إلى أي مدى تقترب إيران من امتلاك سلاح نووي؟
زمن تحقيق طهران لاختراق تقلَّص لكن العقبات التكنولوجية لا تزال قائمة

ترجمات - السياق
تساءلت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، عن مدى اقتراب إيران من امتلاك سلاح نووي، قائلة إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حذرت من أن طهران على وشك إنتاج وقود يكفي لصنع قنبلة نووية، لكن هناك عددًا من العقبات التكنولوجية الحاسمة، على الأخيرة التغلب عليها، أولاً للحصول على برنامج أسلحة نووية يعمل بكل طاقته.
وأضافت المجلة، في تقرير، أنه يتعين على إيران تطوير ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب، اللازم في صُنع الأسلحة، للتوصل إلى قنبلة نووية أو أكثر، ولتطوير نظام صاروخي بالستي قادر على إيصال متفجرات نووية إلى هدفها، كما يجب إجراء اختبار لمعرفة ما إذا كانت المادة المتفجرة تعمل بالفعل أم لا.
محادثات فيينا
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن الوقت الذي ستستغرقه إيران، للسيطرة على هذه التحديات، أصبح أكثر إلحاحاً في الوقت الذي تجتمع فيه مع الولايات المتحدة والعديد من القوى الأخرى هذا الشهر في فيينا، في محاولة أخيرة لإحياء الاتفاق النووي التاريخي لعام 2015 والمعروف باسم خطة العمل المشتركة الشاملة، الذي صدَّق عليه الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (المملكة المتحدة، والصين، وفرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة) وكذلك ألمانيا والاتحاد الأوروبي، ووعدوا بتخفيف العقوبات على إيران، مقابل الحصول على تأكيدات بأن برنامجها النووي سلمي.
ونقلت المجلة عن مسؤول أميركي بارز، تحدث بشرط عدم كشف هويته، قوله إن "محادثات فيينا حققت بعض التقدم في الأسابيع الأخيرة، لكن ذلك ليس كافياً لتبرير أن تبقى المفاوضات مفتوحة"، مضيفاً أن "الوتيرة التي تتقدم بها المحادثات لا تواكب وتيرة التقدم النووي الإيراني".
وحذر المسؤول من أنه "إذا استمرت المحادثات خلال الأسابيع المقبلة بالوتيرة المتباطئة الحالية، قد يتعين على واشنطن إعادة النظر في أهمية هذا الاتفاق، واتخاذ قرار بتصحيح المسار".
تقدم نووي
وقالت "فورين بوليسي" إن المسؤولين في إسرائيل والولايات المتحدة، سعوا إلى إبطاء التقدم النووي الإيراني عن طريق تخريب بنيتها التحتية النووية، بما في ذلك عن طريق اختراق أجهزة الكمبيوتر، التي تشغل أجهزة الطرد المركزي، التي تقوم بعملية تخصيب اليورانيوم، كما يُشتبه أيضاً في اغتيال تل أبيب العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في نوفمبر 2020، لكن هذه الجهود فشلت في منع طهران من اتخاذ خطوات كبيرة في برنامجها النووي.
ورصدت المجلة، المعلومات التي قالت إنها توفرت لديها عن جدول إيران الزمني لتخصيب الوقود المستخدم في صُنع الأسلحة، وتصميم رأس حربي وتحميله على صاروخ بالستي قادر على ضرب أهداف في الشرق الأوسط.
وأوضحت أن الفترة التي تحتاجها إيران لتحقيق اختراق، تقلصت بشكل كبير، مشيرة إلى أنه مع فرض قيود خطة العمل المشتركة الشاملة، قدرت الولايات المتحدة عام 2015 أن طهران ستستغرق 12 شهراً لإنتاج وقود نووي كافٍ لصُنع قنبلة، إذا قررت التخلي عن الصفقة والسعي للحصول على سلاح، لكن اليوم تقلص هذا التقدير إلى نحو شهر، حيث ركبت طهران أجهزة طرد مركزي أكثر تقدماً في مراكزها النووية، وتخصب اليورانيوم بجودة أعلى بكثير مما يسمح به الاتفاق النووي الأصلي، كما قيَّدت وصول المفتشين الدوليين إلى المنشآت النووية.
طرد مركزي
وذكرت "فورين بوليسي" أنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، عمدت إيران إلى تخصيب اليورانيوم بمستويات أعلى، وفي يوليو 2019، بدأت تخصيب ما يصل إلى 5% وإلى 20% في يناير 2021 وإلى 60% في أبريل 2021، وهو المستوى الذي يجعلها على بُعد خطوة صغيرة نسبياً من إنتاج وقود نووي قادر على صُنع الأسلحة".
وأضافت أنه لتسريع وتيرة التخصيب، ركبت إيران آلاف أجهزة الطرد المركزي المتطورة، القادرة على تخصيب اليورانيوم بجودة أعلى في منشأتي نطنز وفوردو، رغم أنها ممنوعة من تخصيب اليورانيوم في المنشأة الأخيرة بموجب الاتفاق النووي، ومنذ نوفمبر 2021، بات لدى طهران مخزون من اليورانيوم المخصب يبلغ نحو 2313.4 كيلوجرام، بما في ذلك 1.622.3 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 5%، و 113.8 كيلوجرام مخصب حتى 20%، و 17.7 كيلوجرام مخصب بنسبة 60%".
ونقلت المجلة، عن مؤسس معهد العلوم والأمن الدولي ديفيد أولبرايت، قوله إن إيران حصلت على ما يكفي من اليورانيوم لإنتاج ما لا يقل عن 45 كيلوجراماً من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 90% وهو وقود يستخدم في صُنع الأسلحة لإنتاج قنبلة نووية في وقت قصير، مضيفاً أنه في غضون أشهر يمكن أن تنتج البلاد وقوداً يكفي لقنبلتين أخريين، كما يقدر أنه في غضون ستة أشهر قد تكون إيران في وضع يمكنها من اختبار قنبلة نووية.
وتابع: "هذا يدعو للقلق لأن إنتاج الوقود الذي يستخدم في صُنع الأسلحة النووية، من أصعب الإنجازات التقنية اللازمة لامتلاك قنبلة نووية".
أسلحة نووية
ويقول بعض خبراء حظر الانتشار النووي: صحيح أن الأمر قد يكون كذلك، لكن الوقود النووي وحده لا يصنع ترسانة أسلحة نووية، وفي مقابلة أجرتها المجلة مؤخراً مع المفاوض النووي الروسي ميخائيل أوليانوف قال: "جملة وقت الاختراق هذه مفهوم أمريكي، لكننا لا نستخدم هذا المفهوم".
ورأت المجلة أنه لا يزال هناك غموض كبير بالوقت الذي تستغرقه إيران لتطوير رأس حربي نووي فعّال، حيث أنكرت طهران أن لديها أي نية لامتلاك سلاح نووي، كما أصدر المرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي فتوى عام 2003 تحظر استخدام الأسلحة النووية، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت صحة تقارير تفيد بأن إيران كانت تعمل على تطوير برنامج أسلحة نووية حتى عام 2003.
وتقدر الحكومة الإسرائيلية، أن إيران ستحتاج ما بين عام وعامين حتى تكون قادرة على إنتاج سلاح نووي، ويقول المسؤول الأمريكي البارز الذي تحدثت معه المجلة، إن إدارة بايدن "لن تجادل في أن الجدول الزمني للحصول على سلاح، أطول من ذلك، لكن لدينا ثقة أكبر بقدرتنا على التتبع ومعرفة ما يحدث عندما يتعلق الأمر بالتخصيب".
ولفتت المجلة إلى أن طهران تمتلك أحد أكثر برامج الصواريخ البالستية تطوراً في الشرق الأوسط، قائلة إن هذه الصواريخ تلعب دوراً حاسماً في أي برنامج أسلحة نووية، ولدى إيران سنوات من الخبرة في تطويرها.
ونقلت "فورين بوليسي" عن الزميل المشارك في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لشؤون منع الانتشار النووي مارك فيتزباتريك قوله: "يجب أن يكون هناك شعور بالإلحاح، لكن إذا لم تُبرم صفقة بحلول منتصف فبراير المقبل، لن أرى حينها أن علينا الذهاب إلى الخيار البديل، أو العمل العسكري، لأنه لا يزال هناك وقت للدبلوماسية".