2011".
وبرهنت على تحليلها بالقول: الصين وروسيا استخدمتا حق النقض في مجلس الأمن مرات عدة، لمنع التدخل الغربي ضد الزعيم السوري، بعد أشهر من الامتناع عن ذلك في ليبيا، حيث أطيح الزعيم الراحل معمر القذافي، وقُتل على يد المسلحين المدعومين من "الناتو".
وأشارت إلى أن علاقات بكين استمرت مع دمشق، حتى بعد أن قطعت قوى إقليمية أخرى علاقاتها وسيطر تمرد مدعوم في البداية من الولايات المتحدة والدول الشريكة، على جزء كبير من سوريا.
غير عسكرية
وتقول "نيوزويك": رغم أن الصين لم تعرض دعمًا عسكريًا علنيًا للحكومة السورية كما فعلت روسيا وإيران، فإنها عرضت استثمارات منخفضة النطاق ومساعدات إنسانية، وأظهرت اهتمامًا متزايدًا بالمساعدة في إعادة بناء البلاد، مع عودة الاستقرار إلى مناطق واسعة استعادتها الحكومة.
وأوضحت أن أهمية هذه المساعدات، ازدادت مع انهيار الاقتصاد السوري في الأعوام الأخيرة، خصوصًا مع فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة أشد قسوة، ردًا على مزاعم بارتكاب جرائم الحرب التي اتهم بها الأسد.
وتعليقًا على أهمية هذا التقارب في هذا التوقيت، نقلت المجلة، عن الخبير والأكاديمي السوري، كرم الشعار، قوله: بكين لديها الكثير لتقدمه لدمشق، ولا تزال هناك مخاطر كبيرة عندما يتعلق الأمر بممارسة الأعمال التجارية، في بيئة اقتصادية وأمنية غير مستقرة في سوريا.
لكن "الجغرافيا الاستراتيجية لسوريا، بوقوعها في الموقع الاستراتيجي نفسه، الذي جلب طريق الحرير إليها في العصور القديمة، محيرة، كتأمين شريك سياسي آخر يتماشى مع رؤية الصين العالمية الأوسع".
وقال الشعار: "الآن يمكنك أن ترى أن بعض الدعم الذي يقدمه بشار الأسد للصين، نوع من الدعم التجميلي، لكنه لا يزال مفيدًا على الصعيد السياسي، لذا فإن سوريا، على سبيل المثال، تقف إلى جانب الصين عندما يتعلق الأمر بمشكلة هونج كونج ، أو تايوان".
دلائل الاتفاق
وترى "نيوزويك" أن الدلائل على أن اتفاقًا صينيًا سوريًا محتملًا سيوقَّع قريبًا، ظهرت العام الماضي عندما زار وزير الخارجية الصيني وانغ يي دمشق في يونيو الماضي، واتصل الرئيس الصيني شي جين بينغ بالأسد في نوفمبر 2021، مشيرة إلى أنه صاحب هذه الاتصالات إعلان بتضامن كل منهما مع الآخر في القضايا العالمية الرئيسة، بما في ذلك الخلافات مع واشنطن.
وأمام هذا التقدم في العلاقات، نشرت السفارة الصينية في دمشق ملخصًا لمقابلة أجراها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ونائب وزير الخارجية بشار الجعفري مع وسائل إعلام صينية، إذ انتقدا نهج الولايات المتحدة في التفرد بالقرار الدولي، كما انتقدا "قمة الديمقراطية" التي عقدها الرئيس الأمريكي جو بايدن الشهر الماضي.
وأشارت السفارة الصينية، إلى أن مقداد والجعفري، قالا خلال هذه اللقاءات مع وسائل إعلام صينية: "الديمقراطية الأمريكية زائفة وأنانية ورأسمالية"، وأدانا ما تسمى "قمة زعماء الديمقراطية" التي عقدتها الولايات المتحدة لممارستها الهيمنة باسم الديمقراطية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم انقسام المجتمع الدولي.
بينما في المقابل -حسب السفارة الصينية- أشاد الرجلان "بمفهوم الديمقراطية الشعبية الذي طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ، والإنجازات العظيمة التي حققتها الصين في الممارسة الديمقراطية تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، طوال السنوات الأخيرة، التي تستحق التعلُّم".
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان في مؤتمر صحفي الشهر الماضي: "على مدى العقدين الماضيين، شن الجيش الأمريكي أكثر من 90 ألف غارة جوية في دول أخرى، ما أدى إلى مقتل نحو 48 ألف مدني".
وأضاف: "قُتل ما يصل إلى 1600 مدني في الحملة الجوية الأكثر دقة في التاريخ بالرقة في سوريا وحدها، إذ حصد الرصاص والمتفجرات والصواريخ الأمريكية عشرات الآلاف من الأرواح البريئة وشرَّد مئات الآلاف".